فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ميراث الملاعنة

( قَولُهُ بَابُ مِيرَاثِ الْمُلَاعَنَةِ)
بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَالْمُرَادُ بَيَانُ مَا تَرِثُهُ مِنْ وَلَدِهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ بن عُمَرَ الْمُخْتَصَرَ فِي الْمُلَاعَنَةِ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُطَوَّلٍ عَن بن عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا



[ قــ :6396 ... غــ :6748] .

     قَوْلُهُ  وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَعْنَى إِلْحَاقِهِ بِأُمِّهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي نَفَاهُ فجَاء عَن عَليّ وبن مَسْعُود أَنَّهُمَا قَالَا فِي بن الْمُلَاعَنَةِ عَصَبَتُهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ يَرِثُهُمْ وَيَرِثُونَهُ أَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَجَاءَ عَن عَليّ وبن مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْعَلَانِ أُمَّهُ عَصَبَةً وَحْدَهَا فَتُعْطَى الْمَالَ كُلَّهُ فَإِنْ مَاتَتْ أُمُّهُ قَبْلَهُ فَمَالُهُ لِعَصَبَتِهَا وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْحَسَنُ وبن سِيرِينَ وَمَكْحُولٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَجَاءَ عَن عَليّ أَن بن الْمُلَاعَنَةِ تَرِثُهُ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ مِنْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَأَخْرَجَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ بَعَثَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى الْحِجَازِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ يَسْأَلُونَ عَنْ مِيرَاث بن الْمُلَاعَنَةِ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُ لِأُمِّهِ وَعَصَبَتِهَا وَجَاءَ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَعْطَى الْمُلَاعَنَةَ الْمِيرَاثَ وَجعلهَا عصبَة قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْفَرَائِض قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا أُلْحِقَ بِهَا قَطَعَ نَسَبَ أَبِيهِ فَصَارَ كَمَنْ لَا أَبَ لَهُ مِنْ أَوْلَادِ الْبَغِيِّ وَتَمَسَّكَ الْآخَرُونَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ إِقَامَتُهَا مَقَامَ أَبِيهِ فَجَعَلُوا عَصَبَةَ أُمِّهِ عَصَبَةَ أَبِيهِ.

قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَرْفُوعِ مَا يُقَوِّي الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ مَكْحُولٍ مُرْسَلًا وَمِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيرَاث بن الْمُلَاعَنَةِ لِأُمِّهِ وَلِوَرَثَتِهَا مِنْ بَعْدِهَا وَلِأَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعَة عَن وائلة رَفَعَهُ تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ عَتِيقَهَا وَلَقِيطَهَا وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ بِثَابِتٍ.

قُلْتُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ فِيهِ سوى عمر بن رُؤْيَة بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَله شَاهد من حَدِيث بن عمر عِنْد بن الْمُنْذِرِ وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ لأمة هِيَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدٍ كَتَبَ إِلَى صِدِّيقٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَسْأَلُهُ عَنْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنِّي سَأَلْتُ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ لِأُمِّهِ وَهَذِهِ طُرُقٌ يَقْوَى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ قَالَ بن بَطَّالٍ تَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ بِالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي تَرْبِيَتِهِ وَتَأْدِيبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَوَلَّاهُ أَبُوهُ فَأَما الْمِيرَاث فقد اجْمَعُوا أَن بن الْمُلَاعَنَةِ لَوْ لَمْ تُلَاعَنْ أُمُّهُ وَتَرَكَ أُمَّهُ وَأَبَاهُ كَانَ لِأُمِّهِ السُّدُسُ فَلَوْ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أَبِيه وَأمه لورثت سدسين فَقَط سدس بالأمومة وَسدس بِالْأُبُوَّةِ كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ تَصْوِيرًا وَاسْتِدْلَالًا وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ مَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلٍ فِي آخِرِهِ فَكَانَتُ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فُرِضَ لَهَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ فَإِنَّهُ جُعِلَ مَا فَضَلَ عَنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ لِعَصَبَةِ الْمَيِّتِ دُونَ عَصَبَةِ أُمِّهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ عَصَبَةٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَالْمُسْلِمُونَ عَصَبَتُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ ترك مَالا فليرثه عصبته من كَانُوا