فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: جف القلم على علم الله

( قَولُهُ بَابُ بِالتَّنْوِينِ جَفَّ الْقَلَمُ)
أَيْ فَرَغَتِ الْكِتَابَةُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِي كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْفَرَاغِ مِنَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الصَّحِيفَةَ حَالَ كِتَابَتِهَا تَكُونُ رَطْبَةً أَوْ بَعْضَهَا وَكَذَلِكَ الْقَلَمُ فَإِذَا انْتَهَتِ الْكِتَابَةُ جَفَّتِ الْكِتَابَةُ وَالْقَلَمُ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ هُوَ مِنْ إِطْلَاقِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ لِأَنَّ الْفَرَاغَ مِنَ الْكِتَابَةِ يَسْتَلْزِمُ جَفَافَ الْقَلَمِ عِنْدَ مِدَادِهِ.

قُلْتُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كِتَابَةَ ذَلِكَ انْقَضَتْ مِنْ أَمَدٍ بَعِيدٍ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ مَعْنَى جَفَّ الْقَلَمُ أَيْ لَمْ يَكْتُبْ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا وَكِتَابُ اللَّهِ وَلَوْحُهُ وَقَلَمُهُ مِنْ غَيْبِهِ وَمِنْ عِلْمِهِ الَّذِي يَلْزَمُنَا الْإِيمَانُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُنَا مَعْرِفَةُ صِفَتِهِ وَإِنَّمَا خُوطِبْنَا بِمَا عَهِدْنَا فِيمَا فَرَغْنَا مِنْ كِتَابَتِهِ أَنَّ الْقَلَمَ يَصِيرُ جَافًّا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  عَلَى عِلْمِ اللَّهِ أَيْ عَلَى حُكْمِهِ لِأَنَّ مَعْلُومَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ فَعِلْمُهُ بِمَعْلُومٍ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِوُقُوعِهِ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ فَلذَلِك أَقُولُ جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَأَخْرَجَهُ احْمَد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي الدَّيْلَمِيِّ نَحْوَهُ وَفِي آخِرِهِ أَنَّ الْقَائِلَ فَلِذَلِكَ أَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَلَفْظُهُ.

قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ فَلِذَلِكَ أَقُولُ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَيُقَالُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ أَمِيرَ خُرَاسَانَ لِلْمَأْمُونِ سَأَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ الْفَضْلِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ مَعَ هَذَا الحَدِيث فَأجَاب هِيَ شؤون يبديها لَا شؤون يَبْتَدِيهَا فَقَامَ إِلَيْهِ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ ذَكَرَ أَصْلَهُ الْمُصَنِّفُ من طَرِيق بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ فَسَكَتَ عَنِّي الْحَدِيثَ وَفِيهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ أَخْرَجَهُ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ فَقَالَ قَالَ اصبغ يَعْنِي بن الْفرج أَخْبرنِي بن وهب عَن يُونُس عَن بن شِهَابٍ وَوَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْجَوْزَقِيُّ وَالْفِرْيَابِيُّ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَصْبَغٍ بِهِ وَقَالُوا كُلُّهُمْ بَعْدَ قَوْلِهِ الْعَنَتَ فَأَذِنَ لِي أَنْ أَخْتَصِيَ وَوَقَعَ لَفْظُ جَفَّ الْقَلَمُ أَيْضًا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ سُرَاقَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ الْعَمَلُ أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ الْحَدِيثَ وَفِي آخَرِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الَّذِي فِيهِ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ فَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ جَفَّتِ الْأَقْلَامُ وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي حَدِيثِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلَيٍّ عِنْدَ الْفِرْيَابِيِّ رُفِعَ الْكِتَابُ وَجَفَّ الْقَلَمُ قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ لَهَا سَابِقُونَ سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ وَصَلَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات وهم لَهَا سَابِقُونَ قَالَ سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ سَارَعُوا إِلَى الْخَيْرَاتِ بِمَا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ السَّعَادَةِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ اللَّامَ فِي لَهَا بِمَعْنَى الْبَاءِ فَقَالَ مَعْنَاهُ سَابِقُونَ بِهَا فَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ أَيِ اللَّامَ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى إِلَى وَبَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَعْنَى وَهُمْ مِنْ أَجْلِهَا وَنَقَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ ان الضَّمِير لِلْخَيْرَاتِ وَأَجَازَ غَيره ان للسعادة وَالَّذِي يجمع بَين تَفْسِير بن عَبَّاسٍ وَظَاهِرِ الْآيَةِ أَنَّ السَّعَادَةَ سَابِقَةٌ وَأَنَّ أَهْلَهَا سَبَقُوا إِلَيْهَا لَا أَنَّهُمْ سَبَقُوهَا



[ قــ :6251 ... غــ :6596] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا كَافٌ كُنْيَتُهُ أَبُو الْأَزْهَرِ وَحَكَى الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّ اسْمَ وَالِدِهِ سِنَانٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَنُونَيْنِ وَهُوَ بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ قِيلَ كَانَ كَبِيرَ اللِّحْيَةِ فَلُقِّبَ الرِّشْكُ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَمَا زَعَمَ أَبُو عَليّ الغساني وَجزم بِهِ بن الْجَوْزِيِّ الْكَبِيرُ اللِّحْيَةِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ كَانَ غَيُورًا فَقِيلَ لَهُ إِرْشَكَ بِالْفَارِسِيَّةِ فَمَضَى عَلَيْهِ الرِّشْكُ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ بَلِ الرِّشْكُ بِالْفَارِسِيَّةِ الْقَمْلُ الصَّغِيرُ الْمُلْتَصِقُ بِأُصُولِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ وَذَكَرَ الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّ الرِّشْكَ الْقَسَّامُ.

قُلْتُ بَلْ كَانَ يَزِيدُ يَتَعَانَى مَسَّاحَةَ الْأَرْضِ فَقِيلَ لَهُ الْقَسَّامُ وَكَانَ يُلَقَّبُ الرِّشْكُ لَا أَنَّ مَدْلُولَ الرِّشْكِ الْقَسَّامُ بَلْ هُمَا لَقَبٌ وَنِسْبَةٌ إِلَى صَنْعَةٍ وَالْمُعْتَمَدُ فِي أَمْرِهِ مَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَمَا لِيَزِيدَ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ هُنَا وَفِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ هُوَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَاوِي الْخَبَرِ بَيَّنَهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَهُ وَسَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ آخَرُونَ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ فِيهِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ أَعُلِمَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالسُّؤَالِ مَعْرِفَةُ الْمَلَائِكَةِ أَوْ مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْعَامِلِ أَوْ مَنْ شَاهَدَهُ فَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْعَمَلِ .

     قَوْلُهُ  فَلم يعْمل الْعَامِلُونَ فِي رِوَايَة حَمَّادٍ فَفِيمَ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ وَالْمَعْنَى إِذَا سَبَقَ الْقَلَمُ بِذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ الْعَامِلُ إِلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إِلَى مَا قُدِّرَ لَهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَوْ لِمَا يُيَسَّرُ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يُسِّرَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ الثَّقِيلَةِ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ يَزِيدُونَ عَلَى الْعَشَرَةِ سَأُشِيرُ إِلَيْهَا فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِي الَّذِي يَلِيهِ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ كُلُّ امْرِئٍ مُهَيَّأٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَآلَ مَحْجُوبٌ عَنِ الْمُكَلَّفِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي عَمَلِ مَا أُمِرَ بِهِ فَإِن عمله امارة إِلَى مَا يؤل إِلَيْهِ أَمْرُهُ غَالِبًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْذُلَ جَهْدَهُ وَيُجَاهِدَ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ الطَّاعَةِ لَا يَتْرُكَ وُكُولًا إِلَى مَا يؤل إِلَيْهِ أَمْرُهُ فَيُلَامَ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَيَسْتَحِقَّ الْعقُوبَة وَقد ترْجم بن حِبَّانَ بِحَدِيثِ الْبَابِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّشْمِيرِ فِي الطَّاعَاتِ وَإِنْ جَرَى قَبْلَهَا مَا يَكْرَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَفْسٍ وَمَا سواهَا فألهمها فجورها وتقواها وَفِيهِ قِصَّةٌ لِأَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ مَعَ عِمْرَانَ وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  لَهُ أَيَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا فَقَالَ لَا كُلُّ شَيْءٍ خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ قَالَ عِيَاضٌ أَوْرَدَ عِمْرَانُ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ شُبْهَةَ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ تَحَكُّمِهِمْ عَلَى اللَّهِ وَدُخُولِهِمْ بِآرَائِهِمْ فِي حُكْمِهِ فَلَمَّا أَجَابَهُ بِمَا دَلَّ عَلَى ثَبَاتِهِ فِي الدِّينِ قَوَّاهُ بِذِكْرِ الْآيَةِ وَهِيَ حَدٌّ لِأَهْلِ السّنة وَقَوله كل شَيْء خَلْقُ اللَّهِ وَمُلْكُهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ الْأَعْلَى الْخَالِقُ الْآمِرُ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إِذَا تَصَرَّفَ فِي مُلْكِهِ بِمَا يَشَاءُ وَإِنَّمَا يُعْتَرَضُ على الْمَخْلُوق الْمَأْمُور