فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ
[ سـ :1680 ... بـ :973]
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَاللَّفْظُ لِإِسْحَقَ قَالَ عَلِيٌّ حَدَّثَنَا وَقَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَمَرَتْ أَنْ يَمُرَّ بِجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ.

قَوْلُهَا : ( مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ ) . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( وَاللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ ) . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( وَاللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : بَنُو بَيْضَاءَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ : سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ وَصَفْوَانُ ، وَأُمُّهُمُ الْبَيْضَاءُ اسْمُهَا دَعْدُ ، وَالْبَيْضَاءُ وَصْفٌ ، وَأَبُوهُمْ وَهْبُ بْنُ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ ، وَكَانَ سُهَيْلٌ قَدِيمَ الْإِسْلَامِ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ فِي الْمُوَطَأِ عَنْ مَالِكٍ ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُ : لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ بِحَدِيثٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ( مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ ) وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ حَدِيثُ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِأَجْوِبَةٍ . أَحَدُهَا : أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ . وَالثَّانِي : أَنَّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ الْمُحَقَّقَةِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " وَمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ " وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ حِينَئِذٍ فِيهِ . الثَّالِثُ : أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ : " فَلَا شَيْءَ " لَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى " فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ " لِيُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ ، وَقَدْ جَاءَ ( لَهُ ) بِمَعْنَى ( عَلَيْهِ ) ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا . الرَّابِعُ : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَقْصِ الْأَجْرِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَعَ وَلَمْ يُشَيِّعْهَا إِلَى الْمَقْبَرَةِ ، لِمَا فَاتَهُ مِنْ تَشْيِيعِهِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ وَحُضُورِ دَفْنِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ هَذَا دَلِيلٌ لِطَهَارَةِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا . قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَا : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ - يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ - عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ ، وَقَالَ : خَالَفَ الضَّحَّاكَ حَافِظَانِ مَالِكٌ وَالْمَاجِشُونُ ؛ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلًا ، وَقِيلَ : عَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مُرْسَلًا . هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَقَدْ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا الضَّحَّاكُ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ ؛ لِأَنَّهُ حَفِظَ مَا نَسِيَهُ غَيْرُهُ فَلَا تَقْدَحُ فِيهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .