فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل استقبال القبلة

( قَولُهُ بَابُ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ إِلَخْ)
تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ قَبْلُ كَمَا تَرَى خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ ذِكْرِ ابْتِدَاءِ فَرْضِ الصَّلَاةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا فَإِنْ أَضَفْتَ إِلَيْهَا حَدِيثَيِ التَّرْجَمَتَيْنِ المذكورتين صَارَت أحدا وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهَا وَفِيمَا تَقَدَّمَ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَفِيهَا مِنَ الْمُعَلَّقَاتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَإِنْ أَضَفْتَ إِلَيْهَا الْمُعَلَّقَ فِي التَّرْجَمَةِ الثَّانِيَةِ صَارَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا عَشَرَةٌ مِنْهَا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ مُكَرَّرَةٌ وَأَرْبَعَةٌ لَا تُوجَدُ فِيهِ إِلَّا مُعَلَّقَةً وَهِيَ حَدِيثُ سَلَمَةَ بن الْأَكْوَع يزره وَلَو بشوكة وَأَحَادِيث بن عَبَّاس وجرهد وبن جَحْشٍ فِي الْفَخِذِ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى جَمِيعِهَا سِوَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَسِوَى حَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِرَامٍ لِعَائِشَةَ وَحَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَمْرِ بِمُخَالَفَةِ طَرَفَيِ الثَّوْبِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَثَرًا كُلُّهَا مُعَلَّقَةٌ إِلَّا أَثَرَ عُمَرَ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فوسعوا على أَنفسكُم فَإِنَّهُ مَوْصُول قَولُهُ بَابُ فَضْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ يَعْنِي السَّاعِدِيَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدُ مَوْصُولًا من حَدِيثه وَالْمرَاد بأطراف رجلَيْهِ رُؤُوس أَصَابِعِهَا وَأَرَادَ بِذِكْرِهِ هُنَا بَيَانُ مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ بِجَمِيعِ مَا يُمْكِنُ مِنَ الْأَعْضَاءِ



[ قــ :387 ... غــ :391] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ وَمَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ ثُمَّ هَاءٍ مُنَوَّنَةٍ وَيَجُوزُ تَرْكُ صَرْفِهِ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَعْنَاهُ الْأَسْوَدُ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ .

     قَوْلُهُ  ذِمَّةُ اللَّهِ أَيْ أَمَانَتُهُ وَعَهْدُهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَا تُخْفِرُوا بِالضَّمِّ مِنَ الرُّبَاعِيِّ أَيْ لَا تَغْدِرُوا يُقَالُ أَخَفَرْتُ إِذَا غَدَرْتُ وَخَفَرْتُ إِذَا حَمَيْتُ وَيُقَالُ إِنَّ الْهَمْزَةَ فِي أَخَفَرْتُ لِلْإِزَالَةِ أَيْ تَرَكْتُ حِمَايَتَهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ وَلَا رَسُولِهِ وَحُذِفَ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ أَوْ لِاسْتِلْزَامِ الْمَذْكُورِ الْمَحْذُوفِ وَقَدْ أَخَذَ بِمَفْهُومِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَلَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ شَأْنِ الْقِبْلَةِ وَذَكَرَ الِاسْتِقْبَالَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِلتَّنْوِيهِ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ مِنْ شُرُوطِهَا وَفِيهِ أَنَّ أُمُورَ النَّاسِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الظَّاهِرِ فَمَنْ أَظْهَرَ شِعَارَ الدِّينِ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ أَهْلِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِلَافُ ذَلِك



[ قــ :388 ... غــ :39] قَوْله حَدثنَا نعيم هُوَ بن حَمَّادٍ الْخُزَاعِيُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي قَالَ بن الْمُبَارَكِ بِغَيْرِ ذِكْرِ نُعَيْمٍ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمٍ مَوْصُولًا فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَتَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ مُوسَى وَسَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ وَغَيْرُهُمَا عَن بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرِ الرِّسَالَةَ وَهِيَ مُرَادَةٌ كَمَا تَقُولُ قَرَأْتُ الْحَمْدُ وَتُرِيدُ السُّورَةَ كُلَّهَا وَقِيلَ أَوَّلُ الْحَدِيثِ وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ جَحَدَ التَّوْحِيدَ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ صَارَ كَالْمُوَحِّدِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَحْتَاجُ إِلَى الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فَلِهَذَا عَطَفَ الْأَفْعَالَ الْمَذْكُورَةَ عَلَيْهَا فَقَالَ وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا إِلَخْ وَالصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِلشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ وَحِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنَ الْأَفْعَالِ أَنَّ مَنْ يُقِرَّ بِالتَّوْحِيدِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنْ صَلَّوْا وَاسْتَقْبَلُوا وَذَبَحُوا لَكِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ مِثْلَ صَلَاتِنَا وَلَا يَسْتَقْبِلُونَ قِبْلَتَنَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْبَحُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَأْكُلُ ذَبِيحَتَنَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا وَالِاطِّلَاعُ عَلَى حَالِ الْمَرْءِ فِي صَلَاتِهِ وَأَكْلِهِ يُمْكِنُ بِسُرْعَةٍ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ .

     قَوْلُهُ  فَقَدْ حَرُمَتْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِالتَّشْدِيدِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَائِرُ مَبَاحِثِهِ فِي بَابِ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن الْمَدِينِيِّ وَفَائِدَةُ إِيرَادِ هَذَا الْإِسْنَادِ تَقْوِيَةُ رِوَايَةِ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ لِمُتَابَعَةِ حُمَيْدٍ لَهُ .

     قَوْلُهُ  وَمَا يُحَرِّمُ بِالتَّشْدِيدِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ قَبْلَ هَذَا وَعَنْ هَذَا وَالْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ وَسَقَطَتْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِ حُمَيْدٍ سَأَلَ مَيْمُونٌ أَنَسًا التَّصْرِيحَ بِكَوْنِهِ حَضَرَ ذَلِكَ عَقِبهُ بِطَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الَّتِي فِيهَا تَصْرِيحُ حُمَيْدٍ بِأَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ دَلَّسَهُ وَلِتَصْرِيحِهِ أَيْضًا بِالرَّفْعِ وَإِنْ كَانَ لِلْأُخْرَى حِكْمَةٌ وَقَدْ رَوَيْنَا طَرِيقَ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ مَوْصُولَةً فِي الْإِيمَانِ لِمُحَمَّدِ بْنِ نصر وَلابْن مَنْدَه وَغَيرهمَا من طَرِيق بن أَبِي مَرْيَمَ الْمَذْكُورِ وَأَعَلَّ الْإِسْمَاعِيلِيُّ طَرِيقَ حُمَيْدٍ الْمَذْكُورَةَ فَقَالَ الْحَدِيثُ حَدِيثُ مَيْمُونٍ وَحُمَيْدٌ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا قَالَ وَحَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ يَعْنِي فِي التَّصْرِيحِ بِالتَّحْدِيثِ قَالَ لِأَنَّ عَادَةَ الْمِصْرِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ ذِكْرُ الْخَبَرِ فِيمَا يَرْوُونَهُ.

قُلْتُ هَذَا التَّعْلِيلُ مَرْدُودٌ وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمْ يُوثَقْ بِرِوَايَةِ مُدَلِّسٍ أَصْلًا وَلَوْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ وَرِوَايَةُ مُعَاذٍ لَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى أَنَّ حُمَيْدًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَنَسٍ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ أَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ أَنَسٍ ثُمَّ يَسْتَثْبِتَ فِيهِ مِنْ مَيْمُونٍ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ كَانَ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ حَقِيقًا بِضَبْطِهِ فَكَانَ حُمَيْدٌ تَارَةً يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَنَسٍ لِأَجْلِ الْعُلُوِّ وَتَارَةً عَنْ مَيْمُونٍ لِكَوْنِهِ ثَبَّتَهُ فِيهِ وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ حُمَيْدٍ بِهَذَا يَقُولُ حَدَّثَنِي أَنَسٌ وَثَبَّتَنِي فِيهِ ثَابِتٌ وَكَذَا وَقع لغير حميد