فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ نسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ


[ سـ :567 ... بـ :354]
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ح وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عَرْقًا أَوْ لَحْمًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

قَوْلُهُ : ( أَكَلَ عَرْقًا ) هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ الْعَظْمُ عَلَيْهِ قَلِيلٌ مِنَ اللَّحْمِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِيمَانِ مَبْسُوطًا .




[ سـ :569 ... بـ :355]
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَامَ وَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ

قَوْلُهُ : ( يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ ) فِيهِ جَوَازُ قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ وَذَلِكَ تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ لِصَلَابَةِ اللَّحْمِ أَوْ كِبَرِ الْقِطْعَةِ . قَالُوا : وَيُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ .

قَوْلُهُ : ( فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ) فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَلِ اسْتِحْبَابِ اسْتِدْعَاءِ الْأَئِمَّةِ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا حَضَرَ وَقْتُهَا . وَفِيهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ إِذَا كَانَ الْمَنْفِيُّ مَحْصُورًا مِثْلَ هَذَا ، وَفِيهِ أَنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَفِي ( السِّكِّينِ ) لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ ، يُقَالُ سِكِّينٌ جَيِّدٌ ، وَجَيِّدَةٌ ، سُمِّيَتْ سِكِّينًا لِتَسْكِينِهَا حَرَكَةَ الْمَذْبُوحِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :571 ... بـ :357]
قَالَ عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ أَشْهَدُ لَكُنْتُ أَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَطْنَ الشَّاةِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : أَشْهَدُ لَكُنْتُ أَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَطْنَ الشَّاةِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ) أَمَّا أَبُو غَطَفَانَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ ابْنُ طَرِيفٍ الْمُرِّيُّ الْمَدَنِيُّ . قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ : لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ . قَالَ : وَيُقَالُ فِي كُنْيَتِهِ أَيْضًا : أَبُو مَالِكٍ ، وَأَمَّا أَبُو رَافِعٍ فَهُوَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَاسْمُهُ أَسْلَمُ ، وَقِيلَ : إِبْرَاهِيمُ ، وَقِيلَ : هُرْمُزُ ، وَقِيلَ : ثَابِتٌ ، وَقَوْلُهُ : ( بَطْنَ الشَّاةِ ) يَعْنِي الْكَبِدَ وَمَا مَعَهُ مِنْ حَشْوِهَا ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ أَشْوِي بَطْنَ الشَّاةِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ ، ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :572 ... بـ :358]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَمَضْمَضَ وَقَالَ إِنَّ لَهُ دَسَمًا وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ ح وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَ لَبَنًا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَمَضْمَضَ وَقَالَ : إِنَّ لَهُ دَسَمًا ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمَضْمَضَةِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ تُسْتَحَبُّ لَهُ الْمَضْمَضَةُ ، وَلِئَلَّا تَبْقَى مِنْهُ بَقَايَا يَبْتَلِعُهَا فِي حَالِ الصَّلَاةِ ، وَلِتَنْقَطِعَ لُزُوجَتُهُ وَدَسَمُهُ ، وَيَتَطَهَّرَ فَمُهُ .

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَالْأَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ نَظَافَةَ الْيَدِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَالْوَسَخِ ، وَاسْتِحْبَابِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ إِلَّا أَنْ لَا يَبْقَى عَلَى الْيَدِ أَثَرُ الطَّعَامِ بِأَنْ كَانَ يَابِسًا وَلَمْ يَمَسُّهُ بِهَا . وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ لِلطَّعَامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْيَدِ أَوَّلًا قَذَرٌ وَيَبْقَى عَلَيْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ رَائِحَةٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ " وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو " بِالْوَاوِ فِي وَأَخْبَرَنِي وَهِيَ وَاوُ الْعَطْفِ ، وَالْقَائِلُ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو هُوَ ابْنُ وَهْبٍ ، وَإِنَّمَا أَتَى بِالْوَاوِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَمْرٍو أَحَادِيثَ فَرَوَاهَا وَعَطَفَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : أَخْبَرَنِي عَمْرٌو بِكَذَا ، وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو بِكَذَا ، وَعَدَّدَ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ ، فَسَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى لَفْظَ ابْنَ وَهْبٍ هَكَذَا بِالْوَاوِ ، فَأَدَّاهُ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى كَمَا سَمِعَهُ ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : يَعْنِي ابْنَ وَهْبٍ ، وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :573 ... بـ :359]
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأُتِيَ بِهَدِيَّةٍ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَأَكَلَ ثَلَاثَ لُقَمٍ ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ وَمَا مَسَّ مَاءً وَحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ حَلْحَلَةَ وَفِيهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ صَلَّى وَلَمْ يَقُلْ بِالنَّاسِ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ ) هُوَ بِالْحَاءَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا اللَّامُ السَّاكِنَةُ .

قَوْلُهُ : ( وَفِيهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - شَهِدَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هَذَا فِيهِ فَائِدَةٌ لَطِيفَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى فِيهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ ثِيَابَهُ وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَى هَذِهِ الْقَضِيَّةَ ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَآهَا ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ يَكُونُ مُرْسَلَ صَحَابِيٍّ ، وَقَدْ مَنَعَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ، وَالصَّوَابُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ الِاحْتِجَاجُ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُحْتَمِلَةً هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ نَبَّهَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا يُزِيلُ هَذَا كُلَّهُ فَقَالَ : شَهِدَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ . وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ .