فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا طار الشيء في المنام

( قَولُهُ بَابُ الْقَدَحِ فِي النَّوْمِ)
قَالَ أَهْلُ التَّعْبِيرِ الْقَدَحُ فِي النَّوْمِ امْرَأَةٌ أَوْ مَالٌ مِنْ جِهَةِ امْرَأَةٍ وَقَدَحُ الزُّجَاجِ يَدُلُّ عَلَى ظُهُورِ الْأَشْيَاءِ الْخَفِيَّةِ وَقَدَحُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ثَنَاءٌ حسن ذكر فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ الْمُتَقَدِّمَ فِي بَابِ اللَّبَنِ وَقَدْ مَضَى شَرحه هُنَاكَ قَولُهُ بَابُ إِذَا طَارَ الشَّيْءُ فِي الْمَنَامِ أَيِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَطِيرَ قَالَ أَهْلُ التَّعْبِيرِ مَنْ رَأَى أَنَّهُ يَطِيرُ فَإِنْ كَانَ إِلَى جِهَة السَّمَاء بِغَيْر تعريج ناله ضَرَرٌ فَإِنْ غَابَ فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَرْجِعْ مَاتَ وَإِنْ رَجَعَ أَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ وَإِنْ كَانَ يَطِيرُ عَرْضًا سَافَرَ وَنَالَ رِفْعَةً بِقَدْرِ طَيَرَانِهِ فَإِنْ كَانَ بِجَنَاحٍ فَهُوَ مَالٌ أَوْ سُلْطَانٌ يُسَافِرُ فِي كَنَفِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جَنَاحٍ دَلَّ عَلَى التَّغْرِيرِ فِيمَا يَدْخُلُ فِيهِ وَقَالُوا أَن الطيران للشرار دَلِيل ردئ



[ قــ :6663 ... غــ :7033] قَوْله يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم أَي بن سعد الزُّهْرِيّ وَصَالح هُوَ بن كيسَان قَوْله عَن بن عُبَيْدَةَ بِالتَّصْغِيرِ ابْنُ نَشِيطٍ بِنُونٍ وَمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَزْنُ عَظِيمٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَن أبي عُبَيْدَة جعلهَا كنية وَالصَّوَاب بن فَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السَّنَدِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي فِي قِصَّةِ الْعَنْسِيِّ.

     وَقَالَ  فِيهِ عَن بن عُبَيْدَةَ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ وَزَادَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ.

قُلْتُ وَهُوَ الرَّبَذِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ أَخُو مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ الْمُحَدِّثُ الْمَشْهُورُ بِالضَّعْفِ وَلَيْسَ لِعَبْدِ اللَّهِ هَذَا فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي سَنَدِهِ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيِّ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ قَالَ قَالَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أُسْقِطَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدَةَ مِنَ السَّنَدِ هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيِّ وَمِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَانِ ثِقَتَانِ رَوَيَاهُ هَكَذَا.

قُلْتُ لَكِنْ سَعِيدٌ ثِقَةٌ وَقَدْ تَابَعَهُ عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي الْمَغَازِي وَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهُ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَأَن قَول بن عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذُكِرَ لِي عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ يُبَيَّنُ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعِ بْنِ جُبَير عَن بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَةِ هُنَاكَ أَنَّ الْمُبْهَمَ الْمَذْكُورَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ الْمُهَلَّبُ هَذِهِ الرُّؤْيَا لَيْسَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ ضَرْبِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا أَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّوَارَيْنِ بِالْكَذَّابَيْنِ لِأَنَّ الْكَذِبَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَلَمَّا رَأَى فِي ذِرَاعَيْهِ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَلَيْسَا مِنْ لُبْسِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حِلْيَةِ النِّسَاءِ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ مَنْ يَدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ وَأَيْضًا فَفِي كَوْنِهِمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالذَّهَبُ مَنْهِيٌّ عَنْ لُبْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى الْكَذِبِ وَأَيْضًا فَالذَّهَبُ مُشْتَقٌّ مِنَ الذَّهَابِ فَعُلِمَ أَنَّهُ شَيْءٌ يَذْهَبُ عَنْهُ وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي نَفْخِهِمَا فَطَارَا فَعُرِفَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا أَمْرٌ وَأَنَّ كَلَامَهُ بِالْوَحْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ يُزِيلُهُمَا عَنْ مَوْضِعِهِمَا وَالنَّفْخُ يَدُلُّ عَلَى الْكَلَامِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَقَولُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَقَالَ عبيد الله هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُبَيْدُ اللَّهِ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنِ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ ذَكَرْتُ خَبَرَ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ هُنَاكَ وَذَكَرْتُ خَبَرَ مُسَيْلِمَةَ وَقَتْلِهِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَشَيْئًا مِنْ خَبَرِهِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي أَيْضًا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ كَانَ يُقَالُ لِلْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ ذُو الْحِمَارِ لِأَنَّهُ عَلَّمَ حِمَارًا إِذَا قَالَ لَهُ اسْجُدْ يَخْفِضُ رَأْسَهُ.

قُلْتُ فَعَلَى هَذَا هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِلَفْظِ الثَّوْب الَّذِي يختمر بِهِ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَقَّعُ بُطْلَانَ أَمْرِ مُسَيْلِمَةَ وَالْعَنْسِيِّ فَأَوَّلَ الرُّؤْيَا عَلَيْهِمَا لِيَكُونَ ذَلِكَ إِخْرَاجًا لِلْمَنَامِ عَلَيْهِمَا وَدَفْعًا لِحَالِهِمَا فَإِنَّ الرُّؤْيَا إِذَا عُبِرَتْ خَرَجَتْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى كَذَا قَالَ