فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ

باب مَنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ
[ سـ :1806 ... بـ :1044]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِيَابٍ حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا قَالَ ثُمَّ قَالَ يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ فَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( عَنْ هَارُونَ بْنِ رِيَابٍ ) هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِمُثَنَّاةٍ تَحْتُ ثُمَّ أَلِفٍ مُوَحَّدَةٍ .

قَوْلُهُ : ( تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً ) هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ ، وَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يَتَحَمَّلُهُ الْإِنْسَانُ أَيْ يَسْتَدِينُهُ وَيَدْفَعُهُ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ ، كَالْإِصْلَاحٍ بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ ، وَيُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَدِينَ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَتَّى تُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ) أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ( الْقِوَامُ وَالسِّدَادُ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالسِّينِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهُوَ مَا يُغْنِي مِنَ الشَّيْءِ وَمَا تُسَدُّ بِهِ الْحَاجَةُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ سَدَدْتَ بِهِ شَيْئًا فَهُوَ ( سِدَادٌ ) بِالْكَسْرِ ، وَمِنْهُ : سِدَادُ الثَّغْرِ وَالْقَارُورَةِ . وَقَوْلُهُمْ : ( سِدَادٌ مِنْ عَوَزٍ ) .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ : لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( يَقُومَ ثَلَاثَةٌ ) وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْ يَقُومُونَ بِهَذَا الْأَمْرِ فَيَقُولُونَ : لَقَدْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ ( وَالْحِجَا ) مَقْصُورٌ وَهُوَ الْعَقْلُ ، وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ قَوْمِهِ ) لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِبَاطِنِهِ ، وَالْمَالُ مِمَّا يَخْفَى فِي الْعَادَةِ فَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا مَنْ كَانَ خَبِيرًا بِصَاحِبِهِ ، وَإِنَّمَا شَرَطَ الْحِجَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ التَّيَقُّظُ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُغَفَّلٍ ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : هُوَ شَرْطٌ فِي بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ ؛ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ : يُقْبَلُ مِنْ عَدْلَيْنِ كَسَائِرِ الشَّهَادَاتِ غَيْرَ الزِّنَا ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهِ وَالْإِعْسَارِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْمَالِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( سُحْتًا ) . وَرِوَايَةُ غَيْرِ مُسْلِمٍ : ( سُحْتٌ ) وَهَذَا وَاضِحٌ ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ صَحِيحَةٌ ، وَفِيهِ إِضْمَارُ أَيْ : أَعْتَقِدُهُ سُحْتًا ، أَوْ يُؤْكَلُ سُحْتًا .