فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إن حلف أن لا يشرب نبيذا، فشرب طلاء، أو سكرا، أو عصيرا «

( قَولُهُ بَابُ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ نَبِيذًا فَشَرِبَ طِلَاءً)
فِي رِوَايَةٍ الطِّلَاءَ بِزِيَادَةِ لَامٍ .

     قَوْلُهُ  أَوْ سَكَرًا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ .

     قَوْلُهُ  أَوْ عَصِيرًا لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَيْسَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطِّلَاءِ وَالسَّكَرِ وَالنَّبِيذِ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ قَالَ الْمُهَلَّبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ النَّبِيذَ بِعَيْنِهِ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ غَيْرِهِ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا لِمَا يَخْشَى مِنَ السُّكْرِ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَشْرَبُهُ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فَإِنَّ سَائِرَ الْأَشْرِبَةِ مِنَ الطَّبِيخِ وَالْعَصِيرِ تُسَمَّى نَبِيذًا لِمُشَابَهَتِهَا لَهُ فِي الْمَعْنَى فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ شَرَابًا وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَرَابٍ قَالَ بن بَطَّالٍ وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِبَعْضِ النَّاسِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ الطِّلَاءَ وَالْعَصِيرَ ليسَا بِنَبِيذٍ لِأَنَّ النَّبِيذَ فِي الْحَقِيقَةِ مَا نُبِذَ فِي الْمَاءِ وَنُقِعَ فِيهِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَنْبُوذُ مَنْبُوذًا لِأَنَّهُ نُبِذَ أَيْ طُرِحَ فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ وَتَوْجِيهُهُ مِنْ حَدِيثَيِ الْبَابِ أَنَّ حَدِيثَ سَهْلٍ يَقْتَضِي تَسْمِيَةَ مَا قَرُبَ عَهْدُهُ بِالِانْتِبَاذِ نَبِيذًا وَإِنْ حَلَّ شُرْبُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنْبَذُ لَهُ لَيْلًا فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً وَيُنْبَذُ لَهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً وَحَدِيثُ سَوْدَةَ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُمْ صَارُوا يَنْتَبِذُونَ فِي جِلْدِ الشَّاةِ الَّتِي مَاتَتْ وَمَا كَانُوا يَنْبِذُونَ إِلَّا مَا يَحِلُّ شُرْبُهُ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمَ نَبِيذٍ فَالنَّقِيعُ فِي حُكْمِ النَّبِيذِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السُّكْرِ وَالْعَصِيرُ مِنَ الْعِنَبِ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ السُّكْرِ فِي مَعْنَى النَّبِيذِ مِنَ التَّمْرِ الَّذِي بلغ حد السكر وَزعم بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الشَّارِحَ بِمَعْزِلٍ عَنْ مَقْصُودِ الْبُخَارِيِّ هُنَا قَالَ وَإِنَّمَا أَرَادَ تَصْوِيبَ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَضُرُّهُ .

     قَوْلُهُ  بَعْدَهُ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ خِلَافَهُ لَتَرْجَمَ عَلَى انه يَحْنَث وَكَيف يُتَرْجِمُ عَلَى وَفْقِ مَذْهَبٍ ثُمَّ يُخَالِفُهُ انْتَهَى وَالَّذِي فهمه بن بَطَّالٍ أَوْجَهُ وَأَقْرَبُ إِلَى مُرَادِ الْبُخَارِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ نَبِيذًا يَحْنَثُ بِهِ إِلَّا إِنْ نَوَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَيَخْتَصُّ بِهِ وَالطِّلَاءُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَطْبُوخِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَهَذَا قَدْ يَنْعَقِدُ فَيَكُونُ دِبْسًا وَرُبًّا فَلَا يُسَمَّى نَبِيذًا أَصْلًا وَقَدْ يَسْتَمِرُّ مَائِعًا وَيُسْكِرُ كَثِيرُهُ فَيُسَمَّى فِي الْعُرْفِ نَبِيذًا بل نقل ذَلِك بن التِّينِ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الطِّلَاءَ جِنْسٌ من الشَّرَاب وَعَن بن فَارِسٍ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ وَكَذَلِكَ السَّكَرُ يُطْلَقُ عَلَى الْعَصِيرِ قَبْلَ أَنْ يَتَخَمَّرَ وَقِيلَ هُوَ مَا أَسْكَرَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَنَقَلَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ وَالْعَصِيرِ مَا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ فَيُسَمَّى بِذَلِكَ وَلَوْ تَخَمَّرَ وَقَدْ مَضَى شَرْحُ حَدِيثِ سَهْلٍ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ كتاب النِّكَاح وعَلى شَيْخه هُوَ بن الْمَدِينِيِّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَوْدَةَ فَهِيَ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيَّةُ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ الْقُرَشِيَّةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ



[ قــ :6336 ... غــ :6686] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْمُهْمَلَةِ أَيْ جِلْدَهَا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى صَارَ شَنًّا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ بَالِيًا وَالشَّنَّةُ الْقِرْبَةُ الْعَتِيقَةُ وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ بن مقسم عَن الشّعبِيّ عَن بن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فِي دِبَاغِ جِلْدِ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ غَيْرَ هَذَا وَأَشَارَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ لِرِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ الَّتِي فِي الْبَابِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا حَدِيثَانِ مُتَغَايِرَانِ فِي السِّيَاقِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَرِوَايَةِ مُغِيرَةَ هَذِهِ تُوَافِقُ لَفْظَ رِوَايَة عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَن بن عَبَّاسٍ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَيْمُونَةَ وَلَا ذَكَرَ الدِّبَاغَ فِيهِ وَمَضَى الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَطْعِمَة قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ فِي حَدِيثِ سَوْدَةَ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الزُّهْدَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ جَمِيعِ مَا يُتَمَلَّكُ لِأَنَّ مَوْتَ الشَّاةِ يَتَضَمَّنُ سَبْقَ مِلْكِهَا وَاقْتِنَائِهَا وَفِيهِ جَوَازُ تَنْمِيَةِ الْمَالِ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا جِلْدَ الْمَيْتَةِ فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَطْرُوحًا وَفِيهِ جَوَازُ تَنَاوُلِ مَا يَهْضِمُ الطَّعَامَ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِانْتِبَاذُ وَفِيهِ إِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْمَالِكِ وان بَاشرهُ غَيره كالخادم اه مُلَخصا