فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتحْبَابِ إِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ ثَلَاثًا

باب اسْتِحْبَابِ إِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ ثَلَاثًا
[ سـ :528 ... بـ :327]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ تَمَارَوْا فِي الْغُسْلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَغْسِلُ رَأْسِي كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ أَكُفٍّ

( سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ ) هُوَ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَاتِ وَهُوَ مَصْرُوفٌ وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ .

وَقَوْلُهُ : ( تَمَارَوْا فِي الْغُسْلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ تَنَازَعُوا فِيهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : صِفَتُهُ كَذَا ، وَقَالَ آخَرُونَ : كَذَا ، وَفِيهِ جَوَازُ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُبَاحَثَةِ فِي الْعِلْمِ ، وَفِيهِ جَوَازُ مُنَاظَرَةِ الْمَفْضُولِينَ بِحَضْرَةِ الْفَاضِلِ ، وَمُنَاظَرَةِ الْأَصْحَابِ بِحَضْرَةِ إِمَامِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ أَكُفٍّ الْمُرَادُ ثَلَاثَةُ حَفَنَاتٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ جَمِيعًا . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ إِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ ثَلَاثًا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَأَلْحَقَ بِهِ أَصْحَابُنَا سَائِرَ الْبَدَنِ قِيَاسًا عَلَى الرَّأْسِ وَعَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ، وَهُوَ أَوْلَى بِالثَّلَاثِ مِنَ الْوُضُوءِ ؛ فَإِنَّ الْوُضُوءَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ ، وَيَتَكَرَّرُ ، فَإِذَا اسْتُحِبَّ فِيهِ الثَّلَاثُ فَفِي الْغُسْلِ أَوْلَى ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ الْإِمَامُ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ صَاحِبُ الْحَاوِي مِنْ أَصْحَابِنَا ؛ فَإِنَّهُ قَالَ : لَا يُسْتَحَبُّ التَّكْرَارُ فِي الْغُسْلِ ، وَهَذَا شَاذٌّ مَتْرُوكٌ . وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ قَبْلَهُ بَيَانُ أَقَلِّ الْغُسْلِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :530 ... بـ :328]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَعِيلُ بْنُ سَالِمٍ قَالَا أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ فَكَيْفَ بِالْغُسْلِ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَأُفْرِغُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ سَالِمٍ فِي رِوَايَتِهِ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَقَالَ إِنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ

قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ قَالَا : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ ) ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا : قَالَ ابْنُ سَالِمٍ فِي رِوَايَتِهِ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ . هَذَا فِيهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ دَقَائِقِ هَذَا الْعِلْمِ وَلَطَائِفِهِ وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِغَزَارَةِ عِلْمِ مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَقِيقِ نَظَرِهِ وَهِيَ أَنَّ هُشَيْمًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُدَلِّسٌ ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، وَالْمُدَلِّسُ إِذَا قَالَ : ( عَنْ ) لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا إِذَا ثَبَتَ سَمَاعُهُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَنِ الَّذِي عَنْعَنَ عَنْهُ ، فَبَيَّنَ مُسْلِمٌ أَنَّهُ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ سَالِمٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَرَّاتٍ بَيَانَ مِثْلِ هَذِهِ الدَّقِيقَةِ . وَاسْمُ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ وَهُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ هَذَا طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .