فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا عض رجلا فوقعت ثناياه

( قَولُهُ بَابُ إِذَا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَوَقَعَتْ ثناياه)
أَي هَل يلْزمه فِيهِ شَيْء أَولا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ الْأَوَّلُ

[ قــ :6529 ... غــ :6892] .

     قَوْلُهُ  عَنْ زُرَارَةَ بِضَمِّ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ هُوَ الْعَامِرِيُّ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ أَنَّهُ سَمِعَ زُرَارَةَ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِهَذَا السَّنَدِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قَاتَلَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ رَجُلًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْحَدِيثَ قَالَ شُعْبَةُ وَعَنْ قَتَادَةَ عَن عَطاء هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي يَعْلَى يَعْنِي صَفْوَانَ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ مِثْلَهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا السَّنَدِ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ بِمِثْلِ الَّذِي قَبْلَهُ يَعْنِي حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

قُلْتُ وَلِشُعْبَةَ فِيهِ سَنَدٌ آخَرُ إِلَى يعلى أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق بن أَبِي عَدِيٍّ وَعُبَيْدِ بْنِ عُقَيْلٍ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ يَعْلَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ عُقَيْلٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَاتَلَ رَجُلًا فَعَضَّ يَدَهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَعْيِينُ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ الْمُبْهَمَيْنِ وَأَنَّهُ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ وَقَدْ رَوَى يَعْلَى هَذِهِ الْقِصَّةَ وَهِيَ الْحَدِيثُ الثَّانِي فِي الْبَابِ فَبَيَّنَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ أَجِيرًا لَهُ وَلَفْظُهُ فِي الْجِهَادِ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا فَقَاتَلَ رَجُلًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَعُرِفَ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ الْمُبْهَمَيْنِ يَعْلَى وَأَجِيرُهُ وَأَنَّ يَعْلَى أَبْهَمَ نَفْسَهُ لَكِنْ عَيَّنَهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَجِيرِهِ.
وَأَمَّا تَمْيِيزُ الْعَاضِّ مِنَ الْمَعْضُوضِ فَوَقَعَ بَيَانُهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مِنَ الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِ يَعْلَى قَالَ عَطَاءٌ فَلَقَدْ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى أَيُّهُمَا عَضَّ الْآخَرَ فَنَسِيتُهُ فَظَنَّ أَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الْإِبْهَامِ وَلَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَطَاءٍ بِلَفْظِ أَنَّ أَجِيرًا لِيَعْلَى عَضَّ رَجُلٌ ذِرَاعَهُ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ فَقَاتَلَ أَجِيرِي رَجُلًا فَعَضَّهُ الْآخَرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمَّيْهِ سَلَمَةَ بْنِ أُمَيَّةَ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَا خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَمَعَنَا صَاحِبٌ لَنَا فَقَاتَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَضَّ الرَّجُلُ ذِرَاعَهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا رِوَايَةُ عُبَيْدِ بْنِ عُقَيْلٍ الَّتِي ذَكَرْتُهَا مِنْ عِنْدِ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَضَّ فَإِنَّ يَعْلَى تَمِيمِيٌّ.
وَأَمَّا أَجِيرُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ تَمِيمِيٌّ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ نَحْوَ رِوَايَةِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ فَقَاتَلَ رَجُلًا فَعَضَّ الرَّجُلُ ذِرَاعَهُ فَأَوْجَعَهُ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْعَاضَّ هُوَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِبْهَامِهِ نَفْسَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنْ يَكُونَ يَعْلَى هُوَ الْعَاضَّ فَقَالَ يَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ يَعْلَى هُوَ الَّذِي قَاتَلَ الْأَجِيرَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ أَجِيرًا لِيَعْلَى عَضَّ يَدَ رَجُلٍ وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَلْيَقُ إِذْ لَا يَلِيقُ ذَلِكَ الْفِعْلُ بِيَعْلَى مَعَ جَلَالَتِهِ وَفَضْلِهِ.

قُلْتُ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ أَنَّ الْأَجِيرَ هُوَ الْعَاضُّ وَإِنَّمَا الْتَبَسَ عَلَيْهِ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا بَيَّنْتُهُ أَنَّ أَجِيرًا لِيَعْلَى عَضَّ رَجُلٌ ذِرَاعَهُ فَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ الْعَاضُّ غَيْرَ يَعْلَى.
وَأَمَّا اسْتِبْعَادُهُ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ مِنْ يَعْلَى مَعَ جَلَالَتِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ ثُبُوتِ التَّصْرِيحِ بِهِ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْهُ فِي أَوَائِلِ إِسْلَامِهِ فَلَا اسْتِبْعَادَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  يَعْنِي فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ يَعْلَى هُوَ الْمَعْضُوضُ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْمَعْضُوضُ هُوَ أَجِيرُ يَعْلَى لَا يَعْلَى فَقَالَ الْحُفَّاظُ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ أَنَّ الْمَعْضُوضَ أَجِيرُ يَعْلَى لَا يَعْلَى قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ جَرَتَا لِيَعْلَى وَلِأَجِيرِهِ فِي وَقْتٍ أَوْ وَقْتَيْنِ.
وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَا رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَا غَيْرِهَا أَنَّ يَعْلَى هُوَ الْمَعْضُوضُ لَا صَرِيحًا وَلَا إِشَارَةً.

     وَقَالَ  شَيْخُنَا فَيَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا أَنَّ يَعْلَى هُوَ الْعَاضُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ وانما تردد عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ فِي الْعَاضِّ هَلْ هُوَ يَعْلَى أَوْ آخَرُ أَجْنَبِيٌّ كَمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ يَعْلَى الْمَاضِي فِي الْجِهَادِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ فَمِهِ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَضَّ ذِرَاعَ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ وَفِي حَدِيثِ يَعْلَى الْمَاضِي فِي الْإِجَارَةِ فَعَضَّ إِصْبَعَ صَاحِبِهِ فَانْتَزَعَ إِصْبَعَهُ وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الذِّرَاعِ وَالْإِصْبَعِ عُسْرٌ وَيَبْعُدُ الْحَمْلُ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ علية عَن بن جُرَيْجٍ عَنْهُ إِصْبَعَهُ وَهَذِهِ فِي الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يسق مُسلم لَفظهَا وَفِي رِوَايَة بديل بن مَيْسَرَةَ عَنْ عَطَاءٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ ذِرَاعَهُ وَوَافَقَهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن بن جُرَيْجٍ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ عَنْهُ فَالَّذِي يَتَرَجَّحُ الذِّرَاعُ وَقَدْ وَقَعَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ أُمَيَّةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِثْلُ ذَلِك وانفراد بن علية عَن بن جُرَيْجٍ بِلَفْظِ الْإِصْبَعِ لَا يُقَاوِمُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمُتَعَاضِدَةَ عَلَى الذِّرَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّثْنِيَةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ ثَنَايَاهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَةِ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ بِالْإِفْرَادِ وَكَذَا لَهُ فِي رِوَايَة بن سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بِلَفْظِ فَجَذَبَ صَاحِبُهُ يَدَهُ فَطَرَحَ ثَنِيَّتَهُ وَقَدْ تَتَرَجَّحَ رِوَايَةُ التَّثْنِيَةِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ الَّتِي بِصِيغَةِ الْجَمْعِ عَلَيْهَا عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجِيزُ فِي الِاثْنَيْنِ صِيغَةَ الْجَمْعِ وَرَدُّ الرِّوَايَةِ الَّتِي بِالْإِفْرَادِ إِلَيْهَا عَلَى إِرَادَةِ الْجِنْسِ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ فَانْتَزَعَ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ فَهَذِهِ أَصْرَحُ فِي الْوَحْدَةِ وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ فِي هَذَا بِالْحَمْلِ عَلَى التَّعَدُّدِ بَعِيدٌ أَيْضًا لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَنَدَرَتْ ثَنِيَّتُهُ .

     قَوْلُهُ  فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْمُرَادُ يَعْلَى وَأَجِيرُهُ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمَا مِمَّنْ يَلُوذُ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ بن سِيرِينَ فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ يَعْلَى فَانْطَلَقَ هَذِه رِوَايَة بن عُلَيَّةَ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَأَتَى وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بن بكر عَن بن جُرَيْجٍ فِي الْمَغَازِي فَأَتَيَا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ يَعَضُّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ ثَقِيلَةٌ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ فَيَعَضُّهُ وَأَصْلُ عَضَّ عَضِضَ بِكَسْرِ الْأُولَى يَعْضَضُ بِفَتْحِهَا فَأُدْغِمَتْ .

     قَوْلُهُ  كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ كَعَضَاضِ الْفَحْلِ أَيِ الذَّكَرِ مِنَ الْإِبِلِ وَيُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ ذُكُورِ الدَّوَابِّ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْجِهَادِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ هِشَامٍ وَيَقْضَمُهَا بِسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الْأَفْصَحِ كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ مِنَ الْقَضْمِ وَهُوَ الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ وَالْخَضْمُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْقَافِ الْأَكْلُ بِأَقْصَاهَا وَبِأَدْنَى الْأَضْرَاسِ وَيُطْلَقُ عَلَى الدَّقِّ وَالْكَسْرِ وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الصُّلْبِ حَكَاهُ صَاحِبُ الرَّاعِي فِي اللُّغَةِ .

     قَوْلُهُ  لَا دِيَةَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا دِيَةَ لَكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فَأَبْطَلَهُ.

     وَقَالَ  أَرَدْتَ أَنْ تَأْكُلَ لَحْمَهُ وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ ثُمَّ تَأْتِي تَلْتَمِسُ الْعَقْلَ لَا عَقْلَ لَهَا فَأَبْطَلَهَا وَفِي رِوَايَة بن سِيرِينَ فَقَالَ مَا تَأْمُرنِي أَتَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَهُ أَنْ يَدَعَ يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا قَضْمَ الْفَحْلِ ادْفَعْ يَدَكَ حَتَّى يَقْضَمَهَا ثُمَّ انْزِعْهَا كَذَا لِمُسْلِمٍ وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ إِنْ شِئْتَ أَمَرْنَاهُ فَعَضَّ يَدَكَ ثُمَّ انْتَزِعْهَا أَنْتَ وَفِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فَأَهْدَرَهَا وَفِي هَذَا الْبَابِ فَأَبْطَلَهَا وَهِيَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :6530 ... غــ :6893] قَوْله حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن بن جُرَيْجٍ كَذَا وَقَعَ هُنَا بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْجِهَادِ وَالْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ بن جُرَيْجٍ بِنُزُولٍ لَكِنَّ سِيَاقَهُ فِيهَا أَتَمُّ مِمَّا هُنَا قَوْله عَن عَطاء هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى وَفِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فِي الْإِجَارَةِ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَغَازِي سَمِعْتُ عَطَاءً أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَة عَن بن جريج قَوْله عَن أَبِيه فِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَفِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ يَعْلَى وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن عَطاء عَن بن يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ عَطَاءٍ كَذَلِكَ وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْحَجِّ مُخْتَصَرَةٌ مَضْمُومَةٌ إِلَى حَدِيثِ الَّذِي سَأَلَ عَنِ الْعُمْرَةِ وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ وَفِيهَا مُخَالَفَةٌ لِرِوَايَةِ شُعْبَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَدْخَلَ بَيْنَ قَتَادَةَ وَعَطَاءٍ بُدَيْلَ بْنَ مَيْسَرَةَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَفْظُهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى أَنَّ أَجِيرًا لِيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَضَّ رَجُلٌ ذِرَاعَهُ وَقَدِ اعْتَرَضَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي تَخْرِيجِهِ هَذِهِ الطَّرِيقَ وَتَخْرِيجِهِ طَرِيقَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَابَعَاتِ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأُصُولِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَمُنْيَةُ الَّتِي نُسِبَ إِلَيْهَا يَعْلَى هُنَا هِيَ أُمُّهُ وَقِيلَ جَدَّتُهُ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ وَأَبُوهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ الْحَنْظَلِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بعْدهَا كحنين والطائف وتبوك ومنية أُمُّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ هِيَ بِنْتُ جَابِرٍ عَمَّةُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ وَقِيلَ أُخْتُهُ وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ مُسلم صحفها.

     وَقَالَ  مُنَبّه بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْمُوَحدَة وَهُوَ تَصْحِيف وَأغْرب بن وضاح فَقَالَ مُنَبّه بِسُكُونِ النُّونِ أُمُّهُ وَبِفَتْحِهَا ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَبُوهُ وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  خَرَجْتُ فِي غَزْوَةٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي غَزَاةٍ وَثَبَتَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّهَا غَزْوَةُ تَبُوكَ وَمثله فِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ بِلَفْظِ جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَبِهِ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَّاحِ.
وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ بِأَنَّ فِي بَابِ مَنْ أَحْرَمَ جَاهِلًا وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ بِهَا أَثَرُ صُفْرَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سَفَرٍ كَانَ فِيهِ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ.

قُلْتُ وَلَيْسَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ سَمِعَ الْحَدِيثَيْنِ فَأَوْرَدَهُمَا مَعًا عَاطِفًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِالْوَاوِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَعَجِيبٌ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ عَنِ الْحَدِيثِ فَيَرُدُّ مَا فِيهِ صَرِيحًا بِالْأَمْرِ الْمُحْتَمَلِ وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ إِلَّا إِيثَارُ الرَّاحَةِ بِتَرْكِ تَتَبُّعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهَا طَرِيقٌ تُوصِلُ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  فَعَضَّ رَجُلٌ فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ هُنَا بِهَذَا الِاخْتِصَارِ الْمُجْحِفِ وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق يحيى الْقطَّان عَن بن جُرَيْجٍ وَلَفْظُهُ قَاتَلَ رَجُلٌ آخَرَ فَعَضَّ يَدَهُ فَانْتَزَعَ يَدَهُ فَانْتَدَرَتْ ثَنِيَّتُهُ وَقَدْ بَيَّنْتُ اخْتِلَافَ طُرُقِهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا لَا يَلْزَمُ الْمَعْضُوضَ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّائِلِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ بِأَنَّ مَنْ شَهَرَ عَلَى آخَرَ سِلَاحًا لِيَقْتُلَهُ فَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَتَلَ الشَّاهِرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَكَذَا لَا يَضْمَنُ سِنَّهُ بِدَفْعِهِ إِيَّاهُ عَنْهَا قَالُوا وَلَوْ جَرَحَهُ الْمَعْضُوضُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَشَرْطُ الْإِهْدَارِ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَعْضُوضُ وَأَنْ لَا يُمْكِنَهُ تَخْلِيصُ يَدِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ضَرْبٍ فِي شِدْقَيْهِ أَوْ فَكِّ لِحْيَتِهِ لِيُرْسِلَهَا وَمَهْمَا أَمْكَنَ التَّخْلِيصُ بِدُونِ ذَلِكَ فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى الْأَثْقَلِ لَمْ يُهْدَرْ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُهْدَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَوُجِّهَ أَنَّهُ لَوْ دَفعه بِغَيْر ذَلِكَ ضَمِنَ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْإِنْذَارِ شِدَّةَ الْعَضِّ لَا النَّزْعَ فَيَكُونُ سُقُوطُ ثَنِيَّةِ الْعَاضِّ بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ الْمَعْضُوضِ إِذْ لَوْ كَانَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْيَدِ لَأَمْكَنَهُ أَنْ يُخَلِّصَ يَدَهُ مِنْ غَيْرِ قَلْعٍ وَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ بِالْأَثْقَلِ مَعَ إِمْكَانِ الْأَخَفِّ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْعَاضُّ قَصَدَ الْعُضْوَ نَفسه وَالَّذِي اسْتحق فِي اتلاف ذَلِك الْعُضْو غير مافعل بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا مَا جَنَاهُ عَلَى الْآخَرِ كَمَنْ قَلَعَ عَيْنَ رَجُلٍ فَقَطَعَ الْآخَرُ يَدَهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ فَهُوَ فَاسِدٌ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَعَلَّ أَسْنَانَهُ كَانَتْ تَتَحَرَّكُ فَسَقَطَتْ عَقِبَ النَّزْعِ وَسِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدْفَعُ هَذَا الِاحْتِمَالَ وَتَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَلَا عُمُومَ لَهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ فِي الْإِجَارَةِ عَقِبَ حَدِيثِ يَعْلَى هَذَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ مِثْلُ مَا وَقَعَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَى فِيهِ بِمِثْلِهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّقْيِيدِ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ وَكَذَا إِلْحَاقُ عُضْوٍ آخَرَ غَيْرِ الْفَمِ بِهِ فَإِنَّ النَّصَّ إِنَّمَا وَرَدَ فِي صُورَة مَخْصُوصَة نبه على ذَلِك بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَوْ بَلَغَ مَالِكًا هَذَا الْحَدِيثُ لَمَا خَالَفَهُ وَكَذَا قَالَ بن بَطَّالٍ لَمْ يَقَعْ هَذَا الْحَدِيثُ لِمَالِكٍ وَإِلَّا لَمَا خَالَفَهُ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ لَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

     وَقَالَ  أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ كَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ أَتَى مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ.

قُلْتُ وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ.
وَأَمَّا طَرِيقُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فَرَوَاهَا أَهْلُ الْحِجَازِ وَحَمَلَهَا عَنْهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَاعْتَذَرَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِفَسَادِ الزَّمَانِ وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِمْ إِسْقَاطَ الضَّمَانِ قَالَ وَضَمَّنَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَشْهُورٌ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَتعقب بِأَن الْمَعْرُوف عَن الشَّافِعِي أَنه لاضمان وَكَأَنَّهُ انْعَكَسَ عَلَى الْقُرْطُبِيِّ تَنْبِيهٌ لَمْ يَتَكَلَّمِ النَّوَوِيّ على مَا وَقع فِي رِوَايَة بن سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا إِجْرَاءُ الْقِصَاصِ فِي الْعَضَّةِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ مَعَ الْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ الْعَضَّ هُنَا إِنَّمَا أُذِنَ فِيهِ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى الْقِصَاصِ فِي قَلْعِ السِّنِّ لَكِنَّ الْجَوَابَ السَّدِيدَ فِي هَذَا أَنَّهُ اسْتَفْهَمَهُ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ لَا تَقْرِيرَ شَرْعٍ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الْفَوَائِدِ التَّحْذِيرُ مِنَ الْغَضَبِ وَأَنَّ مَنْ وَقَعَ لَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْظِمَهُ مَا اسْتَطَاعَ لِأَنَّهُ أَدَّى إِلَى سُقُوطِ ثَنِيَّةِ الْغَضْبَانِ لِأَنَّ يَعْلَى غَضِبَ مِنْ أَجِيرِهِ فَضَرَبَهُ فَدَفَعَ الْأَجِيرُ عَنْ نَفْسِهِ فَعَضَّهُ يَعْلَى فَنَزَعَ يَدَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّةُ الْعَاضِّ وَلَوْلَا الِاسْتِرْسَالُ مَعَ الْغَضَبِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ اسْتِئْجَارُ الْحُرِّ لِلْخِدْمَةِ وَكِفَايَةُ مُؤْنَةِ الْعَمَلِ فِي الْغَزْوِ لَا لِيُقَاتِلَ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْجِهَادِ وَفِيهِ رَفْعُ الْجِنَايَةِ إِلَى الْحَاكِمِ مِنْ أَجْلِ الْفَصْلِ وَأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ وَأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ بِالْجِنَايَةِ يَسْقُطُ مَا ثَبَتَ لَهُ قَبْلَهَا مِنْ جِنَايَةٍ إِذَا تَرَتَّبَتِ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى وَفِيهِ جَوَازُ تَشْبِيهِ فِعْلِ الْآدَمِيِّ بِفِعْلِ الْبَهِيمَةِ إِذَا وَقَعَ فِي مَقَامِ التَّنْفِيرِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَقَدْ حَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ رَأَى مَنْ صَحَّفَ قَوْلَهُ كَمَا يَقْضَمُ الْفُجْلُ بِالْجِيمِ بَدَلَ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَحَمَلَهُ عَلَى الْبَقْلِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ قَبِيحٌ وَفِيهِ دَفْعُ الصَّائِلِ وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْخَلَاصُ مِنْهُ إِلَّا بِجِنَايَةٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهِ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ كَانَ هَدَرًا وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَقَعَ لَهُ أَمْرٌ يَأْنَفُهُ أَوْ يَحْتَشِمُ مِنْ نِسْبَتِهِ إِلَيْهِ إِذَا حَكَاهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ فَعَلَ رَجُلٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَذَا وَكَذَا كَمَا وَقَعَ لِيَعْلَى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَكَمَا وَقَعَ لِعَائِشَةَ حَيْثُ قَالَتْ قَبَّلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَ لَهَا عُرْوَةُ هَلْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ فَتَبَسَّمَتْ (