فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ

باب صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ
[ سـ :1941 ... بـ :1109]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُصُّ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ لِأَبِيهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ ذَلِكَ قَالَ فَكِلْتَاهُمَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ قَالَ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى مَرْوَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ مَرْوَانُ عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا ذَهَبْتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ قَالَ فَجِئْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرٍ حَاضِرُ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَهُمَا قَالَتَاهُ لَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ هُمَا أَعْلَمُ ثُمَّ رَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ الْفَضْلِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَمَّا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَقَالَتَا فِي رَمَضَانَ قَالَ كَذَلِكَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ

قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ : مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ ، قَالَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ لِأَبِيهِ ؛ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ ، فَسَأَلَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى آخِرِهِ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ لِأَبِيهِ ) وَهُوَ صَحِيحٌ مَلِيحٌ ، وَمَعْنَاهُ : ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِأَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَوْلُهُ : ( لِأَبِيهِ ) بَدَلٌ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِإِعَادَةِ حَرْفِ الْجَرِّ ، قَالَ الْقَاضِي : وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ ( فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِأَبِيهِ ) وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْحَارِثَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي وِلَايَةِ مَرْوَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ ، وَالْحَارِثُ تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ ) ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ حِينَ بَلَغَهُ قَوْلُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا وَيُتِمُّ صَوْمَهُ ، رَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ رَوَاهُ عَنِ الْفَضْلِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَعَلَّ سَبَبَ رُجُوعِهِ أَنَّهُ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَانِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ، وَتَأَوَّلَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ : ( مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ ) ، وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ : ( أَفْطَرَ ) فَتَأَوَّلَهُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الْأَوْجُهِ فِي تَأْوِيلِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَمَّا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهَذَا مُتَأَوَّلٌ رَجَعَ عَنْهُ ، وَكَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْلَمُ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ غَيْرِهِمَا ، وَلِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْقُرْآنِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْأَكْلَ وَالْمُبَاشَرَةَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاشَرَةِ : الْجِمَاعُ ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا جَازَ الْجِمَاعُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ لَزِمَ مِنْهُ أَنْ يُصْبِحَ جُنُبًا ، وَيَصِحَّ صَوْمُهُ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَإِذَا دَلَّ الْقُرْآنُ وَفِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَوَازِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا ؛ وَجَبَ الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجَوَابُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ .

أَحَدُهَا : أَنَّهُ إِرْشَادٌ إِلَى الْأَفْضَلِ ، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْفَجْرِ ، فَلَوْ خَالَفَ جَازَ ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا ، وَجَوَابُهُمْ عَنِ الْحَدِيثِ . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ الِاغْتِسَالُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَفْضَلَ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُهُ ؟ فَالْجَوَابُ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، وَيَكُونُ فِي حَقِّهِ حِينَئِذٍ أَفْضَلَ ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْبَيَانَ لِلنَّاسِ ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْبَيَانِ ، وَهَذَا كَمَا تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّلَاثَ أَفْضَلُ ، وَهُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ ، وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ . وَطَافَ عَلَى الْبَعِيرِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّوَافَ سَاعِيًا أَفْضَلُ ، وَهُوَ الَّذِي تَكَرَّرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ .

وَالْجَوَابُ الثَّانِي : لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ مُجَامِعًا فَاسْتَدَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَالِمًا ، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَلَا صَوْمَ لَهُ .

وَالثَّالِثُ : جَوَابُ ابْنِ الْمُنْذِرِ فِيمَا رَوَاهُ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حِينَ كَانَ الْجِمَاعُ مُحَرَّمًا فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ ، كَمَا كَانَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ مُحَرَّمًا ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَكَانَ يُفْتِي بِمَا عَلِمَهُ حَتَّى بَلَغَهُ النَّاسِخُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهَا : ( يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِضَمِّ اللَّامِ وَإِسْكَانِهَا . وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ الِاحْتِلَامِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، وَفِيهِ خِلَافٌ قَدَّمْنَاهُ ، الْأَشْهَرُ امْتِنَاعُهُ ، قَالُوا : لِأَنَّهُ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ ، وَهُمْ مُنَزَّهُونَ عَنْهُ ، وَيَتَأَوَّلُونَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ ، وَلَا يَجْنُبُ مِنَ احْتِلَامٍ ؛ لِامْتِنَاعِهِ مِنْهُ ، وَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَتْلَهُمْ لَا يَكُونُ بِحَقٍّ .

قَوْلُهُ : ( عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا ذَهَبْتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ) أَيْ أَمَرْتُكَ أَمْرًا جَازِمًا عَزِيمَةً مُحَتَّمَةً ، وَأَمْرُ وُلَاةِ الْأُمُورِ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ .

قَوْلُهُ : ( فَرَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ ) فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : " أَخْبَرَنِيهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ " وَفِي رِوَايَةٍ " أَخْبَرَنِيهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ " فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الْفَضْلِ وَأُسَامَةَ .

أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ : فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَمْصَارِ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ ، وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إِبْطَالُهُ ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ، وَقِيلَ : لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ .

وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ : أَنَّهُ يُجْزِيهِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ ، وَحُكِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ : يَصُومُهُ وَيَقْضِيهِ ، ثُمَّ ارْتَفَعَ هَذَا الْخِلَافُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ عَلَى صِحَّتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَفِي صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الْخِلَافِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ حُجَّةٌ عَلَى كُلِّ مُخَالِفٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فِي اللَّيْلِ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ اغْتِسَالِهِمَا صَحَّ صَوْمُهُمَا ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا إِتْمَامُهُ ، سَوَاءٌ تَرَكَتْ الْغُسْلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ ، كَالْجُنُبِ . هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِمَّا لَا نَعْلَمُ صَحَّ عَنْهُ أَمْ لَا .




[ سـ :1945 ... بـ :1110]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ مَعْمَرِ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو طُوَالَةَ أَنَّ أَبَا يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِيهِ وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ أَفَأَصُومُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ فَقَالَ لَسْتَ مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي

قَوْلُهُ : ( أَبُو طُوَالَةَ ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ .