فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب خروج النار

( قَولُهُ بَابُ خُرُوجِ النَّارِ أَيْ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ)
ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَنَسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمُغْرِبِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْهِجْرَةِ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ وَلَفْظُهُ.
وَأَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَوَصَلَهُ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ حُمَيْدٍ بِلَفْظِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ وَالْمُرَادُ بِالْأَشْرَاطِ الْعَلَامَاتُ الَّتِي يَعْقُبُهَا قِيَامُ السَّاعَةِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَشْرِ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ صِفَةُ حَشْرِ النَّارِ لَهُمْ الْحَدِيثُ الثَّانِي



[ قــ :6736 ... غــ :7118] .

     قَوْلُهُ  عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ قَدْ خَرَجَتْ نَارٌ بِالْحِجَازِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ بَدْؤُهَا زَلْزَلَةً عَظِيمَةً فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ الثَّالِثِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَاسْتَمَرَّتْ إِلَى ضُحَى النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَسَكَنَتْ وَظَهَرَتِ النَّارُ بِقُرَيْظَةَ بِطَرَفِ الْحَرَّةِ تُرَى فِي صُورَةِ الْبَلَدِ الْعَظِيمِ عَلَيْهَا سُورٌ مُحِيطٌ عَلَيْهِ شَرَارِيفُ وَأَبْرَاجٌ وَمَآذِنُ وَترى رجال يَقُودُونَهَا لَا تَمُرُّ عَلَى جَبَلٍ إِلَّا دَكَّتْهُ وَأَذَابَتْهُ وَيَخْرُجُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ مِثْلُ النَّهَرِ أَحْمَرُ وَأَزْرَقُ لَهُ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ الرَّعْدِ يَأْخُذُ الصُّخُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَنْتَهِي إِلَى مَحَطِّ الرَّكْبِ الْعِرَاقِيِّ وَاجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ رَدْمٌ صَارَ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ فَانْتَهَتِ النَّارُ إِلَى قُرْبِ الْمَدِينَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَأْتِي الْمَدِينَةَ نَسِيمٌ بَارِدٌ وَشُوهِدَ لِهَذِهِ النَّارِ غَلَيَانٌ كَغَلَيَانِ الْبَحْرِ.

     وَقَالَ  لِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا رَأَيْتُهَا صَاعِدَةً فِي الْهَوَاءِ مِنْ نَحْو خَمْسَة أَيَّام وَسمعت انها رؤيت مِنْ مَكَّةَ وَمِنْ جِبَالِ بُصْرَى.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ تَوَاتَرَ الْعِلْمُ بِخُرُوجِ هَذِهِ النَّارِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الشَّامِ.

     وَقَالَ  أَبُو شَامَةَ فِي ذَيْلِ الرَّوْضَتَيْنِ وَرَدَتْ فِي أَوَائِلِ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ كُتُبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فِيهَا شَرْحُ أَمْرٍ عَظِيمٍ حَدَثَ بِهَا فِيهِ تَصْدِيقٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ مِمَّنْ شَاهَدَهَا أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَتَبَ بِتَيْمَاءَ عَلَى ضَوْئِهَا الْكُتُبَ فَمِنَ الْكُتُبِ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ ظَهَرَ فِي أَوَّلِ جُمْعَةٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي شَرْقَيِ الْمَدِينَةِ نَارٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ نِصْفُ يَوْمٍ انْفَجَرَتْ مِنَ الْأَرْضِ وَسَالَ مِنْهَا وَادٍ مِنْ نَارٍ حَتَّى حَاذَى جَبَلَ أُحُدٍ وَفِي كِتَابٍ آخَرَ انْبَجَسَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْحَرَّةِ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ يَكُونُ قَدْرُهَا مِثْلَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَهِيَ بِرَأْيِ الْعَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَالَ مِنْهَا وَادٍ يَكُونُ مِقْدَارُهُ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ وَعَرْضُهُ أَرْبَعَ أَمْيَالٍ يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ مِهَادٌ وَجِبَالٌ صِغَارٌ وَفِي كِتَابٍ آخَرَ ظَهَرَ ضَوْؤُهَا إِلَى أَنْ رَأَوْهَا مِنْ مَكَّةَ قَالَ وَلَا أَقْدِرُ أَصِفُ عِظَمَهَا وَلَهَا دَوِيٌّ قَالَ أَبُو شَامَةَ وَنَظَمَ النَّاسُ فِي هَذَا أَشْعَارًا وَدَامَ أَمْرُهَا أَشْهُرًا ثُمَّ خَمَدَتْ وَالَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ النَّارَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ هِيَ الَّتِي ظَهَرَتْ بِنَوَاحِي الْمَدِينَةِ كَمَا فَهِمَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا النَّارُ الَّتِي تَحْشُرُ النَّاسَ فَنَارٌ أُخْرَى وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْحِجَازِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَحْوُ هَذِهِ النَّارِ الَّتِي ظَهَرَتْ بِنَوَاحِي الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ فَقَامَ فِي أَمْرِهَا حَتَّى أَخْمَدَهَا وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِصَّةٍ لَهُ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى فِي كِتَابِ الْجَمَاجِمِ وَأَوْرَدَهَا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ مَهْدِيِّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي يُونُس عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْسٍ يُقَالُ لَهُ خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ لِقَوْمِهِ اني أطفي عَنْكُمْ نَارَ الْحِدْثَانِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهَا فَانْطَلَقَ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ شَقِّ جَبَلٍ مِنْ حَرَّةٍ يُقَالُ لَهَا حَرَّةُ أَشْجَعَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي دُخُولِهِ الشَّقَّ وَالنَّارُ كَأَنَّهَا جَبَلُ سَقَرَ فَضَرَبَهَا بِعَصَاهُ حَتَّى أَدْخَلَهَا وَخَرَجَ وَقَدْ أَوْرَدْتُ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ طَرَفًا مِنْ تَرْجَمَتِهِ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ .

     قَوْلُهُ  تُضِيءُ أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى قَالَ بن التِّينِ يَعْنِي مِنْ آخِرِهَا يَبْلُغُ ضَوْؤُهَا إِلَى الْإِبِلِ الَّتِي تَكُونُ بِبُصْرَى وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ وَأَضَاءَ يَجِيءُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ أَضَاءَتِ النَّارُ وَأَضَاءَتِ النَّارُ غَيْرَهَا وَبُصْرَى بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ مَقْصُورٌ بَلَدٌ بِالشَّامِ وَهِيَ حَوْرَانُ.

     وَقَالَ  أَبُو الْبَقَاءِ أَعْنَاقٌ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ تُضِيءُ مُتَعَدٍّ وَالْفَاعِلُ النَّارُ أَيْ تَجْعَلُ عَلَى أَعْنَاقِ الْإِبِلِ ضَوْءًا قَالَ وَلَوْ رَوَى بِالرَّفْعِ لَكَانَ مُتَّجِهًا أَيْ تُضِيءُ أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِهِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَقَدْ وَرَدَتْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أخرجه بن عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ سعيد التنوخي عَن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَرْفَعُهُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسِيلَ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْحِجَازِ بِالنَّارِ تُضِيءُ لَهُ أَعْنَاق الْإِبِل ببصرى وَعمر ذكره بن حبَان فِي الثِّقَات وَلينه بن عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَهَذَا يَنْطَبِقُ عَلَى النَّارِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الْمِائَةِ السَّابِعَةِ وَأَخْرَجَ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي آخِرِ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الَّذِي مَضَى التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ رُومَانَ أَوْ رَكُوبَةٍ تُضِيءُ مِنْهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى.

قُلْتُ وَرَكُوبَةٌ ثَنِيَّةٌ صَعْبَةُ الْمُرْتَقَى فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّام مَرَّ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ذَكَرَهُ الْبَكْرِيُّ وَرُومَانُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْبَكْرِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ رُومَةُ الْبِئْرِ الْمَعْرُوفَةُ بِالْمَدِينَةِ فَجَمَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ النَّارَيْنِ وَأَنَّ إِحْدَاهُمَا تَقَعُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ مَعَ جُمْلَةِ الْأُمُورِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا الصَّادِقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأُخْرَى هِيَ الَّتِي يَعْقُبُهَا قِيَامُ السَّاعَةِ بِغَيْرِ تَخَلُّلِ شَيْءٍ آخَرَ وَتَقَدُّمُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي الذِّكْرِ لَا يَضُرُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :6737 ... غــ :7119] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَصِفَتِهِ وَهُوَ مِنَ الطَّبَقَةِ الْوُسْطَى الثَّالِثَةِ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَعَاشَ بَعْدَ البُخَارِيّ سنة وَاحِدَة وَعبيد الله هُوَ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عبد الرَّحْمَن بِمُعْجَمَة وموحدتين مصغر وَهُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ يَسَافٍ الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ أَيِ بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالضَّمِيرُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَا لِشَيْخِهِ .

     قَوْلُهُ  يُوشِكُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَقْرُبُ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَحْسِرَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ وَالْحَاءُ وَالسِّينُ مُهْمَلَتَانِ أَيْ يَنْكَشِفُ .

     قَوْلُهُ  الْفُرَاتُ أَيِ النَّهَرُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمَجْرُورَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُقَالُ يَجُوزُ أَنَّهُ يُكْتَبُ بِالْهَاءِ كَالتَّابُوتِ وَالتَّابُوهِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالْعَنْكَبُوهِ أَفَادَهُ الْكَمَالُ بْنُ الْعَدِيمِ فِي تَارِيخِهِ نَقْلًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اللَّيْثِ .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ مُمْكِنٌ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَنَانِيرَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِطَعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تِبْرًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عقبَة هُوَ بن خَالِدٍ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ هُوَ وَالَّذِي قَبْلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ وَأَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ وَالْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْلَدِيِّ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ عَنِ الشَّيْخَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ بن عُمَرَ الْمَذْكُورُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ يَعْنِي أَنَّ لِعُبَيْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادَيْنِ .

     قَوْلُهُ  يَحْسِرَ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ يَعْنِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ اتَّفَقَتَا إِلَّا فِي قَوْلِهِ كَنْزٌ فَقَالَ الْأَعْرَجُ جَبَلٌ وَقَدْ سَاقَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ الْحَدِيثَيْنِ بِسَنَدٍ وَاحِدٍ مِنْ رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُقْبِلٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ وَفَرَّقَهُمَا وَلَفْظُهُمَا وَاحِدٌ إِلَّا لَفْظَ كَنْزٍ وَجَبَلٍ وَتَسْمِيَتُهُ كَنْزًا بِاعْتِبَارِ حَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْكَشِفَ وَتَسْمِيَتُهُ جَبَلًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى كَثْرَتِهِ وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قُتِلْتُ وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي ثُمَّ يَدْعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئا قَالَ بن التِّينِ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الْأَخْذِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُؤْخَذُ إِلَّا بِحَقِّهِ قَالَ وَمَنْ أَخذه وَكثر المَال نَدم لأَخذه مَالا يَنْفَعُهُ وَإِذَا ظَهَرَ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ كَسَدَ الذَّهَبُ وَلَمْ يُرَدْ.

قُلْتُ وَلَيْسَ الَّذِي قَالَهُ بِبَيِّنٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ أَخْذِهِ لِمَا يَنْشَأُ عَنْ أَخْذِهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ عَلَيْهِ وَقَولُهُ وَإِذَا ظَهَرَ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ إِلَخْ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا زَعَمَ مِنَ الْكَسَادِ أَنْ لَوِ اقْتَسَمَهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَوَسِعَهُمْ كُلَّهُمْ فَاسْتَغْنَوْا أَجْمَعِينَ فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ الرَّغْبَةُ فِيهِ.
وَأَمَّا إِذَا حَوَاهُ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ فَحِرْصُ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ يَقَعُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ الْحَشْرِ الْوَاقِعِ فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ عَدَمِ الظُّهُورِ أَوْ قِلَّتِهِ فَلَا يَنْتَفِعُ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِدْخَالِ الْبُخَارِيِّ لَهُ فِي تَرْجَمَةِ خُرُوجِ النَّارِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي رُجْحَانُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَيُقْتَلُ عَلَيْهِ النَّاسُ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُوشِكُ أَنْ يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيَذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ قَالَ فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَبَطل مَا تخيله بن التِّينِ وَتَوَجَّهَ التَّعَقُّبُ عَلَيْهِ وَوَضَّحَ أَنَّ السَّبَبَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنْهُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طَلَبِ الْأَخْذِ مِنْهُ مِنَ الِاقْتِتَالِ فَضْلًا عَنِ الْأَخْذِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ خُرُوجِ النَّارِ لِلْمَحْشَرِ لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ السَّبَبَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنْهُ وَقَدْ أخرج بن مَاجَهْ عَنْ ثَوْبَانَ رَفَعَهُ قَالَ يُقْتَلُ عِنْدَ كنزكم ثَلَاثَة كلهم بن خَلِيفَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْمَهْدِيِّ فَهَذَا إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْكَنْزِ فِيهِ الْكَنْزُ الَّذِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَهْدِيِّ وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى وَقَبْلَ خُرُوجِ النَّارِ جَزْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ وَقع عِنْد احْمَد وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُ حَدِيثِ الْبَابِ إِلَى قَوْلِهِ مِنْ ذَهَبٍ فَيَقْتَتِلُ عَلَيْهِ النَّاسُ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ تِسْعَةٌ وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ وَالْمَحْفُوظُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ وَشَاهِدُهُ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِاخْتِلَافِ تَقْسِيمِ النَّاسِ إِلَى قِسْمَيْنِ

( قَولُهُ بَابُ كَذَا)
لِلْجَمِيعِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ لَكِنْ سقط من شرح بن بَطَّالٍ وَذَكَرَ أَحَادِيثَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وعَلى الأول فَهُوَ كالفصل من الَّذِي قَبْلَهُ وَتَعَلُّقُهُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الِاحْتِمَالِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَسْتَغْنِي فِيهِ النَّاسُ عَنِ الْمَالِ إِمَّا لِاشْتِغَالِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِنَفْسِهِ عِنْدَ طُرُوقِ الْفِتْنَةِ فَلَا يَلْوِي عَلَى الْأَهْلِ فَضْلًا عَنِ الْمَالِ وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الدَّجَّالِ وَإِمَّا بِحُصُولِ الْأَمْنِ الْمُفْرِطِ وَالْعَدْلِ الْبَالِغِ بِحَيْثُ يَسْتَغْنِي كُلُّ أَحَدٍ بِمَا عِنْدَهُ عَمَّا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ فِي زمن الْمهْدي وَعِيسَى بن مَرْيَمَ وَإِمَّا عِنْدَ خُرُوجِ النَّارِ الَّتِي تَسُوقُهُمْ إِلَى الْمَحْشَرِ فَيَعِزُّ حِينَئِذٍ الظَّهْرُ وَتُبَاعُ الْحَدِيقَةُ بِالْبَعِيرِ الْوَاحِدِ وَلَا يَلْتَفِتُ أَحَدٌ حِينَئِذٍ إِلَى مَا يُثْقِلُهُ مِنَ الْمَالِ بَلْ يَقْصُدُ نَجَاةَ نَفسه من يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَهَذَا أَظْهَرُ الِاحْتِمَالَات وَهُوَ الْمُنَاسب لِصَنِيعِ الْبُخَارِيِّ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَكَرَ بن بَطَّالٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ تَخْرُجُ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ فَإِذَا سَمِعْتُمُ بِهَا فَاخْرُجُوا إِلَى الشَّامِ قَالَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَرِيحَةَ بِمُهْمَلَاتٍ وَزْنُ عَظِيمَةٍ وَاسْمُهُ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسَدٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ إِنَّ آخِرَ الْآيَاتِ الْمُؤْذِنَةِ بِقِيَامِ السَّاعَةِ خُرُوجُ النَّارِ.

قُلْتُ وَلَفْظُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ مَا تَذَاكَرُونَ قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ قَالَ إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَالَ وَالدَّابَةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى بن مَرْيَمَ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ فَتَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرهمْ قلت وَهَذَا فِي الظَّاهِرُ يُعَارِضُ حَدِيثَ أَنَسٍ الْمُشَارَ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ أَوَّلَ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَفِي هَذَا أَنَّهَا آخِرُ الْأَشْرَاطِ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَن آخِرِيَّتُهَا بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ مَعَهَا مِنَ الْآيَاتِ وَأَوَّلِيَّتُهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا أَوَّلُ الْآيَاتِ الَّتِي لَا شَيْءَ بَعْدَهَا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا أَصْلًا بَلْ يَقَعُ بِانْتِهَائِهَا النَّفْخُ فِي الصُّورِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مَعَهَا فَإِنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا أَشْيَاءُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا



[ قــ :6738 ... غــ :710] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدّد حَدثنَا يحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ وَلِمُسَدَّدٍ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْقَاضِي عَنْ مُسَدَّدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا معبد يَعْنِي بن خَالِدٍ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ عَنْ آدَمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ .

     قَوْلُهُ  حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ أَيِ الْخُزَاعِيَّ .

     قَوْلُهُ  تَصَدَّقُوا فَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَلْفَاظِهِ فِي أَوَائِلِ الزَّكَاةِ وَقَولُهُ قَالَ مُسَدَّدٌ هُوَ شَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ كَمَا ذَكَرَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَفِيهِ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يَخْرُجُ بِمِلْءِ كَفِّهِ ذَهَبًا يَلْتَمِسُ مَنْ يَقْبَلُهُ فَلَا يَجِدُ وَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ مَا مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِينَا بِالْمَالِ الْعَظِيمِ فَيَقُولُ اجْعَلُوا هَذَا حَيْثُ تَرَوْنَ فِي الْفُقَرَاءِ فَمَا يَبْرَحُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَالِهِ يَتَذَكَّرُ مَنْ يَضَعُهُ فِيهِمْ فَلَا يَجِدُ فَيَرْجِعُ بِهِ قَدْ أَغْنَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ النَّاسَ.

قُلْتُ وَهَذَا بِخِلَافِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَحَادِيثُ الْأَنْبِيَاءِ حَدِيثُ لَيُوشِكَنَّ ان ينزل فِيكُم بن مَرْيَمَ وَفِيهِ وَيَفِيضُ الْمَالُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ عَدِيٌّ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ أَمَنُ الطُّرُقِ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى كُنُوزِ كِسْرَى وَفَقْدُ مَنْ يَقْبَلُ الصَّدَقَةِ مِنَ الْفُقَرَاءِ فَذَكَرَ عَدِيٌّ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ وَقَعَا وَشَاهِدُهُمَا وَأَنَّ الثَّالِثَ سَيَقَعُ فَكَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ بَعْدَ مَوْتِ عَدِيٍّ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَبَبُهُ بَسْطُ عُمَرَ الْعَدْلَ وَإِيصَالُ الْحُقُوقِ لِأَهْلِهَا حَتَّى اسْتَغْنَوْا.
وَأَمَّا فَيْضُ الْمَالِ الَّذِي يَقَعُ فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَبَبُهُ كَثْرَةُ الْمَالِ وَقِلَّةُ النَّاسِ وَاسْتِشْعَارُهُمْ بِقِيَامِ السَّاعَةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَعْدَهُ قَوْله حَارِثَة يَعْنِي بن وَهْبٍ صَحَابِيَّ هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالتَّصْغِيرِ .

     قَوْلُهُ  لِأُمِّهِ هِيَ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ جَرْوَلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَصْرَمَ الْخُزَاعِيَّةُ ذَكَرَهَا بن سَعْدٍ قَالَ وَكَانَ الْإِسْلَامُ فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عُمَرَ.

قُلْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ فِي آخِرِ بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْجِهَادِ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا حَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْتَ عُمَرَ فَوَلَدَتْ لَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرٍ وَتَقَدَّمَ لِلْبُخَارَيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْأَعْرَجُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ لِهَذِهِ النُّسْخَةِ عَنِ الْأَعْرَجِ وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بَعْضُ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ .

     قَوْلُهُ  لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ الْحَدِيثَ وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ الْحَدِيثَ وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ إِلَخْ هَكَذَا سَاقَ هَذِهِ الْأَشْرَاطَ السَّبْعَةَ مَسَاقَ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ هُنَا وَأَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا.

     وَقَالَ  رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ السَّبْعَةَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ.

قُلْتُ فَسَمَّاهَا سَبْعَةً مَعَ أَنَّ فِي بَعْضِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ فَإِذَا فُصِّلَتْ زَادَتْ عَلَى الْعَشَرَةِ وَقَدْ أَفْرَدَ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ حَدِيثَ قَبْضِ الْعِلْمِ فَسَاقَهُ كَالَّذِي هُنَا فِي كِتَابِ الِاسْتِسْقَاءِ ثُمَّ قَالَ وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنْهُ ثُمَّ سَاقَهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ بِتَمَامِهِ وَذَكَرَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَشْيَاءُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا النَّمَطِ وَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ سَيَقَعُ بَعْدُ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ لَكِنَّهُ عَلَى أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا وَقَعَ عَلَى وَفْقِ مَا قَالَ وَالثَّانِي مَا وَقَعَتْ مَبَادِيهِ وَلَمْ يَسْتَحْكِمْ وَالثَّالِثُ مَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَكِنَّهُ سَيَقَعُ فَالنَّمَطُ الْأَوَّلُ تَقَدَّمَ مُعْظَمُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَقَدِ اسْتَوْفَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ الْمَقْبُولَةِ وَالْمَذْكُورُ مِنْهُ هُنَا اقْتِتَالُ الْفِئَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ وَظُهُورُ الْفِتَنِ وَكَثْرَةُ الْهَرْجِ وَتَطَاوُلُ النَّاسِ فِي الْبُنْيَانِ وَتَمَنِّي بَعْضِ النَّاسِ الْمَوْتَ وَقِتَالُ التُّرْكِ وَتَمَنِّي رُؤْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّا وَرَدَ مِنْهُ حَدِيثُ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَامِ وَلَهُ شَوَاهِدُ وَمِنَ النَّمَطِ الثَّانِي تَقَارُبُ الزَّمَانِ وَكَثْرَةُ الزَّلَازِلِ وَخُرُوجُ الدَّجَّالِينَ الْكَذَّابِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْفِتَنِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي مَعْنَى تَقَارُبِ الزَّمَانِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَتَنْقُصُ السُّنُونَ وَالثَّمَرَاتُ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ ظُهُورِ الْفِتَن ويلقى الشُّح وَمِنْهَا حَدِيث بن مَسْعُودٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الَّذِي نَبَّهْتُ عَلَيْهِ آنِفًا لَا يُنَافِي أَنَّ قَبْلَ السَّاعَةِ يَقَعُ عَشْرُ آيَاتٍ فَذَكَرَ مِنْهَا وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَذَكَرَ مِنْهَا الدُّخَانَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِك فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي سُورَةِ الدُّخَانِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ صُحَارَى بِضَمِّ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ حَدِيثَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُخْسَفَ بِقَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ الْحَدِيثَ وَقَدْ وُجِدَ الْخَسْفُ فِي مَوَاضِعَ وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْخُسُوفِ الثَّلَاثَةِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا وُجِدَ كَأَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مِنْهُ مَكَانا أَو قدرا وَحَدِيث بن مَسْعُودٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُودَ كُلَّ قَبِيلَةٍ مُنَافِقُوهَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِي لَفْظٍ رُذَّالُهَا وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ نَحْوَهُ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ زَعِيمَ الْقَوْمِ أَرْذَلُهُمْ وَسَادَ الْقَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ وَحَدِيث بن مَسْعُودٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ غَيْظًا وَالْمَطَرُ قَيْظًا وَتَفِيضَ الْأَيَّامُ فَيْضًا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَعَنْ أُمِّ الضِّرَابِ مِثْلُهُ وَزَادَ وَيَجْتَرِئُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَاللَّئِيمُ عَلَى الْكَرِيمِ وَيُخَرَّبُ عُمْرَانُ الدُّنْيَا وَيُعَمَّرُ خَرَابُهَا وَمِنَ النَّمَطِ الثَّالِثِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَحَدِيثِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ وَرَاءَ الْحَجَرِ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَن سَالم عَن بن عُمَرَ وَمَضَى شَرْحُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ قَبْلَ الدَّجَّالِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ أَمَامَ الدَّجَّالِ سُنُونَ خَدَّاعَاتٌ يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَمِثْلِهِ لِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ وَحَدِيثِ سَمُرَةَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا أُمُورًا عِظَامًا لَمْ تُحَدِّثُوا بِهَا أَنْفُسَكُمْ وَفِي لَفْظٍ يَتَفَاقَمُ شَأْنُهَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَتَسْأَلُونَ هَلْ كَانَ نَبِيُّكُمْ ذَكَرَ لَكُمْ مِنْهَا ذِكْرًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَحَتَّى تَرَوُا الْجِبَالَ تَزُولُ عَنْ أَمَاكِنِهَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَأَصْلُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ دُونَ الْمَقْصُودِ مِنْهُ هُنَا وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُتَسَافَدَ فِي الطَّرِيقِ تسافد الْحمر أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَلِأَبِي يَعْلَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَفْنَى هَذِهِ الْأُمَّةُ حَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَيَفْتَرِشَهَا فِي الطَّرِيقِ فَيَكُونَ خِيَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ مَنْ يَقُولُ لَوْ وَارَيْنَاهَا وَرَاءَ هَذَا الْحَائِطِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ نَحْوُهُ وَفِيهِ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ لَوِ اعْتَزَلْتُمُ الطَّرِيقَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى تَمُرَّ الْمَرْأَةُ بِالْقَوْمِ فَيَقُومَ إِلَيْهَا أَحَدُهُمْ فَيَرْفَعَ بِذَيْلِهَا كَمَا يَرْفَعُ ذَنَبَ النَّعْجَةِ فَيَقُولَ بَعْضُهُمْ أَلَا وَارَيْتَهَا وَرَاءَ الْحَائِطِ فَهُوَ يَوْمئِذٍ فِيهِمْ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِيكُمْ وَحَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عِنْدَ بن مَاجَهْ يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَيَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ وَيَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا وَحَدِيثِ أَنَسٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ اللَّهُ اللَّهُ وَلَهُ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلِأَحْمَدَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عِلْبَاءَ السُّلَمِيِّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ وَمَدٌّ بِلَفْظِ حُثَالَةٍ بَدَلَ شِرَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ شَوَاهِدُهُ فِي بَابِ إِذَا بَقِيَ حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى مُؤْمِنٍ وَلِأَحْمَدَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَأْخُذَ اللَّهُ شَرِيطَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَيَبْقَى عَجَاجٌ لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا وَلِلطَّيَالِسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَرْجِعَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي إِلَى الْأَوْثَانِ يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ فِي ذِكْرِ ذِي الْخَلَصَةِ قَرِيبًا وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَيَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا وَلِمُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ وَحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى مِنْ دُونِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَيَتَوَفَّى بِهَا كُلَّ مُؤْمِنٍ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ شَاهِدُهُ وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ عِيسَى بن مَرْيَمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَشْرَاطُ مِنْهَا صِغَارٌ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُهَا وَمِنْهَا كِبَارٌ سَتَأْتِي.

قُلْتُ وَهِيَ الَّتِي تَضَمَّنَهَا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَهِيَ الدَّجَّالُ وَالدَّابَّةُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ من مغْرِبهَا كالحامل المتم ونزول عِيسَى بن مَرْيَمَ وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالرِّيحُ الَّتِي تَهُبُّ بَعْدَ مَوْتِ عِيسَى فَتَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدِ اسْتَشْكَلُوا عَلَى ذَلِكَ حَدِيثَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَضْلًا عَنِ الْقَائِمِ بِالْحَقِّ وَظَاهِرُ الثَّانِي الْبَقَاءُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَمْرُ اللَّهِ هُبُوبَ تِلْكَ الرِّيحِ فَيَكُونَ الظُّهُورُ قَبْلَ هُبُوبِهَا فَبِهَذَا الْجَمْعِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا بَعْدَ هُبُوبِهَا فَلَا يَبْقَى إِلَّا الشِّرَارُ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ وَعَلَى هَذَا فَآخِرُ الْآيَاتِ الْمُؤْذِنَةِ بِقِيَامِ السَّاعَةِ هُبُوبُ تِلْكَ الرِّيحِ وَسَأَذْكُرُ فِي آخِرِ الْبَابِ قَوْلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ السَّاعَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ كَالْحَامِلِ الْمُتِمِّ لَا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَضَعُ فَصْلٌ.
وَأَمَّا





[ قــ :6739 ... غــ :711] .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِئَتَيْنِ عَلِيٌّ وَمَنْ مَعَهُ وَمُعَاوِيَةُ وَمَنْ مَعَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَسْمِيَتِهِمْ مُسْلِمِينَ وَمن قَوْلِهِ دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ الرَّدُّ عَلَى الْخَوَارِجِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فِي تَكْفِيرِهِمْ كُلًّا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَدَلَّ حَدِيثُ تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ الْمُصِيبَ فِي تِلْكَ الْحَرْبِ لِأَنَّ أَصْحَابَ مُعَاوِيَةَ قَتَلُوهُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَقَدْ خَرَجَ أَهْلُ دِينِكُمْ يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ وُجُوهَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ اُنْظُرُوا الْفِرْقَةَ الَّتِي تَدْعُو إِلَى أَمْرِ عَلِيٍّ فَالْزَمُوهَا فَإِنَّهَا عَلَى الْحَقِّ وَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ لَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ غَلَبَةُ عَلِيٍّ عَلَى أَهْلِ الْجَمَلِ دَعَا إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَأَجَابَهُ أَهْلُ الشَّامِ فَسَارَ إِلَيْهِ عَليّ فَالْتَقَيَا بِصِفِّينَ وَقَدْ ذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ أَحَدَ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ صِفِّينَ فِي تَأْلِيفِهِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ أَنْتَ تُنَازِعُ عَلِيًّا فِي الْخِلَافَةِ أَوْ أَنْتَ مِثْلُهُ قَالَ لَا وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنِّي وَأَحَقُّ بِالْأَمْرِ وَلَكِنْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُومًا وَأَنا بن عَمِّهِ وَوَلِيُّهُ أَطْلُبُ بِدَمِهِ فَأْتُوا عَلِيًّا فَقُولُوا لَهُ يَدْفَعُ لَنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَأَتَوْهُ فَكَلَّمُوهُ فَقَالَ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعَةِ وَيُحَاكِمُهُمْ إِلَيَّ فَامْتَنَعَ مُعَاوِيَةُ فَسَارَ عَلِيٌّ فِي الْجُيُوشِ مِنَ الْعِرَاقِ حَتَّى نَزَلَ بِصِفِّينَ وَسَارَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نَزَلَ هُنَاكَ وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَتَرَاسَلُوا فَلَمْ يَتِمَّ لَهُمْ أَمْرٌ فَوَقَعَ الْقِتَالُ إِلَى أَنْ قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا ذكر بن أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ نَحْوُ سَبْعِينَ أَلْفًا وَقِيلَ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ كَانَ بَيْنَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ زَحْفًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ مَا زَادَهَا أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ مِنْ قِصَّةِ التَّحْكِيمِ بِصِفِّينَ وَتَشْبِيهِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مَا وَقَعَ لَهُمْ بِهَا بِمَا وَقع يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي الرِّضَا سَمِعْتُ عَمَّارًا يَوْمَ صِفِّينَ يَقُولُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَنِفَهُ الْحُورُ الْعِينُ فَلْيَتَقَدَّمْ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مُحْتَسِبًا وَمِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ عَمَّارٍ فَقَالَ رَجُلٌ كَفَرَ أَهْلُ الشَّامِ فَقَالَ عَمَّارٌ لَا تَقُولُوا ذَلِكَ نَبِيُّنَا وَاحِدٌ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ حَادُوا عَنِ الْحَقِّ فَحُقَّ علينا أَن نقاتلهم حَتَّى يرجِعوا وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا قُتِلَ وَبُويِعَ عَلِيٌّ أَشَارَ بن عَبَّاسٍ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ مُعَاوِيَةَ عَلَى الشَّامِ حَتَّى يَأْخُذَ لَهُ الْبَيْعَةَ ثُمَّ يَفْعَلَ فِيهِ مَا شَاءَ فَامْتَنَعَ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَلِيَ لَهُ شَيْئًا أَبَدًا فَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَمَلِ أَرْسَلَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَدْعُوهُ إِلَى الدُّخُولِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَامْتَنَعَ وَأرْسل أَبَا مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَمْ يَنْتَظِمِ الْأَمْرُ وَسَارَ عَلِيٌّ فِي الْجُنُودِ إِلَى جِهَةِ مُعَاوِيَةَ فَالْتَقَيَا بِصِفِّينَ فِي الْعَشَرِ الْأُوَلِ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَأَوَّلُ مَا اقْتَتَلُوا فِي غُرَّةِ صَفَرٍ فَلَمَّا كَادَ أَهْلُ الشَّامِ أَنْ يُغْلَبُوا رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ بِمَشُورَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَدَعَوْا إِلَى مَا فِيهَا فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى الْحَكَمَيْنِ فَجَرَى مَا جَرَى مِنَ اخْتِلَافِهِمَا وَاسْتِبْدَادِ مُعَاوِيَةَ بِمُلْكِ الشَّامِ وَاشْتِغَالِ عَلِيٍّ بِالْخَوَارِجِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فَقَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَلَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِأَهْلِ الشَّامِ قَالَ عَمْرُو لِمُعَاوِيَةَ أَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ الْمُصْحَفَ فَادْعُهُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْبَى عَلَيْكَ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أوتو نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ معرضون فَقَالَ عَلِيٌّ نَعَمْ أَنَا أَوْلَى بِذَلِكَ فَقَالَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ صَارُوا بَعْدَ ذَلِكَ خَوَارِجَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا نَنْظُرُ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَلَّا نَمْشِي عَلَيْهِمْ بِسُيُوفِنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَكَرَ قِصَّةَ الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى قِصَّةِ التَّحْكِيمِ فِي بَابِ قَتْلِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ مِنْ كِتَابِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدين وَقد اخْرُج بن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة مُعَاوِيَة من طَرِيق بن مندة ثمَّ من طَرِيق أبي الْقَاسِم بن أَخِي أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَمِّي فَقَالَ لَهُ إِنِّي أُبْغِضُ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ قَاتَلَ عَلِيًّا بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالَ لَهُ أَبُو زُرْعَةَ رَبُّ مُعَاوِيَةَ رَبٌّ رَحِيمٌ وَخَصْمُ مُعَاوِيَةَ خَصْمٌ كَرِيمٌ فَمَا دُخُولُكَ بَيْنَهُمَا .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ جَمْعُ دَجَّالٍ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ بِبَعْثِهِمْ إِظْهَارُهُمْ لَا الْبَعْثُ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ جَمِيعَ الْأُمُورِ بِتَقْدِيرِهِ .

     قَوْلُهُ  قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ بِالْجَزْمِ وَفِي بَعْضِهَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَفِي بَعْضِهَا بِتَحْرِيرِ ذَلِكَ فَأَمَّا الْجَزْمُ فَفِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَأَنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ جَمِيعَهُ وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ثَلَاثُونَ دَجَّالًا كَذَّابًا وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْد احْمَد وَنَحْوه وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ نَحْوُهُ وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ الْمُصَدَّرِ أَوَّلُهُ بِالْكُسُوفِ وَفِيهِ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ كَذَّابًا آخِرُهُمُ الْأَعْوَرُ الدَّجَّالُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَصْلُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وَفِي حَدِيث بن الزُّبَيْرِ إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ثَلَاثِينَ كَذَّابًا مِنْهُمُ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ صَاحِبُ صَنْعَاءَ وَصَاحِبُ الْيَمَامَةِ يَعْنِي مُسَيْلِمَةَ.

قُلْتُ وَخَرَجَ فِي زَمَنِ أَبِي بكر طليحة بِالتَّصْغِيرِ بن خُوَيْلِدٍ وَادَّعَى النُّبُوَّةَ ثُمَّ تَابَ وَرَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَتَنَبَّأَتْ أَيْضًا سَجَاحٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مُسَيْلِمَةُ ثُمَّ رَجَعَتْ بَعْدَهُ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ثَلَاثُونَ كَذَّابُونَ أَوْ أَكْثَرُ.

قُلْتُ مَا آيَتُهُمْ قَالَ يَأْتُونَكُمْ بِسُنَّةٍ لَمْ تَكُونُوا عَلَيْهَا يُغَيِّرُونَ بِهَا سُنَّتَكُمْ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاجْتَنِبُوهُمْ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ سَبْعُونَ كَذَّابًا وَسَنَدُهَا ضَعِيفٌ وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَهُوَ مَحْمُولٌ إِنْ ثَبَتَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ لَا عَلَى التَّحْدِيدِ.
وَأَمَّا التَّحْرِيرُ فَفِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ حُذَيْفَةَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ دَجَّالُونَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهُمْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الثَّلَاثِينَ بِالْجَزْمِ عَلَى طَرِيقِ جَبْرِ الْكَسْرِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الْبَابِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ .

     قَوْلُهُ  كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الْمَاضِي وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ النُّبُوَّةَ مِنْهُمْ مَا ذُكِرَ مِنَ الثَّلَاثِينَ أَوْ نَحْوِهَا وَأَنَّ مَنْ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ كَذَّابًا فَقَطْ لَكِنْ يَدْعُو إِلَى الضَّلَالَةِ كَغُلَاةِ الرَّافِضَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَأَهْلِ الْوَحْدَةِ وَالْحُلُولِيَّةِ وَسَائِرِ الْفِرَقِ الدُّعَاةِ إِلَى مَا يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ خِلَافُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ فَقَالَ عَلِيٌّ لِعَبْدِ الله بن الْكواء وانك لمنهم وبن الْكَوَّاءِ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا كَانَ يَغْلُو فِي الرَّفْضِ .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَيَأْتِي أَيْضًا فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ .

     قَوْلُهُ  وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ قَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ وَالشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ كَثِيرٌ مِنَ الزَّلَازِلِ وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَثْرَتِهَا شُمُولُهَا وَدَوَامُهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سَنَوَاتُ الزَّلَازِلِ وَلَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ تَكْثُرُ الصَّوَاعِقُ عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ .

     قَوْلُهُ  وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ فِيكُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَنِ الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى مَا وَقَعَ مِنَ الْفُتُوحِ وَاقْتِسَامِهِمْ أَمْوَالَ الْفُرْسِ وَالرُّومِ وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبُّ الْمَالِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنِهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَعْرِضُ مَالَهُ لِلصَّدَقَةِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لَا أَرَبَ لِي بِهِ إِشَارَةً إِلَى مَا سَيَقَعُ فِي زمن عِيسَى بن مَرْيَمَ فَيَكُونُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ الْأُولَى إِلَى كَثْرَةِ الْمَالِ فَقَطْ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ فِيهِ يَكْثُرُ فِيكُمْ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي مَضَى فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ ذِكْرُ عَلَامَةٍ أُخْرَى مُبَايِنَةٍ لِعَلَامَةِ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَوْتَانِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلَّ سَاخِطًا الْحَدِيثَ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا عِنْدَ شَرْحِهِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ الْإِشَارَةُ إِلَى فَيْضِهِ مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ أَنْ يَحْصُلَ اسْتِغْنَاءُ كُلِّ أَحَدٍ عَنْ أَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي آخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَأَوَّلِ عَصْرِ مَنْ بَعْدَهُمْ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ يُهِمَّ رَبُّ الْمَالِ وَذَلِكَ يَنْطَبِقُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ فِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى فَيْضِهِ وَحُصُولِ الِاسْتِغْنَاءِ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى يَهْتَمَّ صَاحِبُ الْمَالِ بِكَوْنِهِ لَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ وَيَزْدَادُ بِأَنَّهُ يَعْرِضُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ فَيَأْبَى أَخْذَهُ فَيَقُولُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَهَذَا فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَخِيرُ خُرُوجَ النَّارِ وَاشْتِغَالَ النَّاسِ بِأَمْرِ الْحَشْرِ فَلَا يَلْتَفِتُ أَحَدٌ حِينَئِذٍ إِلَى الْمَالِ بَلْ يَقْصِدُ أَنْ يَتَخَفَّفَ مَا اسْتَطَاعَ .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ عَنِ الْإِيمَانِ .

     قَوْلُهُ  فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَيَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ وَهِيَ مِنَ الْعَلَامَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ عَنْ قُرْبٍ فِي زَمَنِ النُّبُوَّةِ وَمَعْنَى التَّطَاوُلِ فِي الْبُنْيَانِ أَنَّ كُلًّا مِمَّنْ كَانَ يَبْنِي بَيْتًا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُهُ أَعْلَى مِنَ ارْتِفَاعِ الْآخَرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُبَاهَاةَ بِهِ فِي الزِّينَةِ وَالزَّخْرَفَةِ أَوْ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ وُجِدَ الْكَثِيرُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِي ازْدِيَادٍ .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَبْلُ بِبَابَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ مَا أَبْدَاهُ الْبَيْهَقِيُّ ثُمَّ الْقُرْطُبِيُّ احْتِمَالًا أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ إِذَا تَمَادَتِ الْأَيَّامُ وَبَعُدَ الْعَهْدُ بِتِلْكَ الْآيَةِ عَادَ نَفْعُ الْإِيمَانِ وَالتَّوْبَةِ وَذَكَرْتُ مَنْ جَزَمَ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ وَبَيَّنْتُ أَوْجُهَ الرَّدِّ عَلَيْهِ ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى حَدِيثٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ذَكَرَ فِيهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنَ الْمُغْرِبِ وَفِيهِ فَمِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ الْآيَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

     قَوْلُهُ  وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَيَتَبَايَعَانِ الثَّوْبَ فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ حَتَّى تَقُومَ وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ عَلَى رَجُلَيْنِ قَدْ نَشَرَا بَيْنَهُمَا ثَوْبًا يَتَبَايَعَانِهِ فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ وَنِسْبَةُ الثَّوْبِ إِلَيْهِمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى بِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ فِي أَحَدِهِمَا وَالْمَجَازِ فِي الْآخَرِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَالِكٌ وَالْآخَرُ مُسْتَامٌ وَقَولُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَتَبَايَعَانِهِ أَيْ يَتَسَاوَمَانِ فِيهِ مَالِكُهُ وَالَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَلَا يَتِمُّ بَيْنَهُمَا ذَلِكَ مِنْ بَغْتَةِ قِيَامِ السَّاعَةِ فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ وَهُمَا يَنْشُرَانِ الثَّوْبَ فَمَا يَطْوِيَانِهِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ وَمَا بَعْدَهَا مُقَدِّمَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ قَبْلَ السَّاعَةِ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ قِبَلِ الْمُغْرِبِ مِثْلُ التُّرْسِ فَمَا تَزَالُ تَرْتَفِعُ حَتَّى تملأ السَّمَاء ثمَّ يُنَادي مناديا أَيُّهَا النَّاسُ ثَلَاثًا يَقُولُ فِي الثَّالِثَةِ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَنْشُرَانِ الثَّوْبَ بَيْنَهُمَا فَمَا يَطْوِيَانِهِ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ أَيِ الرَّجُلُ .

     قَوْلُهُ  يَلِيطُ حَوْضَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَبِضَمِّهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَالْمَعْنَى يُصْلِحُهُ بِالطِّينِ وَالْمَدَرِ فَيَسُدُّ شُقُوقَهُ لِيَمْلَأَهُ وَيَسْقِي مِنْهُ دَوَابَّهُ يُقَالُ لَاطَ الْحَوْضَ يَلِيطُهُ إِذْ أَصْلَحَهُ بِالْمَدَرِ وَنَحْوِهِ وَمِنْهُ قِيلَ اللَّائِطُ لِمَنْ يَفْعَلُ الْفَاحِشَةَ وَجَاءَ فِي مُضَارِعِهِ يَلُوطُ تَفْرِقَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَوْضِ وَحَكَى الْقَزَّازُ فِي الْحَوْضِ أيْضًا يَلُوطُ وَالْأَصْلُ فِي اللَّوْطِ اللُّصُوقُ وَمِنْهُ كَانَ عُمَرُ يَلِيطُ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَتَبَادَرُ أَنَّ فَاعِلَ الْفَاحِشَةِ نُسِبَ إِلَى قَوْمِ لُوطٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْمَذْكُورِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَمْدُرُ حَوْضَهُ فَمَا يَسْقِي مِنْهُ شَيْئًا وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَهُ فَيُصْعَقُ فَفِي هَذَا بَيَانُ السَّبَبِ فِي كَوْنِهِ لَا يَسْقِي مِنْ حَوْضِهِ شَيْئًا وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالرَّجُلُ يَلِيطُ فِي حَوْضِهِ فَمَا يَصْدُرُ أَيْ يَفْرُغُ أَوْ يَنْفَصِلُ عَنْهُ حَتَّى تَقُومَ .

     قَوْلُهُ  فَلَا يُسْقَى فِيهِ أَيْ تَقُومُ الْقِيَامَةُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسْتَقَى مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ بِالضَّمِّ أَيْ لُقْمَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا أَيْ تَقُومُ السَّاعَةُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَضَعَ لُقْمَتَهُ فِي فِيهِ أَوْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمْضُغَهَا أَوْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْتَلِعَهَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى رَجُلٍ أُكْلَتُهُ فِي فِيهِ يَلُوكُهَا فَلَا يُسِيغُهَا وَلَا يَلْفِظُهَا وَهَذَا يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْأَخِيرَ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الرِّقَاقِ فِي بَابِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ طَرَفٌ مِنْهُ وَهُوَ مِنْ .

     قَوْلُهُ  لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَذَكَرَ بَعْدَهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا وَبَعْدَهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ وَبَعْدَهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ وَبَعْدَهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ فَزَادَ وَاحِدَةً وَهِيَ الْحَلْبُ وَمَا أَدْرِي لِمَ حَذَفَهَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ هُنَا بِتَمَامِهِ إِلَّا هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَقَدْ أَوْرَدَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي جُمْلَةِ الْحَدِيثِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ وَجَدْتُهَا ثَابِتَةً فِي الْأَصْلِ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ وَسَقَطَتْ لِأَبِي ذَرٍّ وَالْقَابِسِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ مِنْ تَحْتِهَا لَا يَطْعَمُهُ وَأَخْرَجَ مَعَهُ الثَّلَاثَةَ الْأُخْرَى وَاللِّقْحَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ النَّاقَةُ ذَاتُ الدَّرِّ وَهِيَ إِذَا نُتِجَتْ لَقُوحٌ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ لَبُونٌ وَهَذَا كُلُّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ بَغْتَةً وَأَسْرَعُهَا رَفْعُ اللُّقْمَةِ إِلَى الْفَمِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْفِتَنِ هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ إِلَّا رَفْعَ اللُّقْمَةِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِسَنَدِهِ هَذَا وَلَفْظُهُ تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرَّجُلُ يَحْلُبُ اللِّقْحَةَ فَمَا يَصِلُ الْإِنَاءُ إِلَى فِيهِ حَتَّى تَقُومَ وَالرَّجُلَانِ يَتَبَايَعَانِ الثَّوْبَ وَالرَّجُلُ يَلِيطُ فِي حَوْضِهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ لَفْظَهُ فِيهِمَا وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَا يُعْرَفُ مِنْهُ الْمُرَادُ مِنَ التَّمْثِيلِ بِصَاحِبِ الْحَوْضِ وَلَفْظُهُ ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ فَيُصْعَقُ أَخْرَجَهُ مُسلم وَأخرج بن ماجة وَأحمد وَصَححهُ الْحَاكِم عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ فَبَدَؤُا بِإِبْرَاهِيمَ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ ثُمَّ سَأَلُوا مُوسَى فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ فَرُدَّ الْحَدِيثُ إِلَى عِيسَى فَقَالَ قَدْ عُهِدَ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا فَأَمَّا وَجْبَتُهَا فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ فَذَكَرَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ قَالَ فَأُنْزَلُ إِلَيْهِ فَأَقْتُلَهُ ثُمَّ ذَكَرَ خُرُوجَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ثُمَّ دُعَاءَهُ بِمَوْتِهِمْ ثُمَّ بِإِرْسَالِ الْمَطَرِ فَيُلْقِي جِيَفَهُمْ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ تُنْسَفُ الْجِبَالُ وَتُمَدُّ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ فَعُهِدَ إِلَيَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَتِ السَّاعَةُ مِنَ النَّاسِ كَالْحَامِلِ الْمُتِمِّ لَا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلَادَتِهَا لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا