فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ ذِكْرِ الْخَوَارِجِ وَصِفَاتِهِمْ

باب ذِكْرِ الْخَوَارِجِ وَصِفَاتِهِمْ
[ سـ :1837 ... بـ :1063]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ قَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ مَغَانِمَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ؟ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ ) رُوِيَ بِفَتْحِ التَّاءِ فِي ( خِبْتَ وَخَسِرْتَ ) وَبِضَمِّهِمَا فِيهِمَا ، وَمَعْنَى الضَّمِّ ظَاهِرٌ ، وَتَقْدِيرُ الْفَتْحِ : خِبْتَ أَنْتَ أَيُّهَا التَّابِعُ إِذَا كُنْتُ لَا أَعْدِلُ لِكَوْنِكَ تَابِعًا وَمُقْتَدِيًا بِمَنْ لَا يَعْدِلُ ، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ ) . وَفِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ اسْتَأْذَنَ فِي قَتْلِهِ لَيْسَ فِيهِمَا تَعَارُضٌ ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَأْذَنَ فِيهِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ) قَالَ الْقَاضِي : فِيهِ تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا : مَعْنَاهُ : لَا تَفْقَهُهُ قُلُوبُهُمْ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا تَلَوْا مِنْهُ ، وَلَا لَهُمْ حَظٌّ سِوَى تِلَاوَةِ الْفَمِ وَالْحَنْجَرَةِ وَالْحَلْقِ إِذْ بِهِمَا تَقْطِيعُ الْحُرُوفِ ، الثَّانِي : مَعْنَاهُ : لَا يَصْعَدُ لَهُمْ عَمَلٌ وَلَا تِلَاوَةٌ وَلَا يُتَقَبَّلُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ ) . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ ) قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ : يَخْرُجُونَ مِنْهُ خُرُوجَ السَّهْمِ إِذَا نَفَذَ الصَّيْدَ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ ، وَ ( الرَّمِيَّةِ ) هِيَ الصَّيْدُ الْمَرْمِيُّ ، وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ . قَالَ : وَ ( الدِّينِ ) هُنَا هُوَ الْإِسْلَامُ ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ الطَّاعَةُ أَيْ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ ، وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلِيلٌ لِمَنْ يُكَفِّرُ الْخَوَارِجَ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : قَالَ الْمَازِرِيُّ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ ، قَالَ : وَقَدْ كَادَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكُونُ أَشَدَّ إِشْكَالًا مِنْ سَائِرِ الْمَسَائِلِ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا الْمَعَالِي وَقَدْ رَغَّبَ إِلَيْهِ الْفَقِيهُ عَبْدُ الْحَقِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَرَهَّبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّ الْغَلَطَ فِيهَا يَصْعُبُ مَوْقِعُهُ ؛ لِأَنَّ إِدْخَالَ كَافِرٍ فِي الْمِلَّةِ وَإِخْرَاجَ مُسْلِمٍ مِنْهَا عَظِيمٌ فِي الدِّينِ ، وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ ، وَنَاهِيكَ بِهِ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ ، وَأَشَارَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ إِلَى أَنَّهَا مِنَ الْمُعَوِّصَاتِ ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْكُفْرِ ، وَإِنَّمَا قَالُوا أَقْوَالًا تُؤَدِّي إِلَيْهِ ، وَأَنَا أَكْشِفُ لَكَ نُكْتَةَ الْخِلَافِ وَسَبَبَ الْإِشْكَالِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَزِلِيَّ مَثَلًا يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ ، وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ ، وَحَيٌّ وَلَا حَيَاةَ لَهُ . يُوقِعُ الِالْتِبَاسٌ فِي تَكْفِيرِهِ ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا مِنْ دَيْنِ الْأُمَّةِ ضَرُورَةً أَنَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِحَيٍّ وَلَا عَالِمَ كَانَ كَافِرًا ، وَقَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى اسْتِحَالَةِ كَوْنِ الْعَالِمِ لَا عِلْمَ لَهُ ، فَهَلْ نَقُولُ : إِنَّ الْمُعْتَزِلِيَّ إِذَا نَفَى الْعِلْمَ نَفَى أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَالِمًا ، وَذَلِكَ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَنْفَعُهُ اعْتِرَافُهُ بِأَنَّهُ عَالِمٌ مَعَ نَفْيِهِ أَصْلَ الْعِلْمِ ، أَوْ نَقُولُ قَدِ اعْتَرَفَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ ، وَإِنْكَارُهُ الْعِلْمَ لَا يُكَفِّرُهُ ، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِعَالِمٍ ، فَهَذَا مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ . هَذَا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ أَصْحَابهِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يَكْفُرُونَ ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ وَجَمَاهِيرُ الْمُعْتَزِلَةِ وَسَائِرُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا الْخَطَّابِيَّةَ ، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الرَّافِضَةِ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ فِي الْمَذْهَبِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ ، فَرَدَّ شَهَادَتَهُمْ لِهَذَا لَا لِبِدْعَتِهِمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :1838 ... بـ :1064]
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيُّ وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي كِلَابٍ وَزَيْدُ الْخَيْرِ الطَّائِيُّ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَبْهَانَ قَالَ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ فَقَالُوا أَتُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ وَتَدَعُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِأَتَأَلَّفَهُمْ فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي قَالَ ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فِي قَتْلِهِ يُرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ

قَوْلُهُ : ( بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا بِفَتْحِ الذَّالِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ عَنِ الْجُلُودِيِّ ، قَالَ : وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ ( بِذُهَيْبَةٍ ) عَلَى التَّصْغِيرِ .

قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ : ( عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ) وَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ - رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ - قَالَ فِيهَا : ( عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الثَّانِيَةِ : ( عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ) ، وَفِي مُعْظَمِهَا ( عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ ) وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ - وَهِيَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا الشِّعْرُ - : ( عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ ، فَحِصْنٌ أَبُوهُ وَبَدْرٌ جَدُّ أَبِيهِ ، فَنُسِبَ تَارَةً إِلَى أَبِيهِ ، وَتَارَةً إِلَى جَدِّ أَبِيهِ لِشُهْرَتِهِ ، وَلِهَذَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ :


فَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ

وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ بْنِ دِينَارٍ الْفَزَارِيُّ .

قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ : ( وَزَيْدُ الْخَيْرِ الطَّائِيُّ ) كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ : ( الْخَيْرِ ) بِالرَّاءِ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا : ( زَيْدُ الْخَيْلِ ) بِاللَّامِ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، يُقَالُ بِالْوَجْهَيْنِ ، كَانَ يُقَالُ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ : ( زَيْدُ الْخَيْلِ ) فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ : ( زَيْدُ الْخَيْرِ ) .

قَوْلُهُ : ( أَيُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ ) أَيْ سَادَاتِهَا ، وَأَحَدُهُمْ ( صِنْدِيدٌ ) بِكَسْرِ الصَّادِ .

قَوْلُهُ : ( فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ) أَمَّا ( كَثُّ اللِّحْيَةِ ) فَبِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ كَثِيرُهَا ، وَ ( الْوَجْنَةُ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ، وَيُقَالُ أَيْضًا : ( أَجْنَةٌ ) وَهِيَ لَحْمُ الْخَدِّ .

قَوْلُهُ : ( نَاتِئُ الْجَبِينِ ) هُوَ بِهَمْزٍ ( نَاتِئُ ) وَأَمَّا ( الْجَبِينِ ) فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ ، وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا ) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ ، وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ ، وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ .

قَالُوا : وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا ( الضِّئْضِئُ ) بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ ( وَالنِّجَارُ ) بِكَسْرِ النُّونِ ( وَالنُّحَاسُ ) وَ ( السِّنْخُ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَبِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَ ( الْعُنْصُرُ ) ( وَالْغَضُّ ) وَ ( الْأَرُومَةُ ) .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ وَفِيهِ : الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .




[ سـ :1839 ... بـ :1064]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ قَالَ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَالَ لَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي قَالَ خَالِدٌ وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَقَالَ نَاتِئُ الْجَبْهَةِ وَلَمْ يَقُلْ نَاشِزُ وَزَادَ فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ لَا قَالَ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدٌ سَيْفُ اللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ لَا فَقَالَ إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ لَيِّنًا رَطْبًا وَقَالَ قَالَ عُمَارَةُ حَسِبْتُهُ قَالَ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ زَيْدُ الْخَيْرِ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ أَوْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَقَالَ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَرِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَقَالَ إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ وَلَمْ يَذْكُرْ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ

قَوْلُهُ : ( فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

قَوْلُهُ : ( لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا ) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ : ( وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ ، وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ ) . قَالَ الْعُلَمَاءُ : ذِكْرُ ( عَامِرٍ ) هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ ، وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ كَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ ) مَعْنَاهُ : إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ . وَفِي الْحَدِيثِ : هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ .

قَوْلُهُ : ( وَهُوَ مُقَفٍّ ) أَيْ مُوَلٍّ قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ ( لَيِّنًا ) بِالنُّونِ أَيْ سَهْلًا ، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ ( لَيًّا ) بِحَذْفِ النُّونِ ، وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ ، قَالَ : وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ ، قَالَ : وَقِيلَ : ( لَيًّا ) أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ ، قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ فِي الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْمَيْلُ ، قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ .




[ سـ :1840 ... بـ :1064]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَسَأَلَاهُ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا قَالَ لَا أَدْرِي مَنْ الْحَرُورِيَّةُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ فَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ أَوْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنْ الدَّمِ شَيْءٌ

قَوْلُهُ : ( فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا ( حَرُورِيَّةً ) ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ ( وَحَرُورَاءَ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ ، وَسُمُّوا : خَوَارِجَ ؛ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ ، وَقِيلَ : لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ ، وَقِيلَ : لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا ) .

قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا ) قَالَ الْمَازِرِيُّ : هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ ، وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ ( مِنْ ) تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ ( فِي ) ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ) ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ : ( إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي ) أَوْ ( سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي ) وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ( ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً ) أَمَّا ( الرِّصَافُ ) فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَدْخَلُ النَّصْلِ مِنَ السَّهْمِ ، وَ ( النَّصْلُ ) هُوَ حَدِيدَةُ السَّهْمِ ، وَ ( الْقِدْحُ ) عُودُهُ وَ ( الْقُذَذُ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ ، وَ ( الْفُوقُ ) بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْوَتَرُ ، وَ ( نَضِيٌّ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ الْقِدْحُ ، وَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا ، وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ ، وَأَمَّا ( الْبَصِيرُ ) فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .




[ سـ :1841 ... بـ :1064]
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ح وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالضَّحَّاكُ الْهَمْدَانِيُّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ الْقِدْحُ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَتَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ ) ( الْبَضْعَةِ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ وَ ( تَدَرْدَرُ ) مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : ( حِينِ فُرْقَةٍ ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ ، وَ ( فُرْقَةٍ ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ ، أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالثَّانِي : ( خَيْرِ فِرْقَةٍ ) بِخَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ ، وَ ( فِرْقَةٍ ) بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيِ الْفِرْقَتَيْنِ ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ ، وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ : ( يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ ) فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ ، وَقَالَ الْقَاضِي : عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ ، وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ . قَالَ : أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ ، فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ .

وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قِتَالِهِ ، وَالْآخَرُونَ بُغَاةٌ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ ) وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ ، وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ ، وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ ، وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ ، وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ ، بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ ، وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّ وَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ ، وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا ، فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ جَرَتْ كُلُّهَا وَالِلَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :1842 ... بـ :1065]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ سِيمَاهُمْ التَّحَالُقُ قَالَهُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ قَالَ فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ مَثَلًا أَوْ قَالَ قَوْلًا الرَّجُلُ يَرْمِي الرَّمِيَّةَ أَوْ قَالَ الْغَرَضَ فَيَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَأَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ ) ( السِّيمَا ) الْعَلَامَةُ ، وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ : الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ ، وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ . وَالْمَدُّ . وَالثَّالِثَةُ ( السِّيمِيَاءُ ) بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ . وَالْمُرَادُ بِالتَّحَالُقِ حَلْقُ الرُّءُوسِ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( التَّحَلُّقُ ) ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ ، وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ ، وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ : احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا ، قَالَ أَصْحَابُنَا : حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ ، لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ ( أَوْ مِنْ أَشَرِّ ) بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ ، وَالْمَشْهُورُ ( شَرُّ ) بِغَيْرِ أَلِفٍ ، وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ ، وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : ( أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَا بِالْحَقِّ . هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ ، وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .




[ سـ :1843 ... بـ :1065]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ وَهُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ وَهُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ ، بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .




[ سـ :1846 ... بـ :1065]
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ قَوْمًا يَخْرُجُونَ عَلَى فُرْقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ يَقْتُلُهُمْ أَقْرَبُ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ الْحَقِّ

قَوْلُهُ : ( عَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، وَأَصْحَابِ الْأَسْمَاءِ وَالتَّوَارِيخِ ، وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ، قَالَ : وَهُوَ تَصْحِيفٌ ، كَمَا قَالَ : وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى ( مِشْرَقٍ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ ، وَهُوَ الضَّحَّاكُ الْهَمْدَانِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ مِنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

قَوْلُهُ : ( فِي حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ قَوْمًا يَخْرُجُونَ عَلَى فِرْقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ ) ضَبَطُوهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا .