فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي إِغْمَاضِ الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ لَهُ إِذَا حُضِرَ

باب فِي إِغْمَاضِ الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ لَهُ إِذَا حُضِرَ
[ سـ :1591 ... بـ :920]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَاخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَوْسِعْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَلَمْ يَقُلْ افْسَحْ لَهُ وَزَادَ قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَدَعْوَةٌ أُخْرَى سَابِعَةٌ نَسِيتُهَا

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ ) هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَرَفْعِ بَصَرِهِ وَهُوَ فَاعِلُ شَقَّ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ ( بَصَرَهُ ) بِالنَّصْبِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَالشِّينُ مَفْتُوحَةٌ بِلَا خِلَافٍ . قَالَ الْقَاضِي : قَالَ صَاحِبُ الْأَفْعَالِ : يُقَالُ شَقَّ بَصَرُ الْمَيِّتِ وَشَقَّ الْمَيِّتُ بَصَرَهُ وَمَعْنَاهُ شَخَصَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الْإِصْلَاحِ ، وَالْجَوْهَرِيُّ حِكَايَةً عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ : يُقَالُ : شَقَّ بَصَرُ الْمَيِّتِ ، وَلَا تَقُلْ : شَقَّ الْمَيِّتُ بَصَرَهُ ، وَهُوَ الَّذِي حَضَرَهُ الْمَوْتُ ، وَصَارَ يَنْظُرُ إِلَى الشَّيْءِ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِ طَرَفُهُ .

قَوْلُهَا : ( فَأَغْمَضَهُ ) دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ إِغْمَاضِ الْمَيِّتِ ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ . قَالُوا : وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَلَّا يَقْبُحُ بِمَنْظَرِهِ لَوْ تُرِكَ إِغْمَاضُهُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ) مَعْنَاهُ إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ مِنَ الْجَسَدِ يَتْبَعهُ الْبَصَرُ نَاظِرًا أَيْنَ يَذْهَبُ وَفِي ( الرُّوحِ ) لُغَتَانِ وَالتَّأْنِيثُ وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِلتَّذْكِيرِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ أَنَّ الرُّوحَ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ مُتَخَلِّلَةٌ فِي الْبَدَنِ ، وَتَذْهَبُ الْحَيَاةُ مِنَ الْجَسَدِ بِذَهَابِهَا وَلَيْسَ عَرْضًا كَمَا قَالَهُ آخَرُونَ ، وَلَا دَمًا كَمَا قَالَهُ آخَرُونَ ، وَفِيهَا كَلَامٌ مُتَشَعِّبٌ لِلْمُتَكَلِّمِينَ .

قَوْلُهَا : ( ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ ) إِلَى آخِرِهِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلِأَهْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ ) أَيِ الْبَاقِينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ .