فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ وَأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْ

باب بَيَانِ صِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِمَا
[ سـ :507 ... بـ :315]
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ وَهُوَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي أَخَاهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ قَالَ كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا فَقَالَ لِمَ تَدْفَعُنِي فَقُلْتُ أَلَا تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي فَقَالَ الْيَهُودِيُّ جِئْتُ أَسْأَلُكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ قَالَ أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُودٍ مَعَهُ فَقَالَ سَلْ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ قَالَ فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً قَالَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ الْيَهُودِيُّ فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَالَ زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ قَالَ فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا قَالَ يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا قَالَ فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ قَالَ مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا قَالَ صَدَقْتَ قَالَ وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ قَالَ يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ قَالَ أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ قَالَ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ الْوَلَدِ قَالَ مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ الْيَهُودِيُّ لَقَدْ صَدَقْتَ وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنْ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى أَتَانِيَ اللَّهُ بِهِ وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ زَائِدَةُ كَبِدِ النُّونِ وَقَالَ أَذْكَرَ وَآنَثَ وَلَمْ يَقُلْ أَذْكَرَا وَآنَثَا

بَابُ بَيَانِ صِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِمَا

فِيهِ حَدِيثُ ثَوْبَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِصَّةِ الْحَبْرِ الْيَهُودِيِّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بَيَانُ صِفَةِ الْمَنِيِّ . وَأَمَّا ( الْحَبْرُ ) : فَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ، هُوَ الْعَالِمُ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ ) - هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْحَاءِ - وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ مَرْثَدٍ الشَّامِيُّ الدِّمَشْقِيُّ . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ زَيْدٍ : كَانَ أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ مِنْ رَحَبَةِ دِمَشْقٍ ، قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقٍ مِيلٌ ، رَأَيْتُهَا عَامِرَةً . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُودٍ ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْكَافِ وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ ، وَمَعْنَاهُ : يَخُطُّ بِالْعُودِ فِي الْأَرْضِ ، وَيُؤَثِّرُ بِهِ فِيهَا ، وَهَذَا يَفْعَلُهُ الْمُفَكِّرُ ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ فِعْلِ مِثْلِ هَذَا ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مُخِلًّا بِالْمُرُوءَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الصِّرَاطُ .

قَوْلُهُ : ( فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالزَّايِ وَمَعْنَاهُ : جَوَازًا وَعُبُورًا .

قَوْلُهُ : ( فَمَا تُحْفَتُهُمْ ) هِيَ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ ، وَهِيَ مَا يُهْدَى إِلَى الرَّجُلِ وَيُخَصُّ بِهِ وَيُلَاطَفُ ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ : هِيَ طَرَفُ الْفَاكِهَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ ) هُوَ النُّونُ بِنُونَيْنِ ، الْأُولَى مَضْمُومَةٌ ، وَهُوَ الْحُوتُ . وَجَمْعُهُ نِينَانٌ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( زَائِدَةُ كَبِدِ النُّونِ ) وَالزِّيَادَةُ وَالزَّائِدَةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ طَرَفُ الْكَبِدِ وَهُوَ أَطْيَبُهَا .

قَوْلُهُ : ( فَمَا غِذَاؤُهُمْ ) رُوِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالثَّانِي : بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ . قَالَ : وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، قُلْتُ : وَلَهُ وَجْهٌ ، وَتَقْدِيرُهُ : مَا غِذَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ؟ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَالسُّؤَالُ عَنْ غِذَائِهِمْ دَائِمًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( عَلَى إِثْرِهَا ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَعَ إِسْكَانِ الثَّاءِ وَبِفَتْحِهِمَا جَمِيعًا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا ) ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْمُفَسِّرِينَ : السَّلْسَبِيلُ اسْمٌ لِلْعَيْنِ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ : هِيَ شَدِيدَةُ الْجَرْيِ . وَقِيلَ : هِيَ السِّلْسِلَةُ اللَّيِّنَةُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَآنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ ) مَعْنَى الْأَوَّلِ : كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا . وَمَعْنَى الثَّانِي : كَانَ أُنْثَى . قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( آنَثَا ) بِالْمَدِّ فِي أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْقَصْرِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .