فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَغَسْلِهَا وَصَلَاتِهَا

باب الْمُسْتَحَاضَةِ وَغُسْلِهَا وَصَلَاتِهَا
[ سـ :536 ... بـ :333]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَا إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَإِسْنَادِهِ وَفِي حَدِيثِ قُتَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنَّا قَالَ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ

فِيهِ ( أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرَ أَفَأَدْعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ : لَا إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي ) وَفِيهِ غَيْرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ . قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ جَرَيَانُ الدَّمِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقٍ يُقَالُ لَهُ الْعَاذِلُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِخِلَافِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ الرَّحِمِ .

وَأَمَّا حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ فَهُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَحْسَنَ بَسْطٍ ، وَأَنَا أُشِيرُ إِلَى أَطْرَافٍ مِنْ مَسَائِلِهَا ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ فِي مُعْظَمِ الْأَحْكَامِ فَيَجُوزُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا فِي حَالِ جَرَيَانِ الدَّمِ ، عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَاقِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَعَطَاءٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَمَالِكٍ ، وَإِسْحَاقَ ، وَأَبِي ثَوْرٍ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَبِهِ أَقُولُ . قَالَ : وَرَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ : لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ ، وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ .

وَقَالَ أَحْمَدُ : لَا يَأْتِيهَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ بِهَا ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ زَوْجُهَا الْعَنَتَ ، وَالْمُخْتَارُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْجُمْهُورِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً ، وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِهَذَا اللَّفْظِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ . قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمُسْتَحَاضَةُ يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ ، الصَّلَاةُ أَعْظَمُ ، وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ كَالطَّاهِرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا فَكَذَا فِي الْجِمَاعِ ، وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ ، وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالِاعْتِكَافُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَسُجُودُ الشُّكْرِ وَوُجُوبُ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهَا فَهِيَ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَالطَّاهِرَةِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، وَإِذَا أَرَادَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَطَهَارَةِ النَّجَسِ ؛ فَتَغْسِلُ فَرْجَهَا قَبْلَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ إِنْ كَانَتْ تَتَيَمَّمُ ، وَتَحْشُو فَرْجَهَا بِقُطْنَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ رَفْعًا لِلنَّجَاسَةِ ، أَوْ تَقْلِيلًا لَهَا ، فَإِنْ كَانَ دَمُهَا قَلِيلًا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ شَدَّتْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى فَرْجِهَا وَتَلَجَّمَتْ ، وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ عَلَى وَسَطِهَا خِرْقَةً أَوْ خَيْطًا أَوْ نَحْوَهُ عَلَى صُورَةِ التِّكَّةِ ، وَتَأْخُذَ خِرْقَةً أُخْرَى مَشْقُوقَةَ الطَّرَفَيْنِ فَتُدْخِلَهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَأَلْيَتَيْهَا وَتَشُدَّ الطَّرَفَيْنِ بِالْخِرْقَةِ الَّتِي فِي وَسَطِهَا أَحَدَهُمَا قُدَّامَهَا عِنْدَ صُرَّتِهَا ، وَالْآخَرَ خَلْفَهَا وَتُحْكِمَ ذَلِكَ الشَّدَّ ، وَتُلْصِقَ هَذِهِ الْخِرْقَةَ الْمَشْدُودَةَ بَيْنِ الْفَخِذَيْنِ بِالْقُطْنَةِ الَّتِي عَلَى الْفَرْجِ إِلْصَاقًا جَيِّدًا وَهَذَا الْفِعْلُ يُسَمَّى تَلَجُّمًا وَاسْتِثْفَارًا وَتَعْصِيبًا .

قَالَ أَصْحَابُنَا : وَهَذَا الشَّدُّ وَالتَّلَجُّمُ وَاجِبٌ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ :

أَحَدِهِمَا : أَنْ يُتَأَذَّى بِالشَّدِّ وَيَحْرِقَهَا اجْتِمَاعُ الدَّمِ ، فَلَا يَلْزَمُهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ .

وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ صَائِمَةً ، فَتَتْرُكُ الْحَشْوَ فِي النَّهَارِ وَتَقْتَصِرُ عَلَى الشَّدِّ .

قَالَ أَصْحَابُنَا : وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ عَلَى الْوُضُوءِ ، وَتَتَوَضَّأُ عَقِيبَ الشَّدِّ مِنْ غَيْرِ إِمْهَالٍ . فَإِنْ شَدَّتْ وَتَلَجَّمَتْ وَأَخَّرَتِ الْوُضُوءَ وَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ فَفِي صِحَّةِ وُضُوئِهَا وَجْهَانِ : الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ . وَإِذَا اسْتَوْثَقَتْ بِالشَّدِّ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهَا وَلَا صَلَاتُهَا ، وَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بَعْدَ فَرْضِهَا مَا شَاءَتْ مِنَ النَّوَافِلِ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهَا وَلِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ . أَمَّا إِذَا خَرَجَ الدَّمُ لِتَقْصِيرِهَا فِي الشَّدِّ أَوْ زَالَتِ الْعِصَابَةُ عَنْ مَوْضِعِهَا لِضَعْفِ الشَّدِّ فَزَادَ خُرُوجُ الدَّمِ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ طُهْرُهَا . فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةٍ بَطَلَتْ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَرِيضَةٍ لَمْ تَسْتَبِحِ النَّافِلَةَ لِتَقْصِيرِهَا . وَأَمَّا تَجْدِيدُ غَسْلِ الْفَرْجِ وَحَشْوِهِ وَشَدِّهِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فَيُنْظَرُ فِيهِ إِنْ زَالَتِ الْعِصَابَةُ عَنْ مَوْضِعهَا زَوَالًا لَهُ تَأْثِيرٌ ، أَوْ ظَهَرَ الدَّمُ عَلَى جَوَانِبِ الْعِصَابَةِ وَجَبَ التَّجْدِيدُ ، وَإِنْ لَمْ تَزُلِ الْعِصَابَةُ عَنْ مَوْضِعِهَا وَلَا ظَهَرَ الدَّمُ فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا : أَصَحُّهُمَا وُجُوبُ التَّجْدِيدِ كَمَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ .

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا تُصَلِّي بِطَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ مُؤَدَّاةٍ كَانَتْ أَوْ مَقْضِيَّةٍ ، وَتَسْتَبِيحُ مَعَهَا مَا شَاءَتْ مِنَ النَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا ، وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُ أَصْلًا لِعَدَمِ ضَرُورَتِهَا إِلَيْهَا النَّافِلَةِ ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ ، وَحُكِيَ مِثْلُ مَذْهَبِنَا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ .

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : طَهَارَتُهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْوَقْتِ فَتُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِطَهَارَتِهَا الْوَاحِدَةِ مَا شَاءَتْ مِنَ الْفَرَائِضِ الْفَائِتَةِ . وَقَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَدَاوُدُ : دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَإِذَا تَطَهَّرَتْ فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِطَهَارَتِهَا مَا شَاءَتْ مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَى أَنْ تُحْدِثَ بِغَيْرِ الِاسْتِحَاضَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلَا يَصِحُّ وُضُوءُ الْمُسْتَحَاضَةِ لِفَرِيضَةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ ، وَدَلِيلُنَا أَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَلَا تَجُوزُ قَبْلَ وَقْتِ الْحَاجَةِ . قَالَ أَصْحَابُنَا : وَإِذَا تَوَضَّأَتْ بَادَرَتْ إِلَى الصَّلَاةِ عَقِبَ طَهَارَتِهَا ، فَإِنْ أَخَّرَتْ بِأَنْ تَوَضَّأَتْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ، وَصَلَّتْ فِي وَسَطِهِ ، نُظِرَ إِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِلِاشْتِغَالِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالِاجْتِهَادُ فِي الْقِبْلَةِ وَالذَّهَابِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَالْمَوَاضِعِ الشَّرِيفَةِ وَالسَّعْي فِي تَحْصِيلِ سُتْرَةٍ تُصَلِّي إِلَيْهَا وَانْتِظَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ ، وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ . وَأَمَّا إِذَا أَخَّرَتْ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَصَحُّهَا لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ طَهَارَتُهَا ، وَالثَّانِي يَجُوزُ وَلَا تَبْطُلُ طَهَارَتُهَا ، وَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ ، وَالثَّالِثُ لَهَا التَّأْخِيرُ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ ، فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ . فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ ، وَأَنَّهَا إِذَا أَخَّرَتْ لَا تَسْتَبِيحُ الْفَرِيضَةَ فَبَادَرَتْ فَصَلَّتِ الْفَرِيضَةَ فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ مَا دَامَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ بَاقِيًا ، فَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ النَّوَافِلَ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ أَصْحَابُنَا : وَكَيْفِيَّةُ نِيَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي وُضُوئِهَا أَنْ تَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ ، وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يُجْزِئُهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ ، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْجَمْعُ بَيْنَ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَرَفْعِ الْحَدَثِ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ : فَإِذَا تَوَضَّأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ اسْتَبَاحَتِ الصَّلَاةَ . وَهَلْ يُقَالُ ارْتَفَعَ حَدَثُهَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ لِأَصْحَابِنَا الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِنْ حَدَثِهَا بَلْ تَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ بِهَذِهِ الطَّهَارَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَدَثِ كَالْمُتَيَمِّمِ فَإِنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَنَا ، وَالثَّانِي يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا السَّابِقُ وَالْمُقَارِنُ لِلطَّهَارَةِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلِ ، وَالثَّالِثُ يَرْتَفِعُ الْمَاضِي وَحْدَهُ .

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ الْغُسْلُ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي وَقْتِ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا ، وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَالِكٍ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَحْمَدَ ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ غُسْلًا وَاحِدًا ، وَعَنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ قَالَا : تَغْتَسِلُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ دَائِمًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ فَلَا يَجِبُ إِلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِيجَابِهِ ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي تَكْرَارُ الْغُسْلِ .

وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ ، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ ، وَقَدْ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وَمَنْ قَبْلَهُ ضَعْفَهَا ، وَإِنَّمَا صَحَّ فِي هَذَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اسْتُحِيضَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ .

قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : إِنَّمَا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّي وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ : وَلَا شَكَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ غُسْلَهَا كَانَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَا أُمِرَتْ بِهِ ، وَذَلِكَ وَاسِعٌ لَهَا . هَذَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ بِلَفْظِهِ ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَغَيْرُهُمَا ، وَعِبَارَاتُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَاعْلَمْ أنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ، أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ تَرَى دَمًا لَيْسَ بِحَيْضٍ وَلَا يُخْلَطُ بِالْحَيْضِ كَمَا إِذَا رَأَتْ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ . وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ تَرَى دَمًا بَعْضُهُ حَيْضٌ وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ ، بِأَنْ كَانَتْ تَرَى دَمًا مُتَّصِلًا دَائِمًا أَوْ مُجَاوِزًا لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ وَهَذِهِ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ : أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ مُبْتَدِأَةً وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَرَ الدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَفِي هَذَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ : أَصَحُّهُمَا تُرَدُّ إِلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَالثَّانِي إِلَى سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ ، وَالْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً فَتُرَدُّ إِلَى قَدْرِ عَادَتِهَا فِي الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَ شَهْرِ اسْتِحَاضَتِهَا ، وَالثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ مُمَيِّزَةً تَرَى بَعْضَ الْأَيَّامِ دَمًا قَوِيًّا ، وَبَعْضَهَا دَمًا ضَعِيفًا كَالدَّمِ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ فَيَكُونُ حَيْضُهَا أَيَّامَ الْأَسْوَدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْأَسْوَدُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَلَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا . وَلَا يَنْقُصَ الْأَحْمَرُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ . وَلِهَذَا كُلِّهِ تَفَاصِيلٌ مَعْرُوفَةٌ لَا نَرَى الْإِطْنَابَ فِيهَا هُنَا لِكَوْنِ هَذَا الْكِتَابِ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِهَذَا . فَهَذِهِ أَحْرُفٌ مِنْ أُصُولِ مَسَائِلِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَقَدْ بَسَطْتُهَا بِشَوَاهِدِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْفُرُوعِ الْكَثِيرَةِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ ) هُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ ، وَاسْمُ أَبِي حُبَيْشٍ قَيْسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى : ( فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ ) فَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ وَهْمٌ ، وَالصَّوَابُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بِحَذْفِ لَفْظَةِ ( عَبْدٍ ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( امْرَأَةٌ مِنَّا ) فَمَعْنَاهُ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ، وَالْقَائِلُ هُوَ : هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَوْ أَبُوهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهَا : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ : لَا . فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تُصَلِّي أَبَدًا إِلَّا فِي الزَّمَنِ الْمَحْكُومِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ مَسْأَلَةٌ ، وَجَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهَا ، وَمُشَافَهَتِهَا الرِّجَالَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ وَأَحْدَاثِ النِّسَاءِ ، وَجَوَازُ اسْتِمَاعِ صَوْتِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ ) أَمَّا ( عِرْقٌ ) فَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْعِرْقَ يُقَالُ لَهُ الْعَاذِلُ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، وَأَمَّا الْحَيْضَةُ فَيَجُوزُ فِيهَا الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا مَرَّاتٍ أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ الْخَطَّابِيِّ كَسْرُ الْحَاءِ أَيِ الْحَالَةَ ، وَالثَّانِي ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَتْحُ الْحَاءِ أَيِ الْحَيْضَ ، وَهَذَا الْوَجْهُ قَدْ نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَوْ كُلِّهِمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُتَعَيِّنٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنَ الْمُتَعَيِّنِ ، فَإِنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ إِثْبَاتَ الِاسْتِحَاضَةِ وَنَفْيَ الْحَيْضِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ : إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ انْقَطَعَ وَانْفَجَرَ ، فَهِيَ زِيَادَةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعْنًى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ ) يَجُوزُ فِي الْحَيْضَةِ هُنَا الْوَجْهَانِ فَتْحُ الْحَاءِ وَكَسْرُهَا جَوَازًا حَسَنًا ، وَفِي هَذَا نَهْيٌ لَهَا عَنِ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ ، وَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ ، وَيَقْتَضِي فَسَادَ الصَّلَاةِ هُنَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالنَّافِلَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ . وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطَّوَافُ ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ ، وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ ، وَسُجُودُ الشُّكْرِ ، وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُكَلَّفَةً بِالصَّلَاةِ ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي ) الْمُرَادُ بِالْإِدْبَارِ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ ، وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِهِ مَعْرِفَةُ عَلَامَةِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ ، وَقَلَّ مَنْ أَوْضَحَهُ ، وَقَدِ اعْتَنَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَامَةَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَالْحُصُولِ فِي الطُّهْرِ أَنْ يَنْقَطِعَ خُرُوجُ الدَّمِ وَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ ، وَسَوَاءٌ خَرَجَتْ رُطُوبَةٌ بَيْضَاءُ أَمْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ أَصْلًا . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا : التَّرِيَّةُ رُطُوبَةٌ خَفِيفَةٌ لَا صُفْرَةَ فِيهَا وَلَا كُدْرَةَ تَكُونُ عَلَى الْقُطْنَةِ أَثَرٌ لَا لَوْنٌ . قَالُوا : وَهَذَا يَكُونُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ .

قُلْتُ هِيَ التَّرِيَّةُ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ مُشَدَّدَةٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِلنِّسَاءِ : لَا تَعَجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ . و ( الْقَصَّةُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْجَصُّ شُبِّهَتِ الرُّطُوبَةُ النَّقِيَّةُ الصَّافِيَةُ بِالْجَصِّ .

قَالَ أَصْحَابُنَا : إِذَا مَضَى زَمَنُ حَيْضَتِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فِي الْحَالِ لِأَوَّلِ صَلَاةٍ تُدْرِكْهَا ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتْرُكَ بَعْدَ ذَلِكَ صَلَاةً وَلَا صَوْمًا . وَلَا يَمْتَنِعُ زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهَا ، وَلَا تَمْتَنِعُ مِنْ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ الطَّاهِرُ ، وَلَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ أَصْلًا وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَةٌ أَنَّهَا تَسْتَظْهِرُ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ عَادَتِهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ ، وَأَنَّ الدَّمَ نَجِسٌ ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ لِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْحَرْفُ الَّذِي تَرَكَهُ هُوَ قَوْلُهُ : اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَأَسْقَطَهَا مُسْلِمٌ لِأَنَّهَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ حَمَّادُ . قَالَ النَّسَائِيُّ : لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ : وَتَوَضَّئِي فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ حَمَّادٍ يَعْنِي ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، فِي حَدِيثِ هِشَامٍ . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ ذِكْرَ الْوُضُوءِ مِنْ رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَأَيُّوبَ بْنِ أَبِي مَكِينٍ . قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :537 ... بـ :334]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ فَعَلَتْهُ هِيَ وَقَالَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوَايَتِهِ ابْنَةُ جَحْشٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أُمَّ حَبِيبَةَ

قَوْلُهُ : ( اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . وَفِي رِوَايَةٍ : ( بِنْتُ جَحْشٍ ) وَلَمْ يَذْكُرْ ( أُمَّ حَبِيبَةَ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ خَتَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ( قَالَتْ عَائِشَةُ : فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ ابْنَةَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ ) هَذِهِ الْأَلْفَاظُ هَكَذَا هِيَ ثَابِتَةٌ فِي الْأُصُولِ ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرَّازِيِّ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ .

قَالَ الْقَاضِي : اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا عَنْ مَالِكٍ ، وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ : زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ، وَكَثِيرٌ مِنَ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ عَنِ ابْنَةِ جَحْشٍ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَبَيَّنَ الْوَهْمَ فِيهِ قَوْلُهُ : وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَزَيْنَبُ هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَطُّ ، إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ هِيَ أُمُّ حَبِيبَةَ أُخْتُهَا ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا عَلَى الصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ خَتَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَفِي قَوْلِهِ : كَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي بَيْتِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ .

قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : قِيلَ : إِنَّ بَنَاتَ جَحْشٍ الثَّلَاثَ زَيْنَبَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ وَحَمْنَةَ زَوْجَ طَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنَّ يَسْتَحِضْنَ كُلُّهُنَّ . وَقِيلَ : إِنَّهُ لَمْ يَسْتَحِضْ مِنْهُنَّ إِلَّا أُمُّ حَبِيبَةَ . وَذَكَرَ الْقَاضِي يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ فِي كِتَابِهِ ( الْمُسْتَوْعِبُ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ ) مِثْلَ هَذَا ، وَذَكَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اسْمُهَا زَيْنَبُ ، وَلُقِّبَتْ إِحْدَاهُنَّ حَمْنَةُ ، وَكُنِّيَتِ الْأُخْرَى أُمُّ حَبِيبَةَ . وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَقَدْ سَلِمَ مَالِكٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي تَسْمِيَةِ أُمِّ حَبِيبَةَ زَيْنَبَ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَفِي رِوَايَةٍ ( أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وَفِي أُخْرَى : ( أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ مَعَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ ) ، هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي . وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( أُمُّ حَبِيبَةَ ) فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمُّ حَبِيبٍ بِلَا هَاءٍ ، وَاسْمُهَا حَبِيبَةُ . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : قَوْلُ الْحَرْبِيِّ صَحِيحٌ ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَذَا الشَّأْنِ . قَالَ غَيْرُهُ : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبٍ . وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ : الصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَهَا حَبِيبَةُ قَالَ : وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ : يُقَالُ لَهَا أُمُّ حَبِيبَةَ ، وَقِيلَ : أُمُّ حَبِيبٍ . قَالَ : وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ ، وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً . قَالَ : وَأَهْلُ السِّيَرِ يَقُولُونَ : الْمُسْتَحَاضَةُ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : الصَّحِيحُ أَنَّهُمَا كَانَتَا تُسْتَحَاضَانِ .




[ سـ :538 ... بـ :334]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَلَكِنَّ هَذَا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَتَّى تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ هِنْدًا لَوْ سَمِعَتْ بِهَذِهِ الْفُتْيَا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَتَبْكِي لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تُصَلِّي وَحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ إِلَى قَوْلِهِ تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ابْنَةَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ سَبْعَ سِنِينَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ اسْتُحِيضَتْ ) أَمَّا قَوْلُهُ خَتَنَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَمَعْنَاهُ قَرِيبَةُ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْأَخْتَانُ جَمْعُ خَتَنٍ ، وَهُمْ أَقَارِبُ زَوْجَةِ الرَّجُلِ . وَالْأَحْمَاءُ أَقَارِبُ زَوْجِ الْمَرْأَةِ ، وَالْأَصْهَارُ يَعُمُّ الْجَمِيعَ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ، فَعَرَّفَهَا بِشَيْئَيْنِ : أَحَدُهُمَا كَوْنُهَا أُخْتَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالثَّانِي كَوْنُهَا زَوْجَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَمَّا وَالِدُهَا جَحْشٌ فَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ .

قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْمُرَادِيِّ : ( عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ كَمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ ، وَخَالَفَهُمَا الْأَوْزَاعِيُّ فَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ بِـ ( عَنْ ) ، جَعَلَ عُرْوَةَ رَاوِيًا عَنْ عَمْرَةَ .

وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ ( عَائِشَةَ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمِيعِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ إِلَّا السَّمَرْقَنْدِيَّ فَإِنَّهُ جَعَلَ عُرْوَةَ مَكَانَ عَمْرَةَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :539 ... بـ :334]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ أَمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّمِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلْآنَ دَمًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَلَكِنَّ هَذَا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا انْقَضَى زَمَنُ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَ الدَّمُ جَارِيًا ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَهُ .

قَوْلُهُ : ( فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ الْإِجَانَةُ الَّتِي تُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ .

قَوْلُهُ : ( حَتَّى تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي الْمِرْكَنِ فَتَجْلِسُ فِيهِ وَتَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَيَخْتَلِطُ الْمَاءُ الْمُتَسَاقِطُ عَنْهَا بِالدَّمِ فَيَحْمَرُّ الْمَاءُ ثُمَّ إِنَّهُ لَا بُدَّ أَنَّهَا كَانَتْ تَتَنَظَّفُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ تِلْكَ الْغُسَالَةِ الْمُتَغَيِّرَةِ .

قَوْلُهُ : ( رَأَيْتَ مِرْكَنَهَا مَلْآنَ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ بِبِلَادِنَا ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ رُوِيَ أَيْضًا مَلْأَى وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، الْأَوَّلُ عَلَى لَفْظِ ( الْمِرْكَنِ ) وَهُوَ مُذَكَّرٌ ، وَالثَّانِي عَلَى مَعْنَاهُ وَهُوَ ( الْإِجَانَةُ ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهَا ( فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ ) هَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَلَا الصَّوْمُ فِي الْحَالِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا قَضَاءُ الصَّوْمِ .

قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّلَاةَ كَثِيرَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَرُبَّمَا كَانَ الْحَيْضُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا : كُلُّ صَلَاةٍ تَفُوتُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ لَا تُقْضَى إِلَّا رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ .

قَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهمْ : وَلَيْسَتِ الْحَائِضُ مُخَاطَبَةً بِالصِّيَامِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجْهًا أَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ بِالصِّيَامِ فِي حَالِ الْحَيْضِ وَتُؤْمَرُ بِتَأْخِيرِهِ كَمَا يُخَاطَبُ الْمُحْدِثُ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَصِحُّ مِنْهُ فِي زَمَنِ الْحَدَثِ ، وَهَذَا الْوَجْهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَكَيْفَ يَكُونُ الصِّيَامُ وَاجِبًا عَلَيْهَا وَمُحَرَّمًا عَلَيْهَا بِسَبَبٍ لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى إِزَالَتِهِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِزَالَةِ الْحَدَثِ .

قَوْلُهُ : ( عَنِ أبِي قِلَابَةَ ) هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَاسْمُهُ ( عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ ) هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الضُّبَعِيُّ مَوْلَاهُمِ الْبَصْرِيُّ أَبُو الْأَزْهَرِيِّ ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَلْقِيبِهِ بِالرِّشْكِ فَقِيلَ : مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ الْقَاسِمُ ، وَقِيلَ : الْغَيُورُ ، وَقِيلَ : كَثِيرُ اللِّحْيَةِ ، وَقِيلَ : ( الرِّشْكُ ) بِالْفَارِسِيَّةِ اسْمٌ لِلْعَقْرَبِ ، فَقِيلَ لِيَزِيدَ : الرِّشْكُ لِأَنَّ الْعَقْرَبَ دَخَلَتْ فِي لِحْيَتِهِ فَمَكَثَتْ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي بِهَا لِأَنَّ لِحْيَتَهُ كَانَتْ طَوِيلَةً عَظِيمَةً جِدًّا . حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ ، وَحَكَاهَا أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ بِإِسْنَادِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهَا : ( حَرُورِيَّةٌ أَنْتِ ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْأُولَى وَهِيَ نِسْبَةٌ إِلَى حَرُورَاءَ ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ قَالَ السَّمْعَانِيُّ : هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ الْكُوفَةِ ، كَانَ أَوَّلُ اجْتِمَاعِ الْخَوَارِجِ بِهِ . قَالَ الْهَرَوِيُّ : تَعَاقَدُوا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَنَسَبُوا إِلَيْهَا . فَمَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إِنَّ طَائِفَةً مِنَ الْخَوَارِجِ يُوجِبُونَ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءَ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ ، وَهُوَ خِلَافُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ الَّذِي اسْتَفْهَمَتْهُ عَائِشَةُ هُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ أَيْ هَذِهِ طَرِيقَةُ الْحَرُورِيَّةِ ، وَبِئْسَتِ الطَّرِيقَةُ .

قَوْلُهَا : ( كَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيْضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَا تُؤْمَرُ بِقَضَاءِ ) مَعْنَاهُ لَا يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَضَاءِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَيْضِ وَتَرْكِهَا الصَّلَاةَ فِي زَمَنِهِ ، وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا لَأَمَرَهَا بِهِ .

قَوْلُهَا : ( أَفَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَجْزِينَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ ، وَقَدْ فَسَّرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فِي الْكِتَابِ أَنَّ مَعْنَاهُ يَقْضِينَ ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ صَحِيحٌ يُقَالُ جَزَى يَجْزِي أَيْ قَضَى ، وَبِهِ فَسَّرُوا قَوْلَهُ تَعَالَى : لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَيُقَالُ هَذَا الشَّيْءُ يَجْزِي عَنْ كَذَا أَيْ يَقُومُ مَقَامَهُ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ الْهَمْزَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .