فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {أنزله بعلمه والملائكة يشهدون} [النساء: 166]

وَله بَاب قَوْله انزله بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَة يشْهدُونَ)
كَذَا لِلْجَمِيعِ وَنُقِلَ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ أَنْزَلَهُ إِلَيْكَ بِعِلْمٍ مِنْهُ أَنَّكَ خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ قَالَ بن بَطَّالٍ الْمُرَادُ بِالْإِنْزَالِ إِفْهَامُ الْعِبَادِ مَعَانِي الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ إِنْزَالُهُ لَهُ كَإِنْزَالِ الْأَجْسَامِ الْمَخْلُوقَةِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا مَخْلُوقٍ انْتَهَى وَالْكَلَامُ الثَّانِي مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ سَلَفًا وَخَلَفًا.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ وَالْمَنْقُولُ عَنِ السَّلَفِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ تَلَقَّاهُ جِبْرِيلُ عَنِ اللَّهِ وَبَلَّغَهُ جِبْرِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَلَّغَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمَّتِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُجَاهِدٌ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْأَرْضِ السَّابِعَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرَخْسِيِّ مِنْ بَدَلَ بَيْنَ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ والطبري من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الْكَعْبَةُ بَيْنَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْتًا مِنَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَعَنْ قَتَادَةَ نَحْوُ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ فِي الْقَوْلِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَدْعِيَةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ



[ قــ :7090 ... غــ :7488] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا اللَّهُمَّ مُنْزِلُ الْكِتَابَ وَقَولُهُ





[ قــ :7091 ... غــ :7489] فِي آخِرِهِ وَزَلْزِلْهُمْ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَزَلْزِلْ بِهِمْ .

     قَوْلُهُ  زَادَ الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ إِلَى آخِرِ السَّنَدِ مُرَادُهُ بِالزِّيَادَةِ التَّصْرِيحُ الْوَاقِعُ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ لِسُفْيَانَ وَإِسْمَاعِيلَ وَعَبْدَ اللَّهِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ فَإِنَّهَا بِالْعَنْعَنَةِ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ هَكَذَا وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ.

     وَقَالَ  أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ وَالْحُمَيْدِيِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي سِيَاقه وَلَيْسَ كَذَلِك الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى





[ قــ :709 ... غــ :7490] وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بهَا أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ سُورَةِ سُبْحَانَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  أُنْزِلَتْ وَالْآيَاتُ الْمُصَرِّحَةُ بِلَفْظِ الْإِنْزَالِ وَالتَّنْزِيلِ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ قَالَ الرَّاغِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَالتَّنْزِيلِ فِي وَصْفِ الْقُرْآنِ وَالْمَلَائِكَةِ أَنَّ التَّنْزِيلَ يَخْتَصُّ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُشِيرُ إِلَى إِنْزَالِهِ مُتَفَرِّقًا وَمَرَّةَ بَعْدَ أُخْرَى وَالْإِنْزَالُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر قَالَ الرَّاغِبُ عَبَّرَ بِالْإِنْزَالِ دُونَ التَّنْزِيلِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ دَفْعَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى حم وَالْكِتَابِ الْمُبين انا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة وَمِنَ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ونزلناه تَنْزِيلا وَيُؤَيِّدُ التَّفْصِيلَ قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ الْقُرْآنُ وَبِالثَّانِي مَا عَدَاهُ وَالْقُرْآنُ نَزَلَ نُجُومًا إِلَى الْأَرْضِ بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ وَيَرِدُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى.

     وَقَالَ  الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ نُزِّلَ مَوْضِعَ أَنْزَلَ قَالَ وَلَوْلَا هَذَا التَّأْوِيلِ لَكَانَ مُتَدَافِعًا لِقَوْلِهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَهَذَا بَنَاهُ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى أَنَّ نُزِّلَ بِالتَّشْدِيدِ يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ فَاحْتَاجَ إِلَى ادِّعَاءِ مَا ذَكَرَ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّ التَّضْعِيف لَا يَسْتَلْزِمُ حَقِيقَةَ التَّكْثِيرِ بَلْ يَرِدُ لِلتَّعْظِيمِ وَهُوَ فِي حُكْمِ التَّكْثِيرِ مَعْنًى فَبِهَذَا يُدْفَعُ الاشكال