فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ثياب الحرير في المنام

( قَولُهُ بَابُ كَشْفِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَنَامِ)
وَقَولُهُ بَعْدَهُ بَابُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ فِي الْمَنَامِ ذَكَرَ فِيهِمَا حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي الْمَنَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَسَاقَهُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ وَفِي الثَّانِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَة كِلَاهُمَا عَن هِشَام وَهُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةُ يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ قَبْلَ



[ قــ :6645 ... غــ :7012] أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَأَعَادَ فِيهَا صُورَةَ الْمَنَامِ بَيَانًا لِقَوْلِهِ أُرِيتُكِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ رَأَيْتُ الْمَلَكَ يَحْمِلُكِ ثُمَّ قَالَ أُرِيتُكِ يَحْمِلُكِ.

     وَقَالَ  فِي الْمَرَّتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ اكْشِفْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَاكْشِفْهَا وَالضَّمِيرُ لِقَوْلِهِ امْرَأَتُكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ بِنَحْوِ سِيَاقِ أَبِي أُسَامَةَ وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ وَلَفْظُهُ فَقَالَ لِي هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ وَيَجْمَعُ هَذَا الِاخْتِلَافَ أَنَّ نِسْبَةَ الْكَشْفِ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْآمِرَ بِهِ وَأَنَّ الَّذِي بَاشَرَ الْكَشْفَ هُوَ الْمَلَكُ وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمَنَامُ ثَلَاثُ لَيَالٍ فَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ حَذَفَهَا لِأَنَّ الْأَكْثَرَ رَوَوْهُ بِلَفْظِ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَمِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ جَازِمِينَ بِمَرَّتَيْنِ وَمِنْ رِوَايَةِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بِالشَّكِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ مِنْ هِشَامٍ فَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى الْمُحَقَّقِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  مَرَّتَيْنِ وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِرِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْمُفَسَّرَةِ وَحُذِفَ لَفْظُ ثَلَاثٍ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ ثَابِتٌ وَقَولُهُ فَإِذَا هِيَ أَنْتِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُرِيدُ أَنَّهُ رَآهَا فِي النَّوْمِ كَمَا رَآهَا فِي الْيَقَظَةِ فَكَانَتِ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَا لَا غَيْرَهَا وَقَدْ بَيَّنَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي رِوَايَتِهِ الْمُرَادَ وَلَفْظُهُ أُتِيتُ بِجَارِيَةٍ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ بَعْدَ وَفَاةِ خَدِيجَةَ فَكَشَفْتُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ الْحَدِيثَ وَهَذَا يَدْفَعُ الِاحْتِمَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ جَوَّزُوا أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ السَّرَقَةِ وَضَبْطُهَا وَأَنَّ الْمَلَكَ الْمَذْكُورَ هُوَ جِبْرِيلُ وَكَثِيرٌ مِنْ مَبَاحِثِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَذَكَرْتُ احْتِمَالًا عَنْ عِيَاضٍ فِي قَوْلِهِ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ ثُمَّ وجدته أَخذ أَكْثَره من كَلَام بن بَطَّالٍ وَمُحَمَّدٌ فِي السَّنَدِ الثَّانِي جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْهُ أَنَّهُ أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَكَلَامُ الْكَلَابَاذِيِّ يَقْتَضِي انه بن سَلام قَالَ بن بَطَّالٍ رُؤْيَا الْمَرْأَةِ فِي الْمَنَامِ يَخْتَلِفُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّائِي حَقِيقَةً بِمَنْ يَرَاهَا أَوْ شَبَهِهَا وَمِنْهَا أَنْ يَدُلَّ عَلَى حُصُولِ دُنْيَا أَوْ مَنْزِلَةٍ فِيهَا أَوْ سَعَةٍ فِي الرِّزْقِ وَهَذَا أَصْلٌ عِنْدَ الْمُعَبِّرِينَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَدُلُّ الْمَرْأَةُ بِمَا يَقْتَرِنُ بِهَا فِي الرُّؤْيَا عَلَى فِتْنَةٍ تَحْصُلُ لِلرَّائِي.
وَأَمَّا ثِيَابُ الْحَرِيرِ فَيَدُلُّ اتِّخَاذُهَا لِلنِّسَاءِ فِي الْمَنَامِ عَلَى النِّكَاحِ وَعَلَى الْعَزَاءِ وَعَلَى الْغِنَى وَعَلَى زِيَادَةٍ فِي الْبَدَنِ قَالُوا وَالْمَلْبُوسُ كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى جِسْمِ لَابِسِهِ لِكَوْنِهِ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا وَاللِّبَاسُ فِي الْعُرْفِ دَالٌّ عَلَى أَقْدَارِ النَّاس وأحوالهم