فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ ، وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ

باب فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ
[ سـ :1395 ... بـ :809]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ شُعْبَةُ مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ وَقَالَ هَمَّامٌ مِنْ أَوَّلِ الْكَهْف كَمَا قَالَ هِشَامٌ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ ) . قِيلَ : سَبَبُ ذَلِكَ مَا فِي أَوَّلِهَا مِنَ الْعَجَائِبِ وَالْآيَاتِ ، فَمَنْ تَدَبَّرَهَا لَمْ يُفْتَتَنْ بِالدَّجَّالِ ، وَكَذَا فِي آخِرِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا .




[ سـ :1396 ... بـ :810]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي السَّلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي السَّلِيلِ ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، وَاسْمُهُ ( ضُرَيْبُ بْنُ نُقَيْرٍ ) بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا ( وَنُقَيْرٌ ) بِالْقَافِ ، وَقِيلَ : بِالْفَاءِ ، وَقِيلَ : نُفَيْلٌ بِالْفَاءِ وَاللَّامِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ ) فِيهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُبَيٍّ وَدَلِيلٌ عَلَى كَثْرَةِ عِلْمِهِ . وَفِيهِ تَبْجِيلُ الْعَالِمِ فُضَلَاءَ أَصْحَابِهِ وَتَكْنِيَتُهُمْ ، وَجَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ ، وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ إِعْجَابٌ وَنَحْوُهُ ؛ لِكَمَالِ نَفْسِهِ وَرُسُوخِهِ فِي التَّقْوَى .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قُلْتُ : اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : فِيهِ حُجَّةٌ لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ ، وَتَفْضِيلِهِ عَلَى سَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ : وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ فَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ ؛ لِأَنَّ تَفْضِيلَ بَعْضِهِ يَقْتَضِي نَقْصَ الْمَفْضُولِ ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ اللَّهِ نَقْصٌ بِهِ ، وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ مَا وَرَدَ مِنْ إِطْلَاقِ أَعْظَمِ وَأَفْضَلِ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ بِمَعْنًى عَظِيمٍ وَفَاضِلٍ ، وَأَجَازَ ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ ، قَالُوا : وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ أَجْرِ قَارِئِ ذَلِكَ وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ قَوْلِ هَذِهِ الْآيَةِ أَوِ السُّورَةِ أَعْظَمُ أَوْ أفْضَلُ ، بِمَعْنَى أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا أَكْثَرُ وَهُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْعُلَمَاءُ : إِنَّمَا تَمَيَّزَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ بِكَوْنِهَا أَعْظَمَ لِمَا جَمَعَتْ مِنْ أُصُولِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ ، وَهَذِهِ السَّبْعَةُ أُصُولُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .