فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ نُزُولِ السَّكِينَةِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

باب نُزُولِ السَّكِينَةِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
[ سـ :1378 ... بـ :795]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ

قَوْلُهُ : ( وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ ) هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ وَهُمَا تَثْنِيَةُ ( شَطَنٍ ) وَهُوَ الْحَبْلُ الطَّوِيلُ الْمُضْطَرِبُ .

قَوْلُهُ : ( وَجَعَلَ فَرَسَهُ يَنْفِرُ ) . وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ( فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ ) . وَفِي الثَّالِثَةِ ( غَيْرَ أَنَّهُمَا قَالَا يَنْقُزُ ) . أَمَّا الْأُولَيَانِ فَبِالْفَاءِ وَالرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ . وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَبِالْقَافِ الْمَضْمُومَةِ وَبِالزَّايِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ . وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ بِلَادِنَا فِي الثَّالِثَةِ ( يَنْفِزُ ) بِالْفَاءِ وَالزَّايِ ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ وَغَلَّطَهُ وَمَعْنَى يَنْفِزُ بِالْقَافِ وَالزَّايِ يَثِبُ .

قَوْلُهُ : ( فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ ( تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ ) . قَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى ( السَّكِينَةِ ) هُنَا أَشْيَاءُ الْمُخْتَارُ مِنْهَا : أَنَّهَا شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا طُمَأْنِينَةٌ وَرَحْمَةٌ وَمَعَهُ الْمَلَائِكَةُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ رُؤْيَةِ آحَادِ الْأُمَّةِ الْمَلَائِكَةَ . وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْقِرَاءَةِ وَأَنَّهَا سَبَبُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ . وَفِيهِ فَضِيلَةُ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ .



[ سـ :1379 ... بـ :795]
وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ وَفِي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ أَوْ سَحَابَةٌ قَدْ غَشِيَتْهُ قَالَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْرَأْ فُلَانُ فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ الْقُرْآنِ أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ فَذَكَرَا نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُمَا قَالَا تَنْقُزُ.

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اقْرَأْ فُلَانٌ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( اقْرَأْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) وَمَعْنَاهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَسْتَمِرَّ عَلَى الْقُرْآنِ ، وَتَغْتَنِمَ مَا حَصَلَ لَكَ مِنْ نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلَائِكَةِ ، وَتَسْتَكْثِرَ مِنَ الْقِرَاءَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ بَقَائِهَا.


[ سـ :1380 ... بـ :796]
وَحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِي مِرْبَدِهِ إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا قَالَ أُسَيْدٌ فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا قَالَ فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ فِي مِرْبَدِي إِذْ جَالَتْ فَرَسِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ ابْنَ حُضَيْرٍ قَالَ فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ ابْنَ حُضَيْرٍ قَالَ فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ ابْنَ حُضَيْرٍ قَالَ فَانْصَرَفْتُ وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ حَدَّثَهُ ) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ .

قَوْلُهُ : ( أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ .

قَوْلُهُ : ( بَيْنَمَا هُوَ ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ مَعْنَاهُ بَيْنَ أَوْقَاتِهِ .

قَوْلُهُ : ( فِي مِرْبَدِهِ ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَيْبَسُ فِيهِ التَّمْرُ ، كَالْبَيْدَرِ لِلْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا .

قَوْلُهُ : ( جَالَتْ فَرَسُهُ ) أَيْ وَثَبَتَ ، وَقَالَ هُنَا : ( جَالَتْ ) فَأَنَّثَ الْفَرَسَ . وَفِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ ( وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ ) فَذَكَرَهُ وَهُمَا صَحِيحَانِ ، وَالْفَرَسُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى .