فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مَنْ جَمَعَ الصَّدَقَةَ ، وَأَعْمَالَ الْبِرِّ

باب مَنْ جَمَعَ الصَّدَقَةَ وَأَعْمَالَ الْبِرِّ
[ سـ :1779 ... بـ :1027]
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ وَاللَّفْظُ لِأَبِي الطَّاهِرِ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌفَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِ يُونُسَ وَمَعْنَى حَدِيثِهِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ ) قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْهَرَوِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ : قِيلَ : وَمَا زَوْجَانِ ؟ قَالَ : فَرَسَانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ بَعِيرَانِ . وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : كُلُّ شَيْءٍ قُرِنَ بِصَاحِبِهِ فَهُوَ زَوْجٌ ، يُقَالُ : زَوَّجْتُ بَيْنَ الْإِبِلِ إِذَا قَرَنْتُ بَعِيرًا بِبَعِيرٍ ، وَقِيلَ : دِرْهَمٌ وَدِينَارٌ ، أَوْ دِرْهَمٌ وَثَوْبٌ . قَالَ : وَالزَّوْجُ يَقَعُ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ ، وَقِيلَ : إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ مَعَهُ آخَرُ ، وَيَقَعُ الزَّوْجُ أَيْضًا عَلَى الصِّنْفِ ، وَفُسِّرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً وَقِيلَ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِنْ صَلَاتَيْنِ أَوْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ ، وَالْمَطْلُوبُ تَشْفِيعُ صَدَقَةٍ بِأُخْرَى ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى فَضْلِ الصَّدَقَةِ وَالنَّفَقَةِ فِي الطَّاعَةِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا . وَقَوْلُهُ : ( فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) قِيلَ : هُوَ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الْخَيْرِ ، وَقِيلَ : هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْجِهَادِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ . هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا خَيْرٌ ) قِيلَ : مَعْنَاهُ : لَكَ هُنَا خَيْرٌ وَثَوَابٌ وَغِبْطَةٌ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ هَذَا الْبَابُ فِيمَا نَعْتَقِدُهُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَبْوَابِ لِكَثْرَةِ ثَوَابِهِ وَنَعِيمِهِ ، فَتَعَالَ فَادْخُلْ مِنْهُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مُنَادٍ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ الْبَابَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ ) وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْجِهَادِ وَالصِّيَامِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ فِي عَمَلِهِ وَطَاعَتِهِ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِبِ الصَّوْمِ : ( دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : سُمِّيَ بَابُ الرَّيَّانِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْعَطْشَانَ بِالصَّوْمِ فِي الْهَوَاجِرِ سَيُرْوَى وَعَاقِبَتُهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيِّ .




[ سـ :1780 ... بـ :1027]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنِي شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ أَيْ فُلُ هَلُمَّ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ أَيْ فُلُ هَلُمَّ ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ أَيْ ( فُلُ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي وَآخَرُونَ غَيْرَهُ ، وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِإِسْكَانِ اللَّامِ ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ ، قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ ( أَيْ فُلَانٌ ) فَرُخِّمَ وَنُقِلَ إِعْرَابُ الْكَلِمَةِ عَلَى إِحْدَى اللُّغَتَيْنِ فِي التَّرْخِيمِ ، قَالَ : وَقِيلَ ( فُلُ ) لُغَةٌ فِي فُلَانٍ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ وَالتَّرْخِيمِ .

قَوْلُهُ : ( لَا تَوَى عَلَيْهِ ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ مَقْصُورٌ ، أَيْ : لا هَلَاكَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ) فِيهِ : مَنْقَبَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَفِيهِ : جَوَازُ الثَّنَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ بِإِعْجَابٍ وَغَيْرِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ بَابِ كَذَا وَمِنْ بَابِ كَذَا ) فَذَكَرَ بَابَ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالصِّيَامِ وَالْجِهَادِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ بَقِيَّةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي بَابِ التَّوْبَةِ ، وَبَابِ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ، وَبَابِ الرَّاضِينَ ، فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ جَاءَتْ فِي الْأَحَادِيثِ ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ . أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ فَلَعَلَّهُ الْبَابُ الثَّامِنُ .