فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتَصَبُّرِ مَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ

باب إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتَصَبُّرِ مَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ
[ سـ :1829 ... بـ :1059]
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأنْصَارِ قَالُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنْ الْإِبِلِ فَقَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَحُدِّثَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ فَقَالَ لَهُ فُقَهَاءُ الْأَنْصَارِ أَمَّا ذَوُو رَأْيِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ قَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ فَقَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا قَالَ فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ قَالُوا سَنَصْبِرُ حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَنَسٌ فَلَمْ نَصْبِرْ وَقَالَ فَأَمَّا أُنَاسٌ حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَنَسٌ قَالُوا نَصْبِرُ كَرِوَايَةِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنْ غَنَائِمِ هَوَازِنَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ فَعَتَبَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ) إِلَى آخِرِهِ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُمْ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَحْسِبْ مَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الْخُمُسِ ، قَالَ : وَالْمَعْرُوفُ فِي بَاقِي الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الْخُمُسِ ، فَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ صَرْفَ الْخُمُسِ ، وَتَفْضِيلَ النَّاسِ فِيهِ عَلَى مَا يَرَاهُ ، وَأَنْ يُعْطِيَ الْوَاحِدَ مِنْهُ الْكَثِيرَ ، وَأَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْغَنِيَّ مِنْهُ لِمَصْلَحَةٍ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً ) فِيهَا لُغَتَانِ : إِحْدَاهُمَا : ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانُ الثَّاءِ ، وَأَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا بِفَتْحِهَا جَمِيعًا ، ( وَالْأَثَرَةُ ) الِاسْتِئْثَارُ بِالْمُشْتَرَكِ ، أَيْ يَسْتَأْثِرُ عَلَيْكُمْ وَيُفَضِّلُ عَلَيْكُمْ غَيْرَكُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ .




[ سـ :1830 ... بـ :1059]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ فَقَالَ أَفِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ فَقَالُوا لَا إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ فَقَالَ إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُوَرِّثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَآخَرِينَ . وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ ، وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَوْرِيثَهُ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ ارْتِبَاطًا وَقَرَابَةً ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِرْثِ . وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَالْوَاحِدِ مِنْهُمْ فِي إِفْشَاءِ سِرِّهِمْ بِحَضْرَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ ) قَالَ الْخَلِيلُ : هُوَ مَا انْفَرَجَ بَيْنَ جَبَلَيْنِ ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : هُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ .

وَفِيهِ : فَضِيلَةُ الْأَنْصَارِ وَرُجْحَانِهِمْ .




[ سـ :1832 ... بـ :1059]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ الْحَرْفَ بَعْدَ الْحَرْفِ قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِذَرَارِيِّهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ قَالَ فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا قَالَ فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ قَالَ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ قَالَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَنَزَلَ فَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَتْ الشِّدَّةُ فَنَحْنُ نُدْعَى وَتُعْطَى الْغَنَائِمُ غَيْرَنَا فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ فَسَكَتُوا فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ رَضِينَا قَالَ فَقَالَ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَأَخَذْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ يَا أَبَا حَمْزَةَ أَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ قَالَ وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي السُّمَيْطُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ افْتَتَحْنَا مَكَّةَ ثُمَّ إِنَّا غَزَوْنَا حُنَيْنًا فَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ بِأَحْسَنِ صُفُوفٍ رَأَيْتُ قَالَ فَصُفَّتْ الْخَيْلُ ثُمَّ صُفَّتْ الْمُقَاتِلَةُ ثُمَّ صُفَّتْ النِّسَاءُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ ثُمَّ صُفَّتْ الْغَنَمُ ثُمَّ صُفَّتْ النَّعَمُ قَالَ وَنَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قَدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ وَعَلَى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا تَلْوِي خَلْفَ ظُهُورِنَا فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ انْكَشَفَتْ خَيْلُنَا وَفَرَّتْ الْأَعْرَابُ وَمَنْ نَعْلَمُ مِنْ النَّاسِ قَالَ فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَالَ الْمُهَاجِرِينَ يَالَ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ قَالَ يَالَ الْأَنْصَارِ يَالَ الْأَنْصَارِ قَالَ قَالَ أَنَسٌ هَذَا حَدِيثُ عِمِّيَّةٍ قَالَ قُلْنَا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَايْمُ اللَّهِ مَا أَتَيْنَاهُمْ حَتَّى هَزَمَهُمْ اللَّهُ قَالَ فَقَبَضْنَا ذَلِكَ الْمَالَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرْنَاهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلْنَا قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ كَنَحْوِ حَدِيثِ قَتَادَةَ وَأَبِي التَّيَّاحِ وَهِشَامِ بْنِ زَيْدٍ

قَوْلُهُ : ( وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ) هُوَ بِعَيْنَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ .

قَوْلُهُ : ( وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِالْمَدِّ ، وَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَهُوَ جَمْعُ طَلِيقٍ ، يُقَالُ ذَاكَ لِمَنْ أُطْلِقَ مِنْ إِسَارٍ أَوْ وَثَاقٍ ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ : قِيلَ لِمُسْلِمِي الْفَتْحِ ؛ الطُّلَقَاءُ لِمَنِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ .

قَوْلُهُ : ( وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ : ( نَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قَدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ ) . الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي كُتُبِ الْمَغَازِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، عَشَرَةُ آلَافٍ شَهِدُوا الْفَتْحَ ، وَأَلْفَانِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنِ انْضَافَ إِلَيْهِمْ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : ( مَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ ) قَالَ الْقَاضِي : قَوْلُهُ سِتَّةُ آلَافٍ وَهَمٌ مِنَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي السُّمَيْطُ عَنْ أَنَسِ ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ تَصْغِيرُ سِمْطٍ .

قَوْلُهُ : ( وَعَلَى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ قَالَ شَمِرٌ : ( الْمُجَنِّبَةُ ) هِيَ الْكَتِيبَةُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَأْخُذُ جَانِبَ الطَّرِيقِ الْأَيْمَنَ ، وَهُمَا مُجَنِّبَتَانِ مَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ بِجَانِبَيِ الطَّرِيقِ وَالْقَلْبُ بَيْنَهُمَا .

قَوْلُهُ : ( فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا تَلْوِي خَلْفَ ظُهُورِنَا ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا ( تَلُوذُ ) وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَالَ الْمُهَاجِرِينَ يَالَ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ قَالَ : يَالَ الْأَنْصَارِ يَالَ الْأَنْصَارِ ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ ( يَالَ ) بِلَامٍ مَفْصُولَةٍ مَفْتُوحَةٍ ، وَالْمَعْرُوفُ وَصْلُهَا بِلَامِ التَّعْرِيفِ الَّتِي بَعْدَهَا .

قَوْلُهُ : ( قَالَ أَنَسٌ : هَذَا حَدِيثُ عِمِّيَّةٍ ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ ضَبَطُوهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا ( عِمِّيَّةٍ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي : كَذَا رُوِّينَا هَذَا الْحَرْفَ عَنْ عَامَّةِ شُيُوخِنَا ، قَالَ : وَفُسِّرَ بِالشِّدَّةِ . وَالثَّانِي : ( عُمِّيَّةٍ ) كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ . وَالثَّالِثُ : ( عَمِّيَةٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَبَعْدَهَا هَاءُ السَّكْتِ أَيْ حَدَّثَنِي بِهِ عَمِّي ، وَقَالَ الْقَاضِي : عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَعْنَاهُ عِنْدِي جَمَاعَتِي أَيْ هَذَا حَدِيثُهُمْ . قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ : ( الْعَمُّ ) الْجَمَاعَةُ ، وَأَنْشَدَ عَلَيْهِ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ :


أَفْنَيْتُ عَمَّا وَجُبِرْتُ عَمَّا

قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْحَدِيثِ . وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ ، وَفَسَّرَهُ بِعُمُومَتِي ، أَيْ هَذَا حَدِيثُ فَضْلِ أَعْمَامِي ، أَوْ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ أَعْمَامِي : كَأَنَّهُ حَدَّثَ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ ، ثُمَّ لَعَلَّهُ لَمْ يَضْبِطْ هَذَا الْمَوْضِعَ لَتَفَرُّقِ النَّاسِ فَحَدَّثَهُ بِهِ مَنْ شَهِدَهُ مِنْ أَعْمَامِهِ أَوْ جَمَاعَتِهِ الَّذِينَ شَهِدُوهُ ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ : ( قَالَ : قُلْنَا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :1833 ... بـ :1060]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى عَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ دُونَ ذَلِكَ فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ
أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعُبَيْدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ فَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ
يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا
وَمَنْ تَخْفِضْ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ قَالَ فَأَتَمَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ وَزَادَ وَأَعْطَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ مِائَةً وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ وَلَا صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشِّعْرَ فِي حَدِيثِهِ

قَوْلُهُ : ( أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهَبِ الْعُبَيْدِ ) الْعُبَيْدُ اسْمُ فَرَسِهِ .

قَوْلُهُ : ( يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ ( مِرْدَاسَ ) غَيْرَ مَصْرُوفٍ ، وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ جَوَّزَ تَرْكَ الصَّرْفِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ .

قَوْلُهُ : ( وَعَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَبِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ .

قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ ، مَنْسُوبٌ إِلَى الشَّعِيرِ الْحَبِّ الْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ مَخْلَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ أَبُو مُحَمَّدٍ ، بَغْدَادِيٌّ سَكَنَ طَرَسُوسَ ، رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الصَّنْعانِيَّيْنِ وَسُفْيَانَ ، رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ ، وَأَبُو دَاوُدَ ، وَأَبُو عَوْفٍ الْبَزْدَوِيُّ ، وَابْنُهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَهُوَ ثِقَةٌ ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ أَحْوَالِهِ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ ، وَذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مُخْتَصَرًا ، وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ ( رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ ) فَقَالَ : مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي الزَّكَاةِ . وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا كُلَّهُ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضٌ قَالَ : لَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَ مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ الشَّعِيرِيَّ فِي رِجَالِ الصَّحِيحِ وَلَا فِي غَيْرِهِمْ ، قَالَ : وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ وَلَا الْبَاجِيُّ وَلَا الْجَيَّانِيُّ ، وَمَنْ تَكَلَّمَ عَلَى رِجَالِ الصَّحِيحِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، وَلَا مِنْ أَصْحَابِ التَّقْيِيدِ ، وَلَا ذَكَرُوا مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ غَيْرَ مَنْسُوبٍ أَصْلًا ، وَبَسَطَ الْقَاضِي الْكَلَامَ فِي إِنْكَارِ هَذَا الِاسْمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الرُّوَاةِ أَحَدٌ يُسَمَّى مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ ، لَا فِي الصَّحِيحِ وَلَا فِي غَيْرِهِ ، وَضَمَّ إِلَيْهِ كَلَامًا عَجِيبًا ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنَ الْعَجَائِبِ ، فَمَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ مَشْهُورٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .




[ سـ :1834 ... بـ :1061]
حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ حُنَيْنًا قَسَمَ الْغَنَائِمَ فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّ الْأَنْصَارَ يُحِبُّونَ أَنْ يُصِيبُوا مَا أَصَابَ النَّاسُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي وَمُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمْ اللَّهُ بِي وَيَقُولُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ فَقَالَ أَلَا تُجِيبُونِي فَقَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ فَقَالَ أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ أَنْ تَقُولُوا كَذَا وَكَذَا وَكَانَ مِنْ الْأَمْرِ كَذَا وَكَذَا لِأَشْيَاءَ عَدَّدَهَا زَعَمَ عَمْرٌو أَنْ لَا يَحْفَظُهَا فَقَالَ أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْإِبِلِ وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى رِحَالِكُمْ الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهُمْ إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : ( الشِّعَارُ ) الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ ، وَ ( الدِّثَارُ ) فَوْقُهُ ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ : الْأَنْصَارُ هُمُ الْبِطَانَةُ وَالْخَاصَّةُ وَالْأَصْفِيَاءُ وَأَلْصَقُ بِي مِنْ سَائِرِ النَّاسِ ، وَهَذَا مِنْ مَنَاقِبِهِمُ الظَّاهِرَةِ وَفَضَائِلِهِمُ الْبَاهِرَةِ .




[ سـ :1835 ... بـ :1062]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ فَقَالَ رَجُلٌ وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ اللَّهِ قَالَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كَالصِّرْفِ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ قَالَ قُلْتُ لَا جَرَمَ لَا أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَهَا حَدِيثًا

قَوْلُهُ : ( فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كَالصِّرْفِ ) هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَهُوَ صَبْغٌ أَحْمَرُ يُصْبَغُ بِهِ الْجُلُودُ ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : وَقَدْ يُسَمَّى الدَّمُ أَيْضًا صِرْفًا .

قَوْلُهُ : ( فَقَالَ رَجُلٌ : وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ اللَّهِ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : حُكْمُ الشَّرْعِ أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرَ وَقُتِلَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قُتِلَ ، قَالَ الْمَازِرِيُّ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ الطَّعْنَ فِي النُّبُوَّةِ ، وَإِنَّمَا نَسَبَهُ إِلَى تَرْكِ الْعَدْلِ فِي الْقِسْمَةِ ، وَالْمَعَاصِي ضَرْبَانِ : كَبَائِرُ وَصَغَائِرُ ، فَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومٌ مِنَ الْكَبَائِرِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِمْكَانِ وُقُوعِ الصَّغَائِرِ ، وَمَنْ جَوَّزَهَا مَنَعَ مِنْ إِضَافَتِهَا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَى طَرِيقِ التَّنْقِيصِ ، وَحِينَئِذٍ فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَاقِبْ هَذَا الْقَائِلَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا نَقَلَهُ عَنْهُ وَاحِدٌ ، وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ لَا يُرَاقُ بِهَا الدَّمُ . قَالَ الْقَاضِي : هَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ : اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ ، وَاتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ ، وَخَاطَبَهُ خِطَابَ الْمُوَاجِهَةِ بِحَضْرَةِ الْمَلَأِ حَتَّى اسْتَأْذَنَ عُمَرُ وَخَالِدٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِهِ ، فَقَالَ : " مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ " فَهَذِهِ هِيَ الْعِلَّةُ ، وَسَلَكَ مَعَهُ مَسْلَكَهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ آذَوْهُ ، وَسَمِعَ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْطِنِ مَا كَرِهَهُ ، لَكِنَّهُ صَبَرَ اسْتِبْقَاءً لِانْقِيَادِهِمْ وَتَأْلِيفًا لِغَيْرِهِمْ ، لِئَلَّا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّهُ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ فَيَنْفِرُوا ، وَقَدْ رَأَى النَّاسُ هَذَا الصِّنْفَ فِي جَمَاعَتِهِمْ وَعَدُّوهُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ .