فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38] وفي كم يقطع؟

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)
كَذَا أَطْلَقَ فِي الْآيَةِ الْيَدَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْيُمْنَى إِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ قُطِعَتِ الشِّمَالُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً هَلْ يُجْزِئُ وَقُدِّمَ السَّارِقُ عَلَى السَّارِقَةِ وَقُدِّمَتِ الزَّانِيَةُ عَلَى الزَّانِي لِوُجُودِ السَّرِقَةِ غَالِبًا فِي الذُّكُورِيَّةِ وَلِأَنَّ دَاعِيَةَ الزِّنَا فِي الْإِنَاثِ أَكْثَرُ وَلِأَنَّ الْأُنْثَى سَبَبٌ فِي وُقُوعِ الزِّنَا إِذْ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا إِلَّا بِطَوَاعِيَتِهَا وَقَولُهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ ثُمَّ التَّثْنِيَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ السَّارِقِ فَلُوحِظَ فِيهِ الْمَعْنَى فَجُمِعَ وَالتَّثْنِيَةُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْجِنْسَيْنِ الْمُتَلَفَّظِ بِهِمَا وَالسَّرِقَةُ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا وَيَجُوزُ كَسْرُ أَوَّلِهِ وَسُكُونُ ثَانِيهِ الْأَخْذُ خُفْيَةً وَعُرِّفَتْ فِي الشَّرْعِ بِأَخْذِ شَيْءٍ خُفْيَةً لَيْسَ لِلْآخِذِ أَخْذُهُ وَمَنِ اشْتَرَطَ الْحِرْزَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ زَادَ فِيهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ قَالَ بن بَطَّالٍ الْحِرْزُ مُسْتَفَادٌ مِنْ مَعْنَى السَّرِقَةِ يَعْنِي فِي اللُّغَةِ وَيُقَالُ لِسَارِقِ الْإِبِلِ الْخَارِبُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَلِلسَّارِقِ فِي الْمِكْيَالِ مُطَفِّفٌ وَلِلسَّارِقِ فِي الْمِيزَان مخسر فِي أَشْيَاء أُخْرَى ذكرهَا بن خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ لَيْسَ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ صَانَ اللَّهُ الْأَمْوَالَ بِإِيجَابِ قَطْعِ سَارِقِهَا وَخَصَّ السَّرِقَةَ لِقِلَّةِ مَا عَدَاهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا مِنَ الِانْتِهَابِ وَالْغَصْبِ وَلِسُهُولَةِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا عَدَا السَّرِقَةَ بِخِلَافِهَا وَشَدَّدَ الْعُقُوبَةَ فِيهَا لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ وَلَمْ يَجْعَلْ دِيَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يُقْطَعُ فِيهِ حِمَايَةً لِلْيَدِ ثُمَّ لَمَّا خَانَتْ هَانَتْ وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الشُّبْهَةِ الَّتِي نُسِبَتْ إِلَى أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ فِي قَوْلِهِ يَد بِخمْس مئين عسجد وديت مَا بالها قطعت فِي ربع دِينَار فَأَجَابَهُ القَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ صِيَانَةُ الْعُضْوِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصُهَا صِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي وَشَرْحُ ذَلِكَ أَنَّ الدِّيَةَ لَوْ كَانَتْ رُبْعَ دِينَارٍ لَكَثُرَتِ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَيْدِي وَلَوْ كَانَ نِصَابُ الْقَطْعِ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ لَكَثُرَتِ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَمْوَالِ فَظَهَرَتِ الْحِكْمَةُ فِي الْجَانِبَيْنِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ صِيَانَةٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَقَدْ عَسُرَ فَهْمُ الْمَعْنَى الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّرِقَةِ وَبَيْنَ النَّهْبِ وَنَحْوِهِ عَلَى بَعْضِ مُنْكِرِي الْقِيَاسِ فَقَالَ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ دُونَ الْغَصْبِ وَغَيْرِهِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَإِنَّ الْغَصْبَ أَكْثَرُ هَتْكًا لِلْحُرْمَةِ مِنَ السَّرِقَةِ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ فِي الْأَعْلَى فَلَا يُعْمَلُ بِهِ فِي الْمُسَاوِي وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَدِلَّةَ عَلَى الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُتَكَلَّفَ لِإِيرَادِهَا وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَقَطَعَ عَلِيٌّ مِنَ الْكَفِّ أَشَارَ بِهَذَا الْأَثَرِ إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حَقِيقَةِ الْيَدِ فَقِيلَ أَوَّلُهَا مِنَ الْمَنْكِبِ وَقِيلَ مِنَ الْمِرْفَقِ وَقِيلَ مِنَ الْكُوعِ وَقِيلَ مِنْ أُصُولِ الْأَصَابِعِ فَحُجَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ الْأَيْدِيَ عَلَى ذَلِكَ وَمِنَ الثَّانِي آيَةُ الْوُضُوءِ فَفِيهَا وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَمِنَ الثَّالِثِ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَفِي الْقُرْآنِ فَامْسَحُوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَسَحَ عَلَى كَفَّيْهِ فَقَطْ وَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْأَوَّلِ بَعْضُ الْخَوَارِجِ وَنُقِلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَاسْتَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَالثَّانِي لَا نَعْلَمُ مَنْ قَالَ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَالثَّالِثُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَالرَّابِعُ نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو ثَوْرٍ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَقْطُوعَ الْيَدِ لُغَةً وَلَا عُرْفًا بَلْ مَقْطُوعُ الْأَصَابِعِ وَبِحَسَبِ هَذَا الِاخْتِلَافِ وَقَعَ الْخُلْفُ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ فَقَالَ بِالْأَوَّلِ الْخَوَارِجُ وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى خِلَافِ قَوْلهم وألزم بن حَزْمٍ الْحَنَفِيَّةَ بِأَنْ يَقُولُوا بِالْقَطْعِ مِنَ الْمَرْفِقِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ وَكَذَا التَّيَمُّمُ عِنْدَهُمْ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِمْ قَدْرَ الْمَهْرِ عَلَى نِصَابِ السَّرِقَةِ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ قَوْلًا شَاذًّا وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ لِأَنَّ الْيَدَ قَبْلَ السَّرِقَةِ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً فَلَمَّا جَاءَ النَّصُّ بِقَطْعِ الْيَدِ وَكَانَتْ تُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي وَجَبَ أَنْ لَا يُتْرَكَ الْمُتَيَقَّنُ وَهُوَ تَحْرِيمُهَا إِلَّا بِمُتَيَقَّنٍ وَهُوَ الْقَطْعُ مِنَ الْكَفِّ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ عَنْ عَلِيٍّ فَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَ مِنَ الْمَفْصِلِ وَأَخْرَجَ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ مِنَ الْمَفْصِلِ وَأَوْرَدَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ حَدِّ السَّرِقَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ رَجَاءٍ عَنْ عَدِيٍّ رَفَعَهُ مِثْلَهُ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقْطَعُ مِنَ الْمَفْصِلِ وَعَلِيٌّ يقطع من مشط الْقدَم وَأخرج بن أبي شيبَة من طَرِيق بن أَبِي حَيْوَةَ أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَهُ مِنَ الْمَفْصِلِ وَجَاءَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَطَعَ الْيَدَ مِنَ الْأَصَابِعِ وَالرِّجْلَ مِنْ مُشْطِ الْقَدَمِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَإِنْ كَانَ رِجَالُ السَّنَدِ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْطَعُ الرِّجْلَ مِنَ الْكَعْبِ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْطَعُ مِنْ يَدِ السَّارِق الْخِنْصر والبنصر وَالْوُسْطَى خَاصَّة وَيَقُول استحي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَتْرُكَهُ بِلَا عَمَلٍ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَ الْإِبْهَامُ وَالسَّبَّابَةُ وَقَطَعَ الْكَفَّ وَالْأَصَابِعَ الثَّلَاثَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَ الْكَفُّ أَيْضًا وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ قَطَعَ مِنَ الْكَفِّ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِ مِنْ بِلَفْظِ وَقَطَعَ عَلِيٌّ الْكَفَّ .

     قَوْلُهُ  وقَال قَتَادَةُ فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ شِمَالُهَا لَيْسَ إِلَّا ذَلِكَ وَصَلَهُ أَحْمَدُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ عَنْهُ هَكَذَا قَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ فِي شَرْحِهِ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فَذَكَرَ مِثْلَ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَانَ سَاقَ بِسَنَدِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سَارِقٍ قُدِّمَ لِيُقْطَعَ فَقَدَّمَ شِمَالَهُ فَقُطِعَتْ فَقَالَ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِ إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ الْيَدُ الْيُمْنَى وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُور وَقد قَرَأَ بن مَسْعُودٍ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَأَخْرَجَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ هِيَ قِرَاءَتُنَا يَعْنِي أَصْحَاب بن مَسْعُودٍ وَنَقَلَ فِيهِ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ وَتُعُقِّبَ نَعَمْ قَدْ شَذَّ مَنْ قَالَ إِذَا قُطِعَ الشِّمَالُ أَجْزَأَتْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ عَنْ قَتَادَةَ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ إِنْ كَانَ عَمْدًا وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاطِعِ وَوَجَبَ قَطْعُ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً وَجَبَتِ الدِّيَةُ وَيُجْزِئُ عَنِ السَّارِقِ وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ قَوْلَانِ فِي السَّارِقِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَنْ سَرَقَ فَقُطِعَ ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيًا فَقَالَ الْجُمْهُورُ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَالْيَدُ الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَالرِّجْلُ الْيُمْنَى وَاحْتُجَّ لَهُمْ بِآيَةِ الْمُحَارَبَةِ وَبِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَبِأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنَ الْآيَةِ أَنَّهَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَإِذَا عَادَ السَّارِقُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ ثَانِيًا إِلَى أَنْ لَا يَبْقَى لَهُ مَا يُقْطَعُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ عُزِّرَ وَسُجِنَ وَقِيلَ يُقْتَلُ فِي الْخَامِسَةِ قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ صَاحِبُ مَالِكٍ وَحُجَّتُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ جِيءَ بِسَارِقٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا سَرَقَ قَالَ اقْطَعُوهُ ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى أَنْ قَالَ فَأُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ فَقَالَ اقْتُلُوهُ قَالَ جَابِرٌ فَانْطَلَقْنَا بِهِ فَقَتَلْنَاهُ وَرَمَيْنَاهُ فِي بِئْرٍ قَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ رَاوِيهِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَالشَّافِعِيِّ إِنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ هُوَ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فَكَأَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبُ الْقَتْلِ وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ.

قُلْتُ وَلِلْحَدِيثِ شَاهد من حَدِيث الْحَارِث بن حَاطِبٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلِصٍّ فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَقَالُوا إِنَّمَا سَرَقَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قَطْعِ أَطْرَافِهِ الْأَرْبَعِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ سَرَقَ الْخَامِسَةَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ بِهَذَا حِينَ قَالَ اقْتُلُوهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَتَلُوهُ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا صَحِيحًا.

قُلْتُ نَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ الْبَاجِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ لَا يُقْتَلُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ بِهِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ أَبُو مُصْعَبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ وَمَنْ سَرَقَ مِمَّنْ بَلَغَ الْحُلَمَ قُطِعَ يَمِينُهُ ثُمَّ إِنْ عَادَ فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ عَادَ فَيَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ عَادَ فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى فَإِنْ سَرَقَ فِي الْخَامِسَةِ قُتِلَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ انْتَهَى وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِقَطْعِ الْيَدِ بَعْدَ الْيَدِ ثُمَّ الرِّجْلِ بَعْدَ الرِّجْلِ نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَا يَصِحُّ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ فِي الثَّالِثَةِ وَمِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ إِنَّمَا قَطَعَ رِجْلَهُ وَكَانَ مَقْطُوعَ الْيَدِ وَرِجَالُ السَّنَدَيْنِ ثِقَاتٌ مَعَ انْقِطَاعِهِمَا وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ تُقْطَعُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى بَعْدَ الْيُمْنَى ثُمَّ لَا قَطْعٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الضُّحَى أَنَّ عَلِيًّا نَحْوُهُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعَ انْقِطَاعِهِ وَبِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ كَانُوا يَقُولُونَ لَا يتْرك بن آدَمَ مِثْلَ الْبَهِيمَةِ لَيْسَ لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا وَيَسْتَنْجِي بِهَا وَبِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ اضْرِبْهُ وَاحْبِسْهُ فَفَعَلَ وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ عَطَاءٌ لَا يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنَ الرِّجْلَيْنِ أَصْلًا عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ حَدِيثُ الْقَتْلِ فِي الْخَامِسَةِ مُنْكَرٌ وَقَدْ ثَبَتَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ وَثَبَتَ السَّرِقَةُ فَاحِشَةٌ وَفِيهَا عُقُوبَةٌ وَثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ قَطْعُ الرِّجْلِ بَعْدَ الْيَد وهم يقرؤون وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى الْجَزَاءِ فِي الصَّيْدِ وَإِنْ قتل خطأ وهم يقرؤون وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قتل من النعم ويمسحون على الْخُفَّيْنِ وهم يقرؤون غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا قَالُوا جَمِيعَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ طَرِيقَيْنِ الْأُولَى



[ قــ :6436 ... غــ :6789] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرَةَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ اقْتَصَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَسَائِرُ مَنْ رَوَاهُ عَنِ بن شِهَابٍ عَلَى عَمْرَةَ وَرَوَاهُ يُونُسُ عَنْهُ فَزَادَ مَعَ عمْرَة عُرْوَة قلت وَحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ بَعْضَ الضُّعَفَاءِ وَهُوَ إِسْحَاقُ الْحُنَيْنِيُّ بِمُهْمَلَةٍ وَنُونَيْنِ مُصَغَّرٌ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَا رَوَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ لَيْسَا صَحِيحَيْنِ وَقَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ تَابَعَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى وَحَمَوَيْهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَرِوَايَةُ يُونُسَ بِجَمْعِهِمَا صَحِيحَة قلت وَقد صرح بن أخي بن شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ عَمْرَةَ وَبِسَمَاعِ عَمْرَةَ لَهُ مِنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ  تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ وَفِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنِ بن وَهْبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ وَكَذَا عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَمْرَةَ .

     قَوْلُهُ  فَصَاعِدًا قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ يَخْتَصُّ هَذَا بِالْفَاءِ وَيَجُوزُ ثَمَّ بَدَلُهَا وَلَا تَجُوزُ الْوَاوُ.

     وَقَالَ  بن جِنِّيٍّ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ أَيْ وَلَوْ زَادَ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إِذَا زَادَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَاعِدًا قُلْت وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَمْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَمَا فَوْقَهُ بَدَلَ فَصَاعِدًا وَهُوَ بِمَعْنَاهُ قَوْله وَتَابعه عبد الرَّحْمَن بن خَالِد وبن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى عَمْرَةَ ثُمَّ سَاقَ رِوَايَةَ يُونُسَ وَلَيْسَ فِي آخِرِهِ فَصَاعِدًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَرْمَلَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ كِلَاهُمَا عَن بن وَهْبٍ بِإِثْبَاتِهَا.
وَأَمَّا مُتَابعَة عبد الرَّحْمَن بن خَالِد وَهُوَ بن مُسَافِرٍ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْهُ نَحْوَ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ وقلده شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ أَنَّ الذُّهْلِيَّ أَخْرَجَهُ فِي عِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا وُجُودَ لَهُ بَلْ لَيْسَ لِرَوْحٍ وَلَا لِمُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا رِوَايَة أصلا وَأما مُتَابعَة بن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ فَوَصَلَهَا أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَن بن أخي بن شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ وَقَلَّدَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا أَنَّ الذُّهْلِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْهُ.

قُلْتُ وَلَا وُجُودَ لَهُ أَيْضًا وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ.
وَأَمَّا مُتَابَعَةُ مَعْمَرٍ فَوَصَلَهَا أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ النَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَوَصَلَهَا أَيْضًا هُوَ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَعْمَرٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عَوَانَةَ فِي آخِرِهِ قَالَ سَعِيدٌ نَبَّلْنَا مَعْمَرًا رُوِّينَاهُ عَنْهُ وَهُوَ شَابٌّ وَهُوَ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ صَيَّرْنَاهُ نَبِيلًا.

قُلْتُ وَسَعِيدٌ أَكْبَرُ مِنْ مَعْمَرٍ وَقَدْ شَاركهُ فِي كثير من شُيُوخه وَرَوَاهُ بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ لَكِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْهُ مَقْرُونًا بِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ يُونُسَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ حَرْمَلَةَ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالح كِلَاهُمَا عَن بن وهب قَوْله حَدثنَا الْحُسَيْن هُوَ بن ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ وَهُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ وَفِي طَبَقَةِ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَاضِي مَرْوَ وَهُوَ دُونَهُ فِي الْإِتْقَانِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ رَوَاهُ حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ.

قُلْتُ نُسِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْقَنَّادُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن ثَوْبَان كَذَا حدّثنَاهُ بن صَاعِدٍ عَنْ لُوَيْنٍ عَنِ الْقَنَّادِ وَالَّذِي قَبْلَهُ أَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَنَّ مَنْ قَالَ فِيهِ بن ثَوْبَانَ فَقَدْ غَلِطَ.

قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا وَلَفْظُهُ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَثَمَنُ الْمِجَنِّ رُبْعُ دِينَارٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَمْرَةَ بِلَفْظِ لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِيمَا دُونَ ثَمَنِ الْمِجَنِّ قِيلَ لِعَائِشَةَ مَا ثَمَنُ الْمِجَنِّ قَالَتْ رُبْعُ دِينَارٍ وَقَدْ تُوبِعَ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ يَحْيَى أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ هِقْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ بِلَفْظِهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَيْ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُمْ وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِحَذْفِهَا فِي مِثْلِ هَذَا كَمَا أَكْثَرُوا مِنْ حَذْفِ قَالَ فِي مِثْلِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَفِي مِثْلِ سَمِعْتُ أَبِي حَدَّثَنَا فُلَانٌ وَذكر بن الصَّلَاح أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ النُّطْقِ بِقَالَ وَفِيهِ بَحْثٌ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى حَذْفِ أَنَّ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ عَمْرَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْهَا .

     قَوْلُهُ  تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُخْتَصَرًا وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمد بن صَالح عَن بن وَهْبٍ بِلَفْظِ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَعَن وهب بن بَيَان عَن بن وَهْبٍ بِلَفْظِ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بِلَفْظِ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَا طَالَ عَلَيَّ وَلَا نَسِيتُ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَهُوَ إِنْ لَمْ يَكُنْ رَفْعُهُ صَرِيحًا لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْفُوعِ وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى كَذَلِكَ وَمِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ عَن عمْرَة مَوْقُوفا على عَائِشَة قَالَ بن عُيَيْنَةَ وَرِوَايَةُ يَحْيَى مُشْعِرَةٌ بِالرَّفْعِ وَرِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ صَرِيحَةٌ فِيهِ وَهُوَ أَحْفَظُهُمْ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْهَا الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا آنِفا وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق بن الْهَادِ بِلَفْظِ لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا وَحَاوَلَ الطَّحَاوِيُّ تَعْلِيلَ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْمَرْفُوعَةِ بِرِوَايَةِ وَلَدِهِ الْمَوْقُوفَةِ وَأَبُو بَكْرٍ أَتْقَنُ وَأَعْلَمُ مِنْ وَلَدِهِ عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يُخَالِفُ الْمَرْفُوعَ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ مَحْمُولٌ عَلَى طَرِيقِ الْفَتْوَى وَالْعَجَبُ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ ضَعَّفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَرَامَ هُنَا تَضْعِيفُ الطَّرِيقِ الْقَوِيمَةِ بِرِوَايَتِهِ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ الِاسْتِظْهَارَ لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ بِمُوَافَقَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْهَا لِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي لَفْظِ الْمَتْنِ هَلْ هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ فِعْلِهِ وَكَذَا رَوَاهُ بن عُيَيْنَةَ عَنْ غَيْرِ الزُّهْرِيِّ فِيمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ وَزُرَيْقٍ صَاحِبِ أَيْلَةَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا.

     وَقَالَ  الصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَا طَالَ عَلَيَّ الْعَهْدُ وَلَا نَسِيتُ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الرَّفْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَجَمَاعَةٌ عَن بن عُيَيْنَةَ بِلَفْظِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ السَّارِقَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدا أوردهُ الشَّافِعِي والْحميدِي وَجَمَاعَة عَن بن عُيَيْنَةَ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُقْطَعُ الْيَدُ الْحَدِيثَ وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ عَوَّلَ الطَّحَاوِيُّ فَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ عَنْ يُونُسَ بن عبد الْأَعْلَى عَن بن عُيَيْنَةَ بِلَفْظِ كَانَ يَقْطَعُ.

     وَقَالَ  هَذَا الْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا أَخْبَرَتْ عَمَّا قُطِعَ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا قَوَّمَتْ مَا وَقَعَ الْقَطْعُ فِيهِ إِذْ ذَاكَ فَكَانَ عِنْدَهَا رُبْعُ دِينَارٍ فَقَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقطع فِي رُبْعِ دِينَارٍ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ يَوْمئِذٍ أَكْثَرَ وَتُعُقِّبَ بِاسْتِبْعَادِ أَنْ تَجْزِمَ عَائِشَةُ بِذَلِكَ مُسْتَنِدَةً إِلَى ظَنِّهَا الْمُجَرَّدِ وَأَيْضًا فَاخْتِلَافُ التَّقْوِيمِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَكِنْ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ أَنْ يَتَفَاوَتَ هَذَا التَّفَاوُتَ الْفَاحِشَ بِحَيْثُ يَكُونُ عِنْدَ قَوْمٍ أَرْبَعَةَ أَضْعَافِ قِيمَتِهِ عِنْدَ آخَرِينَ وَإِنَّمَا يَتَفَاوَتُ بِزِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ نَقْصٍ قَلِيلٍ وَلَا يَبْلُغُ الْمِثْلَ غَالِبًا وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ اضْطِرَابَ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِي لَفْظِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الِاضْطِرَابِ أَنْ تَتَسَاوَى وُجُوهُهُ فَأَمَّا إِذَا رُجِّحَ بَعْضُهَا فَلَا وَيَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِالرَّاجِحِ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ جُلَّ الرُّوَاةِ عَنُ الزُّهْرِيِّ ذَكَرُوهُ عَنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَقْرِيرِ قَاعِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي النِّصَابِ وَخَالَفَهُمُ بن عُيَيْنَةَ تَارَةً وَوَافَقَهُمْ تَارَةً فَالْأَخْذُ بِرِوَايَتِهِ الْمُوَافِقَةِ للْجَمَاعَة أولى وعَلى تَقْدِير أَن يكون بن عُيَيْنَةَ اضْطَرَبَ فِيهِ فَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَنْ ضَبَطَهُ.
وَأَمَّا نَقْلُ الطَّحَاوِيِّ عَنِ الْمُحدثين أَنهم يقدمُونَ بن عُيَيْنَةَ فِي الزُّهْرِيِّ عَلَى يُونُسَ فَلَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى الْعَكْسِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِتَقْدِيمِ يُونُسَ عَلَى سُفْيَانَ فِي الزُّهْرِيِّ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ يُونُسَ صَحِبَ الزُّهْرِيَّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ يُزَامِلُهُ فِي السَّفَرِ وَيَنْزِلُ عَلَيْهِ الزُّهْرِيُّ إِذَا قَدِمَ أَيْلَةَ وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ مِنَ الزُّهْرِيّ مرَارًا وَأما بن عُيَيْنَةَ فَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَرَجَعَ الزُّهْرِيُّ فَمَاتَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَلَو سلم أَن بن عُيَيْنَةَ أَرْجَحُ فِي الزُّهْرِيِّ مِنْ يُونُسَ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ رِوَايَتَيْهِمَا فَتَكُونُ عَائِشَةُ أَخْبَرَتْ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ مَعًا وَقَدْ وَافَقَ الزُّهْرِيَّ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ عَمْرَةَ جَمَاعَةٌ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ وَقَعَ الطَّحَاوِيُّ فِيمَا عَابَهُ عَلَى مَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مَعَ اضْطِرَابِهِ عَلَى رَأْيِهِ فَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَلَفْظُ الطَّحَاوِيِّ كَانَ قِيمَةُ الْمِجَنِّ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَهُوَ أَشَدُّ فِي الِاضْطِرَابِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فَقِيلَ عَنْهُ هَكَذَا وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْب عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَلَفْظُهُ كَانَتْ قِيمَةُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا وَقِيلَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَيْمَنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ دِينَارٌ كَذَا قَالَ مَنْصُورٌ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ وَقِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ جَمِيعًا عَنْ أَيْمَنَ وَقِيلَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَيْمَنَ بْنِ أُمِّ أَيْمَنَ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ قَالَتْ لَمْ يُقْطَعْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَثَمَنُهُ يَوْمئِذٍ دِينَارٌ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَفْظُ الطَّحَاوِيِّ لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي حَجَفَةٍ وَقُوِّمَتْ يَوْمئِذٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَدْنَى مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ ثَمَنُ الْمِجَنِّ وَكَانَ يُقَوَّمُ يَوْمئِذٍ بِدِينَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي لَفْظِهِ أَيْضًا عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْهُ بِلَفْظِ لَا قَطْعَ فِيمَا دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَوْ ثَبَتَتْ لَكَانَتْ نَصًّا فِي تَحْدِيدِ النِّصَابِ إِلَّا أَنَّ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ حَتَّى وَلَوْ ثَبَتَتْ رِوَايَتُهُ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ بَلْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا لَا قَطْعَ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ ثُمَّ شُرِعَ الْقَطْعُ فِي الثَّلَاثَةِ فَمَا فَوْقَهَا فَزِيدَ فِي تَغْلِيظِ الْحَدِّ كَمَا زِيدَ فِي تَغْلِيظِ حَدِّ الْخَمْرِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا سَائِرُ الرِّوَايَاتِ فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا إِخْبَارٌ عَنْ فِعْلٍ وَقَعَ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِيهِ تَحْدِيدُ النّصاب فَلَا يُنَافِي رِوَايَة بن عُمَرَ الْآتِيَةِ أَنَّهُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ حِكَايَةَ فِعْلٍ فَلَا يُخَالِفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّ رُبْعَ دِينَارٍ صَرْفُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَدْ أخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق بن إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ قِيلَ لِعَائِشَةَ مَا ثَمَنُ الْمِجَنِّ قَالَتْ رُبْعُ دِينَارٍ وَأخرج أَيْضا من طَرِيق بن إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ أُتِيتَ بِنَبَطِيٍّ قَدْ سَرَقَ فَبَعَثْتُ إِلَى عَمْرَةَ فَقَالَتْ أَيْ بُنَيَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَ مَا سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ فَلَا تَقْطَعْهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهُ قَالَ لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَهَذَا يُعَارض حَدِيث بن إِسْحَاقَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ أَيْضًا وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَ مَا اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ بِأَنَّهَا كَانَتْ تُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً وَتَارَةً تُسْتَفْتَى فَتُفْتِي وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ جَارِيَةً سَرَقَتْ فَسُئِلَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتِ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا الطَّرِيق الثَّانِي لحَدِيث عَائِشَة





[ قــ :6439 ... غــ :679] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبدة هُوَ بن سُلَيْمَانَ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ هَذَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَمَعَهُمَا وَضَمَّهُمَا إِلَى غَيْرِهِمَا فَقَالَ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ الرُّؤَاسِيُّ بِضَمِّ الرَّاءِ ثُمَّ هَمْزَةٍ خَفِيفَةٍ ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْهُ وَنَسَبَهُ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ إِلَخْ وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ فِيهِ زِيَادَةُ قِصَّةٍ فِي السَّنَدِ وَلَفْظُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ قَدَحًا فَأُتِيَ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَبِي إِنَّ الْيَدَ لَا تُقْطَعُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهَكَذَا رَوَاهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامٍ لَكِنْ أَرْسَلَهُ كُلَّهُ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ الْمِجَنُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مِفْعَلٌ مِنَ الِاجْتِنَانِ وَهُوَ الِاسْتِتَارُ مِمَّا يُحَاذِرهُ الْمُسْتَتِرُ وَكُسِرَتْ مِيمُهُ لِأَنَّهُ آلَةٌ فِي ذَلِكَ وَالْحَجَفَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ ثُمَّ فَاءٌ هِيَ الدَّرَقَةُ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ عَظْمٍ وَتُغَلَّفُ بِالْجِلْدِ أَوْ غَيْرِهِ وَالتُّرْسُ مِثْلُهُ لَكِنْ يُطَارَقُ فِيهِ بَيْنَ جِلْدَيْنِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَوْ فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامٍ الَّتِي تَلِي رِوَايَةَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِلَفْظِ فِي أَدْنَى ثَمَنِ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ وَالتَّنْوِينُ فِي قَوْلِهِ ثَمَنٍ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ثَمَنٌ يُرْغَبُ فِيهِ فَأُخْرِجَ الشَّيْءُ التَّافِهُ كَمَا فَهِمَهُ عُرْوَةُ رَاوِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تُرْسًا بِعَيْنِهِ وَلَا حَجَفَةً بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْجِنْسُ وَأَنَّ الْقَطْعَ كَانَ يَقَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَبْلُغُ قَدْرَ ثَمَنِ الْمِجَنِّ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَالِاعْتِمَادُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْأَقَلِّ فَيَكُونُ نِصَابًا وَلَا يُقْطَعُ فِيمَا دُونَهُ وَرِوَايَةُ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ جَامِعَةٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَوَّلًا وَقَولُهُ فِيهَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ كَذَا ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ وَأَفَادَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النّسخ وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ بِالرَّفْعِ وَخَرَّجَهُ عَلَى تَقْدِيرِ ضَمِيرِ الشَّأْنِ فِي كَانَ قَوْله رَوَاهُ وَكِيع وبن إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا أَمَّا رِوَايَة وَكِيع فأخرجها بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ وَلَفْظُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ السَّارِقُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْطَعُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَكَانَ الْمِجَنُّ يَوْمئِذٍ لَهُ ثَمَنٌ وَلَمْ يَكُنْ يُقْطَعُ فِي الشَّيْء التافه وَأما رِوَايَة بن إِدْرِيسَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ فَأَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى عَنْ جَرِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ وَوَكِيعٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ فَذَكَرَ مِثْلَ سِيَاقِ أَبِي أُسَامَةَ سَوَاءً وَزَادَ وَلَمْ يَكُنْ يُقْطَعُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ وَتَبعهُ شَيخنَا بن الملقن أَن رِوَايَة بن إِدْرِيسَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ كَذَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَوَصَلَهُ أَيْضًا عَنْ هِشَامٍ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ وَعُثْمَانُ الْغَطَفَانِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَبِيصَةَ الْفَزَارِيُّ وَأَرْسَلَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَرِيرٌ.

قُلْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ رِوَايَةَ جَرِيرٍ.
وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحِيمِ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ عَنْهُ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ تَنْبِيهٌ لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْمَتْنِ.
وَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي سَنَدِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِي الْمَتْنِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ حَافِظٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ حَدَّثَهُ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ عُرْوَةَ هُوَ الَّذِي حَفِظَهُ هِشَامٌ عَنْهُ وَحَمَلَ يُونُسُ حَدِيثَ عُرْوَةَ عَلَى حَدِيثِ عَمْرَةَ فَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِ عَمْرَةَ وَهَذَا يَقَعُ لَهُمْ كَثِيرًا وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ أَنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَحْدَهُ عَنْ عَائِشَة بِلَفْظ رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ مَبْرُورٍ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا السَّنَدِ لَكِنَّ لَفْظَ الْمَتْنِ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّة الحَدِيث الثَّانِي حَدِيث بن عُمَرَ





[ قــ :644 ... غــ :6795] إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أوردهُ من حَدِيث مَالك قَالَ بن حزم لم يروه عَن بن عمر إِلَّا نَافِع.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَعْنِي عَنْ نَافِعٍ أَيْ فِي قَوْلِهِ ثَمَنُهُ وَرِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ



[ قــ :6443 ... غــ :6796] عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ وَهُوَ بن أَسْمَاءَ مِثْلَ هَذَا السِّيَاقِ سَوَاءً وَمِنْ رِوَايَةِ عبيد الله وَهُوَ بن عُمَرَ أَيِ الْعُمَرِيُّ مِثْلَهُ وَمِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ





[ قــ :6445 ... غــ :6798] قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ سَارِقٍ مِثْلَهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قِيمَتُهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّيْثَ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ كَالْجَمَاعَةِ لَكِنْ قَالَ قِيمَتُهُ بَدَلَ قَوْلِهِمْ ثَمَنُهُ وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ عَن اللَّيْث عَن نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَمن رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَمَالِكٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ كُلِّهِمْ عَنْ نَافِعٍ قَالَ بَعْضُهُمْ ثَمَنُهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ قِيمَتُهُ هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُمَيِّزْ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع يَد رجل سرق ترسا من صِيغَة النِّسَاءِ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ حَنْظَلَةَ وَحْدَهُ بِلَفْظِ ثَمَنُهُ وَمِنْ طَرِيقِ مَخْلَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَنْظَلَةَ بِلَفْظِ قِيمَتُهُ فَوَافَقَ اللَّيْثَ فِي قَوْلِهِ قِيمَتُهُ لَكِنْ خَالَفَ الْجَمِيعَ فَقَالَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ هُوَ الْمَحْفُوظُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ وَمِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ وَمِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ قَالَ مِثْلَهُ وَمِنْ رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ بِلَفْظِ أُتِيَ بِرَجُلٍ سَرَقَ حَجَفَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَطَعَهُ تَنْبِيهٌ .

     قَوْلُهُ  قَطَعَ مَعْنَاهُ أَمَرَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُبَاشِرُ الْقَطْعَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَنَّ بِلَالًا هُوَ الَّذِي بَاشَرَ قَطْعَ يَدِ الْمَخْزُومِيَّةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي كَانَ مُوكَلًا بِذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرُهُ وَقَولُهُ قِيمَتُهُ قِيمَةُ الشَّيْءِ مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ الرَّغْبَةُ فِيهِ وَأَصْلُهُ قِوْمَةٌ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ يَاءً لِوُقُوعِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ وَالثَّمَنُ مَا يُقَابَلُ بِهِ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْقِيمَةُ وَأَنَّ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ الثَّمَنِ إِمَّا تَجَوُّزًا وَإِمَّا أَنَّ الْقِيمَةَ وَالثَّمَنَ كَانَا حِينَئِذٍ مستويين قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْقِيمَةُ وَالثَّمَنُ قَدْ يَخْتَلِفَانِ وَالْمُعْتَبَرُ إِنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالثَّمَنِ لِكَوْنِهِ صَادَفَ الْقِيمَةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي ظَنِّ الرَّاوِي أَوْ بِاعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ وَقَدْ تَمَسَّكَ مَالِكٌ بِحَدِيث بن عُمَرَ فِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ بِالْفِضَّةِ وَأَجَابَ الشَّافِعِيَّةُ وَسَائِرُ مَنْ خَالَفَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي طُرُقِهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأورد الطَّحَاوِيّ حَدِيث سعد الَّذِي أخرجه بن مَالِكٍ أَيْضًا وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَلَفْظُهُ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إِلَّا فِي الْمِجَنِّ قَالَ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ لَكِن اخْتُلِفَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ قِيمَةُ الْمِجَنِّ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَالَ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يُقْطَعَ إِلَّا فِيمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآثَارُ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَلَا يُقْطَعُ فِيمَا دُونَهَا لِوُجُودِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ فِي الدَّرَاهِمِ لَمْ يُسَلَّمْ فِي النَّصِّ الصَّرِيحِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ وَدُفِعَ مَا أَعَلَّهُ بِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ مُمْكِنٌ بِالْحَمْلِ عَلَى اخْتِلَافِ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ أَوْ عَلَى تَعَدُّدِ الْمَجَانِّ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا وَهُوَ أولى.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ حِكَايَةُ فِعْلٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْقَطْعِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ عَدَمُ الْقَطْعِ فِيمَا دُونَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ يُقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ بِمَنْطُوقِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ فِيمَا إِذَا بَلَغَهُ وَكَذَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ قَالَ وَاعْتِمَادُ الشَّافِعِيِّ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ قَوْلٌ أَقْوَى فِي الِاسْتِدْلَالِ مِنَ الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْقَطْعِ فِي دُونِ الْقَدْرِ الَّذِي يَقُولُونَ بِجَوَازِ الْقَطْعِ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَى الْقَطْعِ فِيمَا يَقُولُونَ بِهِ بِطَرِيقِ الْفَحْوَى.
وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ فِي دُونِ رُبْعِ دِينَارٍ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ حَيْثُ مَنْطُوقُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَفْهُومُهُ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ.

قُلْتُ وَقَرَّرَ الْبَاجِيُّ طَرِيقَ الْأَخْذِ بِالْمَفْهُومِ هُنَا فَقَالَ دَلَّ التَّقْوِيمُ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ يَتَعَلَّقُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ صَرِيحًا مَرْفُوعًا فِي اعْتِبَارِ رُبْعِ دِينَارٍ وَقَدْ خَالَفَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقُدَمَاءِ بن عبد الحكم وَمِمَّنْ بعدهمْ بن الْعَرَبِيِّ فَقَالَ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ جَلَالَتِهِ فِي الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَحُجَّتُهُ أَنَّ الْيَدَ مُحْتَرَمَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ وَالْعَشَرَةُ مُتَّفَقٌ عَلَى الْقَطْعِ فِيهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ فَيُتَمَسَّكُ بِهِ مَا لَمْ يَقَعِ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى الْقَطْعِ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي النِّصَابِ أُخِذَ بِأَصَحِّ مَا وَرَدَ فِي الْأَقَلِّ وَلَمْ يَصِحَّ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَكَانَ اعْتِبَارُ رُبْعِ دِينَارٍ أَقْوَى مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْحَصْرِ حَيْثُ وَرَدَ بِلَفْظِ لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْوَارِدَةِ حِكَايَةُ فِعْلٍ لَا عُمُومَ فِيهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْقِيمَةِ الذَّهَبُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي جَوَاهِرِ الْأَرْضِ كُلِّهَا وَيُؤَيِّدهُ مَا نَقَلَ الْخَطَّابِيُّ اسْتِدْلَالًا عَلَى أَنَّ أَصْلَ النَّقْدِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الدَّنَانِيرُ بِأَنَّ الصِّكَاكَ الْقَدِيمَةَ كَانَ يُكْتَبُ فِيهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ فَعُرِفَتِ الدَّرَاهِمُ بِالدَّنَانِيرِ وَحُصِرَتْ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَاصِلُ الْمَذَاهِبِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُقْطَعُ السَّارِقُ فِيهِ يَقْرُبُ مِنْ عِشْرِينَ مَذْهَبًا الْأَوَّلُ يُقْطَعُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ تَافِهًا كَانَ أَوْ غَيْرَ تَافِهٍ نُقِلَ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَالْخَوَارِجِ وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ فِي الشُّذُوذِ مَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَجِبُ إِلَّا فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي الثَّالِثُ مِثْلُ الْأَوَّلِ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ شَيْئًا تَافِهًا لِحَدِيثِ عُرْوَةَ الْمَاضِي لَمْ يَكُنِ الْقَطْعُ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّافِهِ وَلِأَنَّ عُثْمَانَ قَطَعَ فِي فَخَّارَةٍ خَسِيسَةٍ.

     وَقَالَ  لِمَنْ يَسْرِقُ السِّيَاطَ لَئِنْ عُدْتُمْ لَأَقْطَعَنَّ فِيهِ وَقطع بن الزبير فِي نَعْلَيْنِ أخرجهُمَا بن أَبِي شَيْبَةَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَطَعَ فِي مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ الرَّابِعُ تُقْطَعُ فِي دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ وَرَبِيعَةَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَنَسَبَهُ الْقُرْطُبِيُّ إِلَى عُثْمَانَ فَأَطْلَقَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْخَامِسُ فِي دِرْهَمَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْحسن الْبَصْرِيّ جزم بِهِ بن الْمُنْذِرِ عَنْهُ السَّادِسُ فِيمَا زَادَ عَلَى دِرْهَمَيْنِ وَلَو لم يبلغ الثَّلَاثَة أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَطَعَ فِي شَيْءٍ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ وَفِي لَفْظٍ لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ السَّابِعُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَيُقَوَّمُ مَا عَدَاهَا بِهَا وَلَوْ كَانَ ذَهَبًا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ مَالِكٍ الثَّامِنُ مِثْلُهُ لَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ ذَهَبًا فَنِصَابُهُ رُبْعُ دِينَارٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ كَانَ نِصْفَ دِينَاٍر وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَتْبَاعِهِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاحْتُجَّ لَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا اقْطَعُوا فِي رُبْعِ دِينَارٍ وَلَا تَقْطَعُوا فِي أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ وَكَانَ ربع دِينَار قِيمَتُهُ يَوْمئِذٍ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَالْمَرْفُوعُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَصٌّ فِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ وَالْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الذَّهَبُ وَالْمَوْقُوفُ مِنْهُ يَقْتَضِي أَنَّ الذَّهَبَ يُقَوَّمُ بِالْفِضَّةِ وَهَذَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهِ النَّصُّ الصَّرِيحُ التَّاسِعُ مِثْلُهُ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ غَيْرَهُمَا قُطِعَ بِهِ إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنْ إِسْحَاقَ الْعَاشِرُ مِثْلُهُ لَكِنْ لَا يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا إِلَّا إِذَا كَانَا غَالِبَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَالِبًا فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْحَادِيَ عَشَرَ الثَّانِيَ عَشَرَ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ عَرَضٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَعَمْرَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَرِوَايَةٌ عَنْ إِسْحَاقَ وَعَنْ دَاوُدَ وَنَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ عَن عمر وَعُثْمَان وَعلي وَقد أخرجه بن الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَخَذَ السَّارِقُ رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرَةَ أُتِيَ عُثْمَانُ بِسَارِقٍ سَرَقَ أُتْرُجَّةً قُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ حِسَابِ الدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَقُطِعَ وَمِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا الثَّالِثَ عَشَرَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَنَقله بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الرَّابِعَ عشر ثلث دِينَار حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ خَمْسَة دَرَاهِم وَهُوَ قَول بن شبْرمَة وبن أَبِي لَيْلَى مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَجَاء عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَا تُقْطَعُ الْخَمْسُ إِلَّا فِي خمس أخرجه بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنهُ وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ مِثْلَهُ وَنَقَلَهُ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَشَذَّ بِذَلِكَ السَّادِسَ عَشَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا بَلَغَ قِيمَتَهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ عَرَضٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا السَّابِعَ عَشَرَ دِينَارٌ أَوْ مَا بَلَغَ قِيمَتَهُ مِنْ فضَّة أَو عرض حَكَاهُ بن حزم عَن طَائِفَة وَجزم بن الْمُنْذِرِ بِأَنَّهُ قَوْلُ النَّخَعِيِّ الثَّامِنَ عَشَرَ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا حَكَاهُ بن حزم أَيْضا وَأخرجه بن الْمُنْذر عَن عَليّ بِسَنَد ضَعِيف وَعَن بن مَسْعُودٍ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ قَالَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ التَّاسِعَ عَشَرَ رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا مِنَ الذَّهَبِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَيُقْطَعُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ وَهُوَ قَول بن حزم وَنقل بن عَبْدِ الْبَرِّ نَحْوَهُ عَنْ دَاوُدَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ التَّحْدِيدَ فِي الذَّهَبِ ثَبَتَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَمْ يَثْبُتِ التَّحْدِيدُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ فَبَقِيَ عُمُومُ الْآيَةِ عَلَى حَالِهِ فَيُقْطَعُ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ إِلَّا إِذَا كَانَ الشَّيْءُ تَافِهًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلشَّافِعِيِّ إِلَّا فِي قِيَاسِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ أَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّرْفَ يَوْمئِذٍ كَانَ مُوَافِقًا لِذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْفِضَّةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ الْأُتْرُجَّةِ قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ وَيُخَرَّجُ مِنْ تَفْصِيلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ التَّقْوِيمَ يَكُونُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إِنْ ذَهَبًا فَبِالذَّهَبِ وَإِنْ فِضَّةً فَبِالْفِضَّةِ تَمَامَ الْعِشْرِينَ مَذْهَبًا وَقد ثَبت فِي حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثَبَتَ لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَأَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِلنَّصِّ الصَّرِيحِ فِي الْقَطْعِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ وَإِنَّمَا تُرِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ نِصَابٌ يُقْطَعُ فِيهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ قِيمَةَ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ تَخْتَلِفُ فَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ بِالذَّهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ قَطْعِ السَّارِقِ وَلَوْ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ حِرْزٍ وَهُوَ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ وَأَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا الْعَامُّ إِذَا خُصَّ مِنْهُ شَيْءٌ بِدَلِيلٍ بَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى عُمُومِهِ وَحُجَّتُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَفْظُهُ يُنْبِئُ عَمَّا ثَبَتَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ أَمْ لَا لِأَنَّ آيَةَ السَّرِقَةِ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ سَرَقَ فَخَصَّ الْجُمْهُورُ مِنْهَا مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَقَالُوا لَا يُقْطَعُ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُنْبِئُ عَنِ اشْتِرَاطِ الْحِرْزِ وَطَرَدَ الْبَصْرِيُّ أَصْلَهُ فِي الِاشْتِرَاطِ الْمَذْكُورِ فَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحِرْزَ لِيَسْتَمِرَّ الِاحْتِجَاجُ بِالْآيَةِ نَعَمْ وَزعم بن بَطَّالٍ أَنَّ شَرْطَ الْحِرْزِ مَأْخُوذٌ مِنْ مَعْنَى السَّرِقَةِ فَإِنْ صَحَّ مَا قَالَ سَقَطَتْ حُجَّةُ الْبَصْرِيِّ أَصْلًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ لِأَنَّ آيَةَ السَّرِقَةِ نَزَلَتْ فِي سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ أَوْ سَارِقِ الْمِجَنِّ وَعَمِلَ بِهَا الصَّحَابَةُ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ السَّارِقِينَ وَاسْتُدِلَّ بِإِطْلَاقِ رُبْعِ دِينَارٍ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ بِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ سَوَاءٌ كَانَ مَضْرُوبًا أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ جَيِّدًا كَانَ أَوْ رَدِيئًا وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ التَّرْجِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الزَّكَاةِ عَلَى ذَلِكَ وَأَطْلَقَ فِي السَّرِقَةِ فَجَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ بِالتَّعْمِيمِ هُنَا.

     وَقَالَ  الْإِصْطَخْرِيُّ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي الْمَضْرُوبِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَيَّدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ النَّقْلَ عَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَنْقُصُ بِالطَّبْعِ وَاسْتَدَلَّ بِالْقَطْعِ فِي الْمِجَنِّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقَطْعِ فِي كُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ قِيَاسًا وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادَ وَمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَالْحِجَارَةِ وَاللَّبَنِ وَالْخَشَبِ وَالْمِلْحِ وَالتُّرَابِ وَالْكَلَإِ وَالطَّيْرِ وَفِيهِ رِوَايَةٌ عَنِ الْحَنَابِلَةِ وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ فِي مِثْلِ السِّرْجِينِ الْقَطْعُ تَفْرِيعًا عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَفِي هَذَا تَفَارِيعُ أُخْرَى مَحَلُّ بسطها كتب الْفِقْه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق الْحِدَيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي لَعْنِ السَّارِقِ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ خَتَمَ بِهِ الْبَابَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ طَرِيقَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ أَنْ يُجْعَلَ حَدِيثُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَصْلًا فَيُقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَكَذَا فِيمَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمُرَادُ بِالْبَيْضَةِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهَا رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَكَذَا الْحَبْلُ فَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَرْجِيحِ مَا سَبَقَ مِنَ التَّأْوِيلِ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَعْمَشُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْث فِيهِ