فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ

باب طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ
[ سـ :577 ... بـ :363]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ فَمَاتَتْ فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ فَقَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي حَدِيثِهِمَا عَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا

فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّاةِ الْمَيِّتَةِ : هَلَّا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ فَقَالُوا : إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ : إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا قَالُوا : إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ : إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَلَا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ؟ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ : إِنَّا نَكُونُ بِالْمَغْرِبِ ، فَيَأْتِينَا الْمَجُوسُ بِالْأَسْقِيَةِ فِيهَا الْمَاءُ وَالْوَدَكُ فَقَالَ : اشْرَبْ ، فَقُلْتُ : أَرَأْي تَرَاهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : دِبَاغُهُ طَهُورُهُ ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دِبَاغِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَطَهَارَتِهَا بِالدِّبَاغِ عَلَى سَبْعَةِ مَذَاهِبَ :

أَحَدُهَا : مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ ، وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنِهِ ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَائِعَةِ وَالْيَابِسَةِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ ، وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - .

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي : لَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ .

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ : يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ ، وَلَا يَطْهُرُ غَيْرُهُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ .

وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ يَطْهُرُ جُلُودُ جَمِيعِ الْمَيْتَاتِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ .

وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ إِلَّا أَنَّهُ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ . وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لَا فِيهِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ فِي حِكَايَةِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ .

وَالْمَذْهَبُ السَّادِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ .

وَالْمَذْهَبُ السَّابِعُ أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمَائِعَاتِ وَالْيَابِسَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ ، وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ .

وَاحْتَجَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ بِأَحَادِيثَ وَغَيْرِهَا ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ دَلِيلِ بَعْضٍ ، وَقَدْ أوْضَحْتُ دَلَائِلَهُمْ فِي أَوْرَاقٍ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ، وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ الْأَحْكَامِ وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الْحَدِيثِ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَائِعَاتِ فَإِنَّ جُلُودَ مَا ذَكَّاهُ الْمَجُوسُ نَجِسَةٌ ، وَقَدْ نُصَّ عَلَى طَهَارَتِهَا بِالدِّبَاغِ ، وَاسْتِعْمَالِهَا فِي الْمَاءِ وَالْوَدَكِ ، وَقَدْ يَحْتَجُّ الزُّهْرِيُّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ دِبَاغَهَا ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ وَجَاءَتِ الرِّوَايَاتُ الْبَاقِيَةُ بِبَيَانِ الدِّبَاغِ ، وَأَنَّ دِبَاغَهُ طَهُورُهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي الْإِهَابِ فَقِيلَ هُوَ الْجِلْدُ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ : هُوَ الْجِلْدُ قَبْلَ الدِّبَاغِ ، فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُسَمَّى إِهَابًا ، وَجَمْعُهُ ( أَهَبٌ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ وَبِضَمِّهَا لُغَتَانِ ، وَتُقَالُ : طَهَرَ الشَّيْءُ وَطَهُرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

يَجُوزُ الدِّبَاغُ بِكُلِّ شَيْءٍ يُنَشِّفُ فَضَلَاتِ الْجِلْدِ وَيُطَيِّبُهُ ، وَيَمْنَعُ مِنْ وُرُودِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ . وَذَلِكَ كَالشَّتِّ وَالشَّبِّ وَالْقَرْظِ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَدْوِيَةِ الطَّاهِرَةِ ، وَلَا يَحْصُلُ بِالتَّشْمِيسِ عِنْدَنَا ، وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ : يَحْصُلُ ، وَلَا يَحْصُلُ عِنْدَنَا بِالتُّرَابِ وَالرَّمَادِ وَالْمِلْحِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ . وَهَلْ يَحْصُلُ بِالْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ كَذَرْقِ الْحَمَامِ وَالشَّبِّ الْمُتَنَجِّسِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ حُصُولُهُ ، وَيَجِبُ غَسْلُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدِّبَاغِ بِلَا خِلَافٍ ، وَلَوْ كَانَ دَبْغُهُ بِطَاهِرٍ فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى غَسْلِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ . وَهَلْ يُحْتَاجُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي أَوَّلِ الدِّبَاغِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ . قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلَا يَفْتَقِرُ الدِّبَاغُ إِلَى فِعْلِ فَاعِلٍ . فَلَوْ أطَارَتِ الرِّيحُ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَوَقَعَ فِي مَدْبَغِهِ طَهُرَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِذَا طَهُرَ بِالدِّبَاغِ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ . وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا يَجُوزُ . وَهَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَوْ أقْوَالٍ : أَصَحُّهَا لَا يَجُوزُ بِحَالٍ ، وَالثَّانِي يَجُوزُ ، وَالثَّالِثُ يَجُوزُ أَكْلُ جِلْدِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِذَا طَهُرَ الْجِلْدُ بِالدِّبَاغِ فَهَلْ يَطْهُرُ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْجِلْدِ إِذَا قُلْنَا بِالْمُخْتَارِ فِي مَذْهَبِنَا إِنَّ شَعْرَ الْمَيْتَةِ نَجِسٌ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ : أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهمَا لَا يَطْهُرُ لِأَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ الْجِلْدِ قَالَ أَصْحَابُنَا : لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ فِي الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ . وَيَجُوزُ فِي الْيَابِسَاتِ مَعَ كَرَاهَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا ) رُوِّينَاهُ عَلَى وَجْهَيْنِ ( حَرُمَ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَ ( حُرِّمَ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ فِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا قَدَّمْتُهُ ، وَلِلْقَائِلِ الْآخَرِ أَنْ يَقُولَ : الْمُرَادُ تَحْرِيمُ لَحْمِهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي حَدِيثِهِمَا عَنْ مَيْمُونَةَ ) يَعْنِي أَنَّهُمَا ذَكَرَا فِي رِوَايَتِهِمَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، رَوَاهُ عَنْ مَيْمُونَةَ .




[ سـ :580 ... بـ :364]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ مُنْذُ حِينٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ دَاجِنَةً كَانَتْ لِبَعْضِ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ دَاجِنَةَ كَانَتْ ) هِيَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَالنُّونِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَدَاجِنُ الْبُيُوتِ مَا أَلِفَهَا مِنَ الطَّيْرِ وَالشَّاةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدْ دَجَنَ فِي بَيْتِهِ إِذَا أَلْزَمَهُ ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاجِنَةِ هُنَا الشَّاةُ .




[ سـ :582 ... بـ :366]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ وَعْلَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ كُلُّهُمْ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ يَعْنِي حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى

قَوْلُهُ : ( عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَعْلَةَ السَّبَئِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ( وَالسَّبَئِيُّ ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ ثُمَّ الْهَمْزَةُ ثُمَّ يَاءُ النَّسَبِ .

قَوْلُهُ : ( بِمِثْلِهِ يَعْنِي حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ يَعْنِي بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ وَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَنْ مُسْلِمٍ ، وَلَوْ رُوِيَ بِالنُّونِ فِي أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ مُسْلِمٍ لَكَانَ حَسَنًا وَلَكِنْ لَمْ يُرْوَ .




[ سـ :583 ... بـ :366]
حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ قَالَ رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ وَعْلَةَ السَّبَإِيِّ فَرْوًا فَمَسِسْتُهُ فَقَالَ مَا لَكَ تَمَسُّهُ قَدْ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ إِنَّا نَكُونُ بِالْمَغْرِبِ وَمَعَنَا الْبَرْبَرُ وَالْمَجُوسُ نُؤْتَى بِالْكَبْشِ قَدْ ذَبَحُوهُ وَنَحْنُ لَا نَأْكُلُ ذَبَائِحَهُمْ وَيَأْتُونَا بِالسِّقَاءِ يَجْعَلُونَ فِيهِ الْوَدَكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ دِبَاغُهُ طَهُورُهُ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ أَبَا الْخَيْرِ ) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاسْمُهُ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالزَّايِ .

وَقَوْلُهُ : ( يَأْتُونَا بِالسِّقَاءِ يَجْعَلُونَ فِيهِ الْوَدَكَ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ بِبِلَادِنَا ( يَجْعَلُونَ ) بِالْعَيْنِ بَعْدَ الْجِيمِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أكْثَرِ الرُّوَاةِ . قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ يَجْمُلُونَ بِالْمِيمِ وَمَعْنَاهُ يُذِيبُونَ يُقَالُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ . يُقَالُ : جَمَلْتَ الشَّحْمَ وَأَجْمَلْتَهُ أَذَبْتَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ وَعْلَةَ السَّبَئِيَّ فَرْوًا ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ( فَرْوًا ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ وَجَمْعُ الْفَرْوِ فِرَاءٌ كَكَعْبٍ وَكِعَابٍ . وَفِيهِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ أَنَّهُ يُقَالُ فَرْوَةٌ بِالْهَاءِ كَمَا يَقُولُهَا الْعَامَّةُ ، حَكَاهَا ابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ وَالزُّبَيْدِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ .

قَوْلُهُ : ( فَمَسِسْتُهُ ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى عَلَى الْأَخِيرَةِ الْمَشْهُورَةِ وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ بِفَتْحِهَا . فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُضَارِعِ ( يَمَسُّهُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ بِضَمِّهَا . وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ .