فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا»

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا)
ذكره من حَدِيث بن عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَأَوْرَدَ مَعَهُمَا فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أُخْرَى الْأَوَّلُ وَالثَّانِي .

     قَوْلُهُ  مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ حَمْلُ السِّلَاحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقِتَالِهِمْ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَخْوِيفِهِمْ وَإِدْخَالِ الرُّعْبِ عَلَيْهِمْ وَكَأَنَّهُ كَنَّى بِالْحَمْلِ عَنِ الْمُقَاتَلَةِ أَوِ الْقَتْلِ لِلْمُلَازَمَةِ الْغَالِبَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ مَا يُضَادُّ الْوَضْعَ وَيَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْقِتَالِ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ حَمْلُهُ لِإِرَادَةِ الْقِتَالِ بِهِ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَلَيْنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَمْلُهُ لِلضَّرْبِ بِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّشْدِيدِ فِيهِ.

قُلْتُ جَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ مَنْ شَهَرَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَفِي سَنَدِ كُلٍّ مِنْهَا لِينٌ لَكِنَّهَا يَعْضِدُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ رَمَانَا بِالنَّبْلِ فَلَيْسَ مِنَّا وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ اللَّيْلِ بَدَلَ النَّبْلِ وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَيْسَ مِنَّا أَيْ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا أَوْ لَيْسَ مُتَّبِعًا لِطَرِيقَتِنَا لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْصُرَهُ وَيُقَاتِلَ دُونَهُ لَا أَنْ يُرْعِبَهُ بِحَمْلِ السِّلَاحِ عَلَيْهِ لِإِرَادَةِ قِتَالِهِ أَوْ قَتْلِهِ وَنَظِيرُهُ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ فَأَمَّا مَنْ يَسْتَحِلُّهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمِ بِشَرْطِهِ لَا مُجَرَّدَ حَمْلِ السِّلَاحِ وَالْأَوْلَى عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَأْوِيلِهِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَيَقُولُ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا وَيَرَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ تَأْوِيلِهِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ قَاتَلَ الْبُغَاةَ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ فَيُحْمَلُ عَلَى الْبُغَاةِ وَعَلَى مَنْ بَدَأَ بِالْقِتَالِ ظَالِما الْحَدِيثُ الثَّالِثُ



[ قــ :6696 ... غــ :7072] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ كَذَا فِي الْأُصُولِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا وَفِي الْعِتْقِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ غَيْرُ مَنْسُوبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ جَزَمَ بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَيحْتَمل ان يكون مُحَمَّد هُنَا هُوَ بن رَافِعٍ فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بن رَاهْوَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَبِي نُعَيْمٍ وَيَدُلُّ عَلَى وَهْمِهِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ .

     قَوْلُهُ  لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ كَذَا فِيهِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَهُوَ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ لَا يُشِرْ بِغَيْرِ يَاءٍ وَهُوَ بِلَفْظِ النَّهْيِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ قَوْله فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِغُ فِي يَدِهِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْخَلِيلُ فِي الْعَيْنِ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ الْقَوْمِ نَزْغًا حَمَلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْفَسَادِ وَمِنْهُ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَان بيني وَبَين أخوتي وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ قَلَعَ وَنَزَعَ بِالسَّهْمِ رَمَى بِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُغْرِي بَيْنَهُمْ حَتَّى يَضْرِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِسِلَاحِهِ فَيُحَقِّقَ الشَّيْطَان ضَربته لَهُ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ مَعْنَى يَنْزِعُهُ يَقْلَعُهُ مِنْ يَدِهِ فَيُصِيبُ بِهِ الْآخَرَ أَوْ يَشُدُّ يَدَهُ فَيُصِيبُهُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ جَمِيعِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ يَرْمِي بِهِ فِي يَدِهِ وَيُحَقِّقُ ضَرْبَتَهُ وَمَنْ رَوَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ مِنَ الْإِغْرَاءِ أَيْ يُزِيِّنُ لَهُ تَحْقِيقَ الضَّرْبَةِ .

     قَوْلُهُ  فَيَقَعُ فِي حُفْرَةِ مِنَ النَّارِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ وُقُوعِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ الَّتِي تُفْضِي بِهِ إِلَى دُخُول النَّار قَالَ بن بَطَّالٍ مَعْنَاهُ أَنْ أَنْفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدَ وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَمَّا يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَحْذُورُ مُحَقَّقًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي جَدٍّ أَوْ هَزْلٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُ أَحَدَكُمْ إِذَا أَشَارَ إِلَى الْآخَرِ بِحَدِيدَةٍ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَن بن سِيرِينَ عَنْهُ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَصْلَهُ مَوْقُوفًا مِنْ رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَن بن سِيرِينَ بِلَفْظِ مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ لَعَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَكَذَا صَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

     وَقَالَ  فِي طَرِيق ضَمرَة مُنكر وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا وَلِأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَوْمٍ فِي مَجْلِسٍ يَسُلُّونَ سَيْفًا يَتَعَاطَوْنَهُ بَيْنَهُمْ غَيْرَ مَغْمُودٍ فَقَالَ أَلَمْ أَزْجُرْ عَنْ هَذَا إِذَا سَلَّ أَحَدُكُمُ السَّيْفَ فَلْيُغْمِدْهُ ثُمَّ لِيُعْطِهِ أَخَاهُ وَلِأَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ نَحْوُهُ وَزَادَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِذَا سَلَّ أَحَدُكُمْ سَيْفَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُنَاوِلَهُ أَخَاهُ فَلْيُغْمِدْهُ ثُمَّ يناوله إِيَّاه قَالَ بن الْعَرَبِيِّ إِذَا اسْتَحَقَّ الَّذِي يُشِيرُ بِالْحَدِيدَةِ اللَّعْنَ فَكَيْفَ الَّذِي يُصِيبُ بِهَا وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ إِذَا كَانَتْ إِشَارَتُهُ تَهْدِيدًا سَوَاءٌ كَانَ جَادًّا أَمْ لَاعِبًا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا أُوخِذَ اللَّاعِبُ لِمَا أَدْخَلَهُ عَلَى أَخِيهِ مِنَ الرَّوْعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إِثْمَ الْهَازِلِ دُونَ إِثْمِ الْجَادِّ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ تَعَاطِي السَّيْفِ مَسْلُولًا لِمَا يُخَافُ مِنَ الْغَفْلَةِ عِنْدَ التَّنَاوُلِ فَيَسْقُطُ فَيُؤْذِي الحَدِيث الرَّابِعُ حَدِيثُ جَابِرٍ





[ قــ :6697 ... غــ :7073] .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ لِعَمْرٍو يَعْنِي بن دِينَارٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ هُوَ الْقَائِلُ نَعَمْ جَوَابًا لِقَوْلِ سُفْيَانَ لَهُ أَسَمِعْتَ جَابِرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْمَسَاجِدِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ بِأَسْهُمٍ هُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى بِسِهَامٍ أَنَّهَا سِهَامٌ قَلِيلَةٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ الْمَارَّ الْمَذْكُورَ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِهَا





[ قــ :6698 ... غــ :7074] .

     قَوْلُهُ  قَدْ بَدَا فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أُبْدِي وَالنُّصُولُ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ نَصْلٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَيُجْمَعُ عَلَى نِصَالٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالنَّصْلُ حَدِيدَةُ السَّهْمِ .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا يُفَسِّرُ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا .

     قَوْلُهُ  لَا يَخْدِشُ مُسْلِمًا بِمُعْجَمَتَيْنِ هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْإِمْسَاكِ عَلَى النِّصَالِ وَالْخَدْشُ أَوَّلُ الْجِرَاحِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَهُوَ بِإِسْنَادِ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ





[ قــ :6699 ... غــ :7075] .

     قَوْلُهُ  إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ إِلَخْ فِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ بِخِلَافِ حَدِيثِ جَابِرٍ فَإِنَّهُ وَاقِعَةُ حَالٍ لَا تَسْتَلْزِمُ التَّعْمِيمَ وَقَولُهُ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَيْ عَلَى النِّصَالِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ ذَلِكَ بَلْ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ لَا يُصِيبَ مُسْلِمًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ وَقَولُهُ أَنْ يُصِيبَ بِهَا بِفَتْحِ أَنْ وَالتَّقْدِيرُ كَرَاهِيَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِئَلَّا يُصِيبَ بِهَا وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي تَقْدِيرِ الْمَحْذُوفِ فِي مِثْلِهِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ سَدَّدْنَا بَعْضَنَا إِلَى وُجُوهِ بَعْضٍ وَهِيَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَوَّمْنَاهَا إِلَى وُجُوهِهِمْ وَهِيَ كِنَايَةٌ عَمَّا وَقَعَ مِنْ قِتَالِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ الْوَاقِعَةِ فِي الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ تَحْرِيمُ قِتَالِ الْمُسْلِمِ وَقَتْلِهِ وَتَغْلِيظُ الْأَمْرِ فِيهِ وَتَحْرِيمُ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى أَذِيَّتِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِلْقَوْلِ بسد الذرائع