فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب أصحاب الحراب في المسجد

( قَولُهُ بَابُ أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ)
الْحِرَابُ بِكَسْرِ الْمُهْمِلَةِ جَمْعُ حَرْبَةٍ وَالْمُرَادُ جَوَازُ دُخُولِهِمْ فِيهِ وَنِصَالُ حِرَابِهِمْ مَشْهُورَةٌ وَأَظُنُّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى تَخْصِيصِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ بِالنَّصْلِ غَيْرِ مَغْمُودٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّحَفُّظَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ صُورَةُ اللَّعِبِ بِالْحِرَابِ سَهْلٌ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْمُرُورِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ بَغْتَةً فَلَا يُتَحَفَّظُ مِنْهُ قَوْله فِي الْإِسْنَاد



[ قــ :445 ... غــ :454] عَن صَالح هُوَ بن كَيْسَانَ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِي بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فِيهِ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِد وَحكى بن التِّينِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ اللَّعِبَ بِالْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ مَنْسُوخٌ بِالْقُرْآنِ وَالسَّنَةِ أَمَّا الْقُرْآنُ فَ.

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن ترفع.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ فِيهِ وَلَا فِي الْآيَةِ تَصْرِيحٌ بِمَا ادَّعَاهُ وَلَا عُرِفَ التَّارِيخُ فَيَثْبُتُ النَّسْخُ وَحَكَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَعِبَهُمْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَكَانَتْ عَائِشَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا لَا يَثْبُتُ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا صُرِّحَ بِهِ فِي طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ لَعِبَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمْ وَاللَّعِبُ بِالْحِرَابِ لَيْسَ لَعِبًا مُجَرَّدًا بَلْ فِيهِ تَدْرِيبُ الشُّجْعَانِ عَلَى مَوَاقِعِ الْحُرُوبِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْعَدُوِّ.

     وَقَالَ  الْمُهَلِّبُ الْمَسْجِدُ مَوْضُوعٌ لِأَمْرِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَمَا كَانَ مِنَ الْأَعْمَالِ يَجْمَعُ مَنْفَعَةَ الدِّينِ وَأَهْلِهِ جَازَ فِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ النَّظَرِ إِلَى اللَّهْوِ الْمُبَاحِ وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ وَكَرْمِ مُعَاشَرَتِهِ وَفَضْلُ عَائِشَةَ وَعَظِيمُ مَحَلِّهَا عِنْدَهُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فِي بَابِ حُجْرَتِي عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي .

     قَوْلُهُ  يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُلِ وَأَجَابَ بَعْضُ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذْ ذَاكَ صَغِيرَةً وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَادَّعَى بَعْضُهُمَ النَّسْخَ بِحَدِيثِ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ وَسَيَأْتِي لِلْمَسْأَلَةِ مَزِيدُ بَسْطٍ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ يُرِيدُ أَنَّ إِبْرَاهِيم رَوَاهُ من رِوَايَة يُونُس وَهُوَ بن يزِيد عَن بن شِهَابٍ كَرِوَايَةِ صَالِحٍ لَكِنْ عَيَّنَ أَنَّ لَعِبَهُمْ كَانَ بِحِرَابِهِمْ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلتَّرْجَمَةِ وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ يَقْصِدُ بِالتَّرْجَمَةِ أَصْلَ الحَدِيث لاخصوص السِّيَاقِ الَّذِي يُورِدُهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى طَرِيقِ يُونُسَ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ مَوْصُولَةً نَعَمْ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي طَاهِرِ بْنِ السَّرْح عَن بن وَهْبٍ وَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بن عمر عَن يُونُس وَفِيه الزِّيَادَة