فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب تضييع الصلاة عن وقتها

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ فِي تَضْيِيعِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ والْكُشْمِيهَنِيِّ وَسَقَطت للباقين قَوْله مهْدي هُوَ بن مَيْمُون وغيلان هُوَ بن جَرِيرٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ قَوْله قِيلَ الصَّلَاةُ أَيْ قِيلِ لَهُ الصَّلَاةُ هِيَ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا السَّلْبُ الْعَامُّ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ غَيَّرُوهَا أَيْضًا بِأَنْ أَخْرَجُوهَا عَنِ الْوَقْتِ وَهَذَا الَّذِي قَالَ لِأَنَسٍ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ أَبُو رَافِعٍ بَيَّنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَوْحٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ يَا أَبَا حَمْزَةَ وَلَا الصَّلَاةُ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا صنع الْحجَّاج فِي الصَّلَاة قولة صَنَعْتُم بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنُّونِ لِلْأَكْثَرِ وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ بِالْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي مُطَابَقَةِ التَّرْجَمَةِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلُ مَا ذكرته آنِفا من رِوَايَة عُثْمَان بن سعد وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  فِي آخِره أولم يصنعوا فِي الصَّلَاة مَا قد علمْتُم وروى بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ سَبَبَ قَوْلِ أَنَسٍ هَذَا الْقَوْلِ فَأَخْرَجَ فِي تَرْجَمَةِ أَنَسٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعُرْيَانِ الْحَارِثِيِّ سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ قَالَ كُنَّا مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَأَخَّرَ الْحَجَّاجُ الصَّلَاةَ فَقَامَ أَنَسٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فَنَهَاهُ إِخْوَانُهُ شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْهُ فَخَرَجَ فَرَكِبَ دَابَّتَهُ فَقَالَ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ رَجُلٌ فَالصَّلَاةُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ قَدْ جَعَلْتُمُ الظُّهْرَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ أَفَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ بن أَبِي عُمَرَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ مُخْتَصَرًا



[ قــ :516 ... غــ :530] قَوْله عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ هُوَ خُرَاسَانِيٌّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْمُونٌ قَوْله أَخُو عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْ هُوَ أَخُو عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ أَخِي عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عُثْمَانَ قَوْله بِدِمَشْقَ كَانَ قُدُومُ أَنَسٍ دِمَشْقَ فِي إِمَارَةِ الْحَجَّاجِ عَلَى الْعِرَاقِ قَدِمَهَا شَاكِيًا مِنَ الْحَجَّاجِ لِلْخَلِيفَةِ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَوْله مِمَّا أَدْرَكْتُ أَيْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ بِالنَّصْبِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مَوْجُودًا مِنَ الطَّاعَاتِ مَعْمُولًا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ غَيْرَ الصَّلَاةِ قَوْله وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ قَالَ الْمُهَلَّبُ وَالْمُرَادُ بِتَضْيِيعِهَا تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ لَا أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا عَنِ الْوَقْتِ كَذَا قَالَ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ مَعَ عَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْحَجَّاجَ وَأَمِيرَهُ الْوَلِيدَ وَغَيْرَهُمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ مِنْهَا مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَخَّرَ الْوَلِيدُ الْجُمُعَةَ حَتَّى أَمْسَى فَجِئْتُ فَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ أَجْلِسَ ثُمَّ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ وَأَنَا جَالِسٌ إِيمَاءً وَهُوَ يَخْطُبُ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَطَاءٌ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْقَتْلِ وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي جُحَيْفَةَ فَمَسَّى الْحَجَّاجُ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ أَبُو جُحَيْفَةَ فَصَلَّى وَمِنْ طَرِيقِ بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ الْحَجَّاجِ فَلَمَّا أَخَّرَ الصَّلَاةَ تَرَكَ أَنْ يَشْهَدَهَا مَعَهُ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ قَالَ كُنْتُ بِمِنًى وَصُحُفٌ تُقْرَأُ لِلْوَلِيدِ فَأَخَّرُوا الصَّلَاةَ فَنَظَرْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ يُومِئَانِ إِيمَاءً وَهُمَا قَاعِدَانِ قَوْله.

     وَقَالَ  بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ هُوَ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْجَامِعِ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ قَوْله نَحْوَهُ سِيَاقُهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مُوَافِقٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ وَهُوَ وَحْدَهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ فِي عهد رسوم اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ تَنْبِيهٌ إِطْلَاقُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا شَاهَدَهُ مِنْ أُمَرَاءِ الشَّامِ وَالْبَصْرَةِ خَاصَّةً وإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّكُمْ لَا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمِيرُهَا حِينَئِذٍ وَكَانَ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ حَتَّى أَخْبَرَهُ عُرْوَةُ عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ بِالنَّصِّ عَلَى الْأَوْقَاتِ فَكَانَ يُحَافِظُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ إِخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يُرَاعِي الْأَمْرَ مَعَهُمْ فَيُؤَخِّرُ الظَّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَنَسٌ أَيْضًا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْهُ