فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ مِنَ الْمَاءِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ ، وَغُسْلِ الرَّجُلِ

باب الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ مِنْ الْمَاءِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَغُسْلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَغُسْلِ أَحَدِهِمَا بِفَضْلِ الْآخَرِ
[ سـ :513 ... بـ :319]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ هُوَ الْفَرَقُ مِنْ الْجَنَابَةِ

بَابُ الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ مِنَ الْمَاءِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ

" وَغُسْلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ

فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَغُسْلِ أَحَدِهِمَا بِفَضْلِ الْآخَرِ "

أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ إِذَا وُجِدَ شَرْطُ الْغُسْلِ وَهُوَ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : وَقَدْ يَرْفُقُ بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِي ، وَيَخْرُقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِي .

قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَالْمُسْتَحَبُّ أَلَّا يُنْقِصَ فِي الْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ ، وَلَا فِي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ . وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ . ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ عَلَى التَّقْرِيبِ لَا عَلَى التَّحْدِيدِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ . وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَـا وَجْهًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الصَّاعَ هُنَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ ، وَالْمُدُّ رِطْلَانِ . وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كَانَ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : الْإِسْرَافُ حَرَامٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا تَطْهِيرُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَهُوَ جَائِزٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي الْبَابِ . وَأَمَّا تَطْهِيُرُ الْمَرْأَةِ بِفَضْلِ الرَّجُلِ فَجَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ أَيْضًا . وَأَمَّا تَطْهِيرُ الرَّجُلِ بِفَضْلِهَا فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، سَوَاءٌ خَلَتْ بِهِ أَوْ لَمْ تَخْلُ .

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْوَارِدَةِ بِهِ . وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ إِلَى أَنَّهَا إِذَا خَلَتْ بِالْمَاءِ وَاسْتَعْمَلَتْهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ فَضْلِهَا ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَذْهَبِنَا ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَرَاهَةُ فَضْلِهَا مُطْلَقًا . وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي تَطْهِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَزْوَاجِهِ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَعْمِلُ فَضْلَ صَاحِبِهِ ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْخَلْوَةِ .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ بِفَضْلِ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ بِالنَّهْيِ وَهُوَ حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو فَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ ، ضَعَّفَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ ، الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ فَضْلِ أَعْضَائِهَا وَهُوَ الْمُتَسَاقِطُ مِنْهَا ، وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ ، الثَّالِثُ أَنَّ النَّهْيَ لِلِاسْتِحْبَابِ وَالْأَفْضَلِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( الْفَرَقُ ) قَالَ سُفْيَانُ : هُوَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ . أَمَّا كَوْنُهُ ثَلَاثَةَ آصُعٍ فَكَذَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا ، لُغَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ دُرَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ ، وَزَعَمَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ . وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُمَا لُغَتَانِ .


[ سـ :514 ... بـ :319]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ فِي الْقَدَحِ وَهُوَ الْفَرَقُ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ فِي الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَالَ قُتَيْبَةُ قَالَ سُفْيَانُ وَالْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( ثَلَاثَةُ آصُعٍ ) فَصَحِيحٌ فَصِيحٌ ، وَقَدْ جَهِلَ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَصْوُعٌ ، وَهَذِهِ مِنْهُ غَفْلَةٌ بَيِّنَةٌ أَوْ جَهَالَةٌ ظَاهِرَةٌ ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَصْوُعٌ وَآصُعٌ ؛ فَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ ، وَالثَّانِي عَلَى الْقَلْبِ ، فَتُقَدَّمُ الْوَاوُ عَلَى الصَّادِ وَتُقْلَبُ أَلِفًا وَهَذَا كَمَا قَالُوا : ( آدُرٌ ) وَشِبَهَهُ . وَفِي الصَّاعِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ . وَيُقَالُ : صَاعٌ وَصَوَعٌ فَتْحُ الصَّادِ وَالْوَاوِ وَصُوَاعٌ ثَلَاثُ لُغَاتٍ .

وَأَمَّا قَوْلُهَا : ( كَانَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْفَرَقِ ) فَلَفْظَةُ ( مِنْ ) هُنَا الْمُرَادُ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ وَالْإِنَاءِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ مِنْهُ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ بِمَاءِ الْفَرَقِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ : كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ ، وَبِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ .

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ فِي الْقَدَحِ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ ( فِي الْقَدَحِ ) ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَمَعْنَاهُ ( مِنَ الْقَدَحِ ) .




[ سـ :515 ... بـ :320]
وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَا وَأَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَسَأَلَهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ قَدْرِ الصَّاعِ فَاغْتَسَلَتْ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا سِتْرٌ وَأَفْرَغَتْ عَلَى رَأْسِهَا ثَلَاثًا قَالَ وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَا وَأَخُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَسَأَلَهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْجَنَابَةِ ، فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ قَدْرَ الصَّاعِ ، فَاغْتَسَلَتْ وَبَيْنَنَا وَبَيْنِهَا سِتْرٌ ، فَأَفْرَغَتْ عَلَى رَأْسِهَا ثَلَاثًا ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا رَأَيَا عَمَلَهَا فِي رَأْسِهَا وَأَعَالِي جَسَدِهَا مِمَّا يَحِلُّ لِذِي الْمَحْرَمِ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنْ ذَاتِ الْمَحْرَمِ ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ كَمَا ذُكِرَ ، قِيلَ : اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ ، وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ ابْنَ أُخْتِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ .

قَالَ الْقَاضِي : وَلَوْلَا أَنَّهُمَا شَاهَدَا ذَلِكَ وَرَأَيَاهُ لَمْ يَكُنْ لِاسْتِدْعَائِهَا الْمَاءَ وَطَهَارَتِهَا بِحَضْرَتِهِمَا مَعْنَى ؛ إِذْ لَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي سِتْرٍ عَنْهُمَا لَكَانَ عَبَثًا وَرَجَعَ الْحَالُ إِلَى وَصْفِهَا لَهُ ، وَإِنَّمَا فَعَلَتِ السِّتْرَ لِيَسْتَتِرَ أَسَافِلُ الْبَدَنِ ، وَمَا لَا يَحِلُّ لِلْمَحْرَمِ نَظَرُهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَالرَّضَاعَةُ وَالرَّضَاعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا فِيهِمَا لُغَتَانِ الْفَتْحُ أَفْصَحُ . وَفِي هَذَا الَّذِي فَعَلَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّعْلِيمِ بِالْوَصْفِ بِالْفِعْلِ ؛ فَإِنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الْقَوْلِ ، وَيَثْبُتُ فِي الْحِفْظِ مَا لَا يَثْبُتُ بِالْقَوْلِ : وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ ) الْوَفْرَةُ أَشْبَعُ وَأَكْثَرُ مِنْ ( اللُّمَّةِ ) ، وَاللُّمَّةُ مَا يَلِمُّ بِالْمَنْكِبَيْنِ مِنَ الشَّعْرِ . قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : الْوَفْرَةُ أَقَلُّ مِنَ اللُّمَّةِ ، وَهِيَ مَا لَا يُجَاوِزُ الْأُذُنَيْنِ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : الْوَفْرَةُ مَا عَلَى الْأُذُنَيْنِ مِنَ الشَّعْرِ .

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : الْمَعْرُوفُ أَنَّ نِسَاءَ الْعَرَبِ إِنَّمَا كُنَّ يَتَّخِذْنَ الْقُرُونَ وَالذَّوَائِبَ ، وَلَعَلَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلْنَ هَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَرْكِهِنَّ التَّزَيُّنَ ، وَاسْتِغْنَائِهِنَّ عَنْ تَطْوِيلِ الشَّعْرِ ، وَتَخْفِيفًا لِمُؤْنَةِ رُءُوسِهِنَّ . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ كَوْنِهِنَّ فَعَلْنَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا فِي حَيَاتِهِ ، كَذَا قَالَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ ، وَلَا يُظَنُّ بِهِنَّ فِعْلُهُ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَخْفِيفِ الشُّعُورِ لِلنِّسَاءِ : وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :516 ... بـ :321]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ بَدَأَ بِيَمِينِهِ فَصَبَّ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ فَغَسَلَهَا ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْأَذَى الَّذِي بِهِ بِيَمِينِهِ وَغَسَلَ عَنْهُ بِشِمَالِهِ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَنَحْنُ جُنُبَانِ

قَوْلـُهَا : ( وَنَحْنُ جُنُبَانِ ) هَذَا جَارٍ عَلَى إِحْدَى اللُّغَتَيْنِ فِي الْجُنُبِ أَنَّهُ يُثَنَّى وَيُجْمَعُ ، فَيُقَالُ : جُنُبٌ ، وَجُنُبَانِ ، وَجَنِبُونَ ، وَأَجْنَابٌ . وَاللُّغَةُ الْأُخْرَى رَجُلٌ جُنُبٌ ، وَرَجُلَانِ جُنُبٌ ، وَرِجَالٌ جُنُبٌ ، وَنِسَاءٌ جُنُبٌ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا وَقَالَ تَعَالَى : وَلَا جُنُبًا الْآيَةُ وَهَذِهِ اللُّغَةُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ ، وَيُقَالُ فِي الْفِعْلِ : أَجْنَبَ الرَّجُلُ وَجُنِبَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ ، وَالْأُولَى أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ . وَأَصْلُ الْجَنَابَةِ فِي اللُّغَةِ الْبُعْدُ ، وَتُطْلَقُ عَلَى الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ بِجِمَاعٍ أَوْ خُرُوجِ مَنِيٍّ لِأَنَّهُ يَجْتَنِبُ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ وَالْمَسْجِدَ وَيَتَبَاعَدُ عَنْهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :518 ... بـ :321]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَتْ تَحْتَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ

قَوْلُهُ : ( عَنْ عِرَاكِ ) هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ .

قَوْلُهُ : ( إِنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ قَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي تَفْسِيرِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفَرِدُ فِي اغْتِسَالِهِ بِثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمُدِّ هُنَا الصَّاعَ ، وَيَكُونَ مُوَافِقًا لِحَدِيثِ الْفَرَقِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَاغْتَسَلَا مِنْ إِنَاءٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ ، وَزَادَهُ لَمَّا فَرَغَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

ثُمَّ إِنَّهُ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ هُوَ الْفَرَقُ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ قَدْرَ الصَّاعِ فَاغْتَسَلَتْ بِهِ ، وَفِي الْأُخْرَى كَانَ يَغْتَسِلُ بِخَمْسِ مَكَاكِيكَ وَيَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ وَفِي الْأُخْرَى يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ : الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا كَانَتِ اغْتِسَالَاتٍ فِي أَحْوَالٍ وُجِدَ فِيهَا أَكْثَرُ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ وَأَقَلَّهُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي قَدْرِ مَاءِ الطَّهَارَةِ يَجِبُ اسْتِيفَاؤُهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :521 ... بـ :322]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءَ ) اسْمُهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ .




[ سـ :522 ... بـ :323]
وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَكْبَرُ عِلْمِي وَالَّذِي يَخْطِرُ عَلَى بَالِي أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ أَخْبَرَنِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ

قَوْلُهُ : ( عِلْمِي وَالَّذِي يَخْطُرُ عَلَى بَالِي أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءَ أَخْبَرَنِي ) يُقَالُ : ( يَخْطُرُ ) بِضَمِّ الطَّاءِ ، وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ الْكَسْرُ أَشْهَرُ ، مَعْنَاهُ يَمُرُّ وَيَجْرِي . وَالْبَالُ الْقَلْبُ وَالذِّهْنُ . قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : يُقَالُ : خَطَرَ بِبَالِي ، وَعَلَى بَالِي كَذَا ، يَخْطِرُ خُطُورًا إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي بَالِكَ وَهَمِّكَ . قَالَ غَيْرُهُ : الْخَاطِرُ الْهَاجِسُ وَجَمْعُهُ خَوَاطِرُ . وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُتَابَعَةً لَا أَنَّهُ قَصَدَ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :524 ... بـ :325]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ بِخَمْسِ مَكَاكِيكَ وَيَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى بِخَمْسِ مَكَاكِيَّ وَقَالَ ابْنُ مُعَاذٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ جَبْرٍ

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( عَنِ ابْنِ جَبْرٍ ) هَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ ، وَقَالَ : صَوَابُهُ ( ابْنُ جَابِرٍ ) ، وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ هَذَا الْمُعْتَرِضِ ، بَلْ يُقَالُ : فِيهِ جَابِرٌ ، وَجَبْرٌ ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ ، وَأَنَّ مِسْعَرًا وَأَبَا الْعُمَيْسِ وَشُعْبَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى يَقُولُونَ فِيهِ ( جَبْرٌ ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ بِخَمْسِ مَكَاكِيكَ وَيَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( بِخَمْسِ مُكَاكِيَّ ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَ ( الْمَكُّوكُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْكَافِ الْأُولَى وَتَشْدِيدِهَا وَجَمْعُهُ مَكَاكِيكَ وَمَكَاكِيَّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَكُّوكِ هُنَا الْمُدُّ كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ .




[ سـ :526 ... بـ :326]
وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَيْحَانَةَ عَنْ سَفِينَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو رَيْحَانَةَ عَنْ سَفِينَةَ ) اسْمُ أَبِي رَيْحَانَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَطَرٍ ، وَيُقَالُ : زِيَادُ بْنُ مَطَرٍ . وَأَمَّا سَفِينَةُ فَهُوَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوْلَاهُ ، يُقَالُ : اسْمُهُ مِهْرَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، وَقِيلَ : اسْمُهُ بَحْرَانُ ، وَقِيلَ : رُومَانُ ، وَقِيلَ : قَيْسٌ ، وَقِيلَ : عُمَيْرٌ ، وَقِيلَ شُنْبَةُ بِإِسْكَانِ النُّونِ بَعْدَ الشِّينِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ، كُنْيَتُهُ الْمَشْهُورَةُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَقِيلَ : أَبُو الْبَخْتَرِيِّ ، قِيلَ : سَبَبُ تَسْمِيَتِهِ سَفِينَةَ أَنَّهُ حَمَلَ مَتَاعًا كَثِيرًا لِرُفْقَةٍ فِي الْغَزْوِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " " .




[ سـ :527 ... بـ :326]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ عَنْ سَفِينَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَطَهَّرُ بِالْمُدِّ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ حُجْرٍ أَوْ قَالَ وَيُطَهِّرُهُ الْمُدُّ وَقَالَ وَقَدْ كَانَ كَبِرَ وَمَا كُنْتُ أَثِقُ بِحَدِيثِهِ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ عَنْ سَفِينَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَطَهَّرُ بِالْمُدِّ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ حُجْرٍ أَوْ قَالَ : وَيُطَهِّرُهُ الْمُدُّ . قَالَ : وَكَانَ كَبِرَ ، وَمَا كُنْتُ أَثِقُ بِحَدِيثِهِ .

قَوْلُهُ : ( صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هُوَ بِخَفْضِ صَاحِبٍ صِفَةٌ لِسَفِينَةَ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَائِلُ هُوَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، يَعْنِي مُسْلِمٌ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ وَصَفَهُ ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ لَمْ يَصِفْهُ ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ سَفِينَةَ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَقَدْ كَانَ كَبِرَ ) فَهُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ . ( وَمَا كُنْتُ أَثِقُ بِحَدِيثِهِ ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ ( أَثِقُ ) بِكَسْرِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنَ الْوُثُوقِ الَّذِي هُوَ الِاعْتِمَادُ . وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ وَمَا كُنْتُ ( أَيْنِقُ ) بِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتُ ثُمَّ نُونٍ أَيْ أُعْجَبُ بِهِ وَأَرْتَضِيهِ ، وَالْقَائِلُ : وَقَدْ كَانَ كَبِرَ ، هُوَ أَبُو رَيْحَانَةَ ، وَالَّذِي كَبِرَ هُوَ سَفِينَةُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَدِيثَهَ هَذَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ ، بَلْ ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .