فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الْجُمُعَةِ

باب صَلَاةِ الْخَوْفِ
[ سـ :1442 ... بـ :839]
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَ أُولَئِكَ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَوْفِ وَيَقُولُ صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْمَعْنَى

بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

ذَكَرَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثٍ . أَحَدُهَا : حَدِيثُ أَبِي عُمَرَ : ( أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً وَالْأُخْرَى مُوَاجِهَةٌ لِلْعَدُوِّ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً ) وَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَشْهَبُ الْمَالِكِيُّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ، ثُمَّ قِيلَ : إِنَّ الطَّائِفَتَيْنِ قَضَوْا رَكْعَتَهُمُ الْبَاقِيَةَ مَعًا ، وَقِيلَ : مُتَفَرِّقِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ . الثَّانِي : حَدِيثُ ابْنِ أَبِي حَثْمَةَ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا حَتَّى أَتَمُّوا رَكْعَتَهُمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ . وَبِهَذَا أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمْ ، وَذَكَرَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ صِفَةً أُخْرَى أَنَّهُ صَفَّهُمْ صَفَّيْنِ فَصَلَّى بِمَنْ يَلِيهِ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً ، ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ . وَفِي رِوَايَةٍ ( سَلَّمَ بِهِمْ جَمِيعًا ) . الْحَدِيثُ الثَّالِثُ : حَدِيثُ جَابِرٍ ( أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفَّهُمْ صَفَّيْنِ خَلْفَهُ وَالْعَدُوُّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَرَكَعَ بِالْجَمِيعِ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ ، وَقَامُوا ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِي يَلِيهِ وَقَامَ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ ، فَلَمَّا قَضَى السُّجُودَ سَجَدَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ ) وَذَكَرَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ نَحْوَهُ ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تَقَدُّمُ الصَّفِّ وَتَأَخُّرُ الْآخَرِ ، وَبِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ ، وَيَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَقَدُّمُ الصَّفِّ الثَّانِي وَتَأَخُّرُ الْأَوَّلِ كَمَا فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ ، وَيَجُوزُ بَقَاؤُهُمَا عَلَى حَالِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ . الْحَدِيثُ الرَّابِعُ : حَدِيثُ جَابِرٍ : ( أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ) وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مُفْتَرِضِينَ خَلْفَ مُتَنَفِّلٍ ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَكَوْهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ . وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إِذْ لَا دَلِيلَ لِنَسْخِهِ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَوْجُهٍ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ .

وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجْهًا سَابِعًا : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَانْصَرَفُوا وَلَمْ يُسَلِّمُوا وَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ فَقَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَتَهُمْ ، ثُمَّ سَلَّمُوا وَذَهَبُوا ، فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ ، وَرَجَعَ أُولَئِكَ فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ . وَبِهَذَا أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وُجُوهًا أُخَرَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ بِحَيْثُ يَبْلُغُ مَجْمُوعُهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا . وَذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْمَالِكِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا فِي عَشَرَةِ مَوَاطِنَ . وَالْمُخْتَارُ أَنَّ هَذِهِ الْأَوْجُهَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ بِحَسَبِ مَوَاطِنِهَا . وَفِيهَا تَفْصِيلٌ وَتَفْرِيعٌ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنْوَاعٌ صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَشْكَالٍ مُتَبَايِنَةٍ يَتَحَرَّى فِي كُلِّهَا مَا هُوَ أَحْوَطُ لِلصَّلَاةِ وَأَبْلَغُ فِي الْحِرَاسَةِ ، فَهِيَ عَلَى اخْتِلَافِ صُوَرِهَا مُتَّفِقَةُ الْمَعْنَى ، ثُمَّ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَشْرُوعَةٌ الْيَوْمَ كَمَا كَانَتْ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ وَالْمُزَنِيَّ فَقَالَا : لَا تُشْرَعُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَزَالُوا عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ تَخْصِيصَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) .




[ سـ :1445 ... بـ :840]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَاتَلُونَا قِتَالًا شَدِيدًا فَلَمَّا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ لَوْ مِلْنَا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً لَاقْتَطَعْنَاهُمْ فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَالُوا إِنَّهُ سَتَأْتِيهِمْ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ فَلَمَّا حَضَرَتْ الْعَصْرُ قَالَ صَفَّنَا صَفَّيْنِ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ قَالَ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرْنَا وَرَكَعَ فَرَكَعْنَا ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَلَمَّا قَامُوا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي فَقَامُوا مَقَامَ الْأَوَّلِ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرْنَا وَرَكَعَ فَرَكَعْنَا ثُمَّ سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَقَامَ الثَّانِي فَلَمَّا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ ثُمَّ خَصَّ جَابِرٌ أَنْ قَالَ كَمَا يُصَلِّي أُمَرَاؤُكُمْ هَؤُلَاءِ

قَوْلُهُ : ( وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ ) أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ ، وَنَحْرُ كُلِّ شَيْءٍ أَوَّلُهُ .

قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ : ( ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( الصَّفُّ الْأَوَّلُ ) وَلَمْ يَقَعْ فِي أَكْثَرِهَا ذِكْرُ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ الْآنَ .




[ سـ :1446 ... بـ :841]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ فَصَفَّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُمْ رَكْعَةً ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ

قَوْلُهُ : ( صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ ) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ .




[ سـ :1447 ... بـ :842]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ

قَوْلُهُ : ( ذَاتُ الرِّقَاعِ ) هِيَ غَزْوَةٌ مَعْرُوفَةٌ كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بِأَرْضِ غَطَفَانَ مِنْ نَجْدٍ ، سُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ لِأَنَّ أَقْدَامَ الْمُسْلِمِينَ نُقِّبَتْ مِنَ الْحَفَاءِ فَلَفُّوا عَلَيْهَا الْخِرَقَ ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهَا ، وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ لِجَبَلٍ هُنَاكَ يُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ ، لِأَنَّ فِيهِ بَيَاضًا وَحُمْرَةً وَسَوَادًا . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِشَجَرَةٍ هُنَاكَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ الرِّقَاعِ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ رَقَعُوا رَايَاتِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ كُلَّهَا وُجِدَتْ مَعَهَا ، وَشُرِعَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةٍ خِلَافَ الرِّقَاعِ ، وَقِيلَ : فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضْرِ .

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى : ( أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا ( صَلَّتْ مَعَهُ ) وَهُمَا صَحِيحَانِ .

قَوْلُهُ : ( وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ ) هُوَ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا : يُقَالُ : وِجَاهَهُ وَتُجَاهَهُ أَيْ قُبَالَتَهُ ، وَالطَّائِفَةُ الْفِرْقَةُ وَالْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ تَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ، لَكِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ الطَّائِفَةُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ ، وَالَّذِينَ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ كَذَلِكَ ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . فَأَعَادَ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ ضَمِيرَ الْجَمْعِ ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ .




[ سـ :1448 ... بـ :843]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَ كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ فَأَخَذَ سَيْفَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَرَطَهُ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَخَافُنِي قَالَ لَا قَالَ فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قَالَ اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ قَالَ فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَغْمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ قَالَ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ

قَوْلُهُ : ( شَجَرَةٌ ظَلِيلَةٌ ) أَيْ ذَاتُ ظِلٍّ .

قَوْلُهُ : ( فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاخْتَرَطَهُ ) أَيْ سَلَّهُ .

قَوْلُهُ : ( فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ ) مَعْنَاهُ : صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا ، وَبِالثَّانِيَةِ كَذَلِكَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَنَفِّلًا فِي الثَّانِيَةِ وَهُمْ مُفْتَرِضُونَ ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .



باب الْجُمُعَةِ
[ سـ :1450 ... بـ :844]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَا أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ

بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ

يُقَالُ بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَإِسْكَانِهَا وَفَتْحِهَا ، حَكَاهُنَّ الْفَرَّاءُ وَالْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، وَوَجَّهُوا الْفَتْحَ بِأَنَّهَا تَجْمَعُ النَّاسَ وَيَكْثُرُونَ فِيهَا ، كَمَا يُقَالُ : هُمَزَةٌ وَلُمَزَةٌ لِكَثْرَةِ الْهَمْزِ وَاللَّمْزِ وَنَحْوَ ذَلِكَ سُمِّيَتْ جُمُعَةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا ، وَكَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمَّى الْعَرُوبَةَ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ ) وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَاهَا مَنْ أَرَادَ الْمَجِيءَ فَلْيَغْتَسِلْ ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ بَعْدَهُ : ( غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ) وَالْمُرَادُ بِالْمُحْتَلِمِ الْبَالِغُ . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : حَقٌّ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ( لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ) وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَحُكِيَ وُجُوبُهُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ حَكَوْهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ ، وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ؛ قَالَ الْقَاضِي : وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ .

وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ مِنْهَا : حَدِيثُ الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ وَعُمَرُ يَخْطُبُ وَقَدْ تَرَكَ الْغُسْلَ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ ، وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ عُثْمَانَ فَعَلَهُ وَأَقَرَّهُ عُمَرُ وَحَاضِرُو الْجُمُعَةِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ وَلَأَلْزَمُوهُ ، وَمِنْهَا : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي السُّنَنِ مَشْهُورٌ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ . وَمِنْهَا : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَكَانَ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْعِبَادَاتِ ، وَأَجَابُوا عَنِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَمْرِ بِهِ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ .

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ) أَيْ مُتَأَكِّدٌ فِي حَقِّهِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ : حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَيْ مُتَأَكِّدٌ ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ الْوَاجِبُ الْمُحَتَّمُ الْمُعَاقَبُ عَلَيْهِ .

قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمِنْبَرِ لِلْخُطْبَةِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلْيَكُنْ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ ؛ لِيَبْلُغَ صَوْتُهُ جَمِيعَهُمْ ، وَلْيَنْفَرِدَ فَيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ . وَفِيهِ أَنَّ الْخَطِيبَ يَكُونُ قَائِمًا . وَسُمِّيَ مِنْبَرًا لِارْتِفَاعِهِ ، مِنَ النَّبْرِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ .

قَوْلُهُ : ( أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ ) ؟ قَالَهُ تَوْبِيخًا لَهُ وَإِنْكَارًا لِتَأَخُّرِهِ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ . فِيهِ : تَفَقُّدُ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَأَمْرُهُمْ بِمَصَالِحِ دِينِهِمْ وَالْإِنْكَارُ عَلَى مُخَالِفِ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ ، وَفِيهِ : جَوَازُ الْإِنْكَارِ عَلَى الْكِبَارِ فِي مَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ ، وَفِيهِ : جَوَازُ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ .

قَوْلُهُ : ( شُغِلْتُ الْيَوْمَ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ ) فِيهِ : الِاعْتِذَارُ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ وَغَيْرِهِمْ . وَفِيهِ : إِبَاحَةُ الشُّغْلِ وَالتَّصَرُّفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ النِّدَاءِ . وَفِيهِ : إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ، فَرَأَى اشْتِغَالَهُ بِقَصْدِ الْجُمُعَةِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَجْلِسَ لِلْغُسْلِ بَعْدَ النِّدَاءِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرْهُ عُمَرُ بِالرُّجُوعِ لِلْغُسْلِ .

قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ النِّدَاءَ ) هُوَ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ .

قَوْلُهُ : ( وَالْوُضُوءَ أَيْضًا ) هُوَ مَنْصُوبٌ أَيْ وَتَوَضَّأْتُ الْوُضُوءَ فَقَطْ ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ .