فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ هِدَايَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ

باب هِدَايَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ
[ سـ :1470 ... بـ :855]
وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ الْآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّ كُلَّ أُمَّةٍ أُوتِيَتْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ ثُمَّ هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا هَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ الْآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِثْلِهِ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَحْنُ الْآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ الْآخِرُونَ فِي الزَّمَانِ وَالْوُجُودِ ، السَّابِقُونَ بِالْفَضْلِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ ، فَتَدْخُلُ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْجَنَّةَ قَبْلَ سَائِرِ الْأُمَمِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَيْدَ أَنَّ كُلَّ أُمَّةٍ أُوتِيَتِ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدَهِمْ ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : لَفْظَةُ ( بَيْدَ ) تَكُونُ بِمَعْنَى ( غَيْرَ ) ، وَبِمَعْنَى ( عَلَى ) وَبِمَعْنَى ( مِنْ أَجْلِ ) وَكُلُّهُ صَحِيحٌ هُنَا ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : وَيُقَالُ ( مَيْدَ ) بِمَعْنَى ( بَيْدَ ) .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا هَدَانَا اللَّهُ لَهُ ) فِيهِ دَلِيلٌ لِوُجُوبِ الْجُمُعَةِ ، وَفِيهِ فَضِيلَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْيَهُودُ غَدًا ) أَيْ عِيدُ الْيَهُودِ غَدًا ؛ لِأَنَّ ظُرُوفَ الزَّمَانِ لَا تَكُونُ أَخْبَارًا عَنِ الْجُثَثِ فَيُقَدَّرُ فِيهِ مَعْنًى يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ خَبَرًا .




[ سـ :1471 ... بـ :855]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَاخْتَلَفُوا فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ فَهَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ قَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَالْيَوْمَ لَنَا وَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَهَذَا يَوْمُهُمْ - أَيِ - الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ ) قَالَ الْقَاضِي : الظَّاهِرُ أَنَّهُ فُرِضَ عَلَيْهِمْ تَعْظِيمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ وَوُكِّلَ إِلَى اجْتِهَادِهِمْ ، لِإِقَامَةِ شَرَائِعِهِمْ فِيهِ ، فَاخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمْ فِي تَعْيِينِهِ وَلَمْ يَهْدِهِمُ اللَّهُ لَهُ ، وَفَرَضَهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مُبَيَّنًا ، وَلَمْ يَكِلْهُ إِلَى اجْتِهَادِهِمْ فَفَازُوا بِتَفْضِيلِهِ . قَالَ : وَقَدْ جَاءَ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُمْ بِالْجُمُعَةِ وَأَعْلَمَهُمْ بِفَضْلِهَا فَنَاظَرُوهُ أَنَّ السَّبْتَ أَفْضَلُ ، فَقِيلَ لَهُ : دَعْهُمْ . قَالَ الْقَاضِي : وَلَوْ كَانَ مَنْصُوصًا لَمْ يَصِحَّ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ ، بَلْ كَانَ يَقُولُ : خَالِفُوا فِيهِ ، قُلْتُ : وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أُمِرُوا بِهِ صَرِيحًا وَنُصَّ عَلَى عَيْنِهِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ أَمْ لَهُمْ إِبْدَالُهُ؟ وَأَبْدَلُوهُ وَغَلِطُوا فِي إِبْدَالِهِ .




[ سـ :1473 ... بـ :856]
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضَلَّ اللَّهُ عَنْ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ وَفِي رِوَايَةِ وَاصِلٍ الْمَقْضِيُّ بَيْنَهُمْ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُدِينَا إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَضَلَّ اللَّهُ عَنْهَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْهُدَى وَالْإِضْلَالَ وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ كُلَّهُ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ فِعْلُهُ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ .