فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ

باب جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ يَصُومَ وَلِمَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ
[ سـ :1952 ... بـ :1113]
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَا أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ قَالَ وَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ قَالَ يَحْيَى قَالَ سُفْيَانُ لَا أَدْرِي مِنْ قَوْلِ مَنْ هُوَ يَعْنِي وَكَانَ يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ الْفِطْرُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيْثِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانُوا يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ وَيَرَوْنَهُ النَّاسِخَ الْمُحْكَمَ

( بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ

إِذَا كَانَ سَفَرُهُ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ، وَأَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ يَصُومَ

وَلِمَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ )


اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ : لَا يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ، فَإِنْ صَامَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ ، وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ ؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِحَدِيثِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ) وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَجَمِيعُ أَهْلِ الْفَتْوَى : يَجُوزُ صَوْمُهُ فِي السَّفَرِ ، وَيَنْعَقِدُ وَيُجْزِيهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ أَمِ الْفِطْرَ أَمْ هُمَا سَوَاءٌ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ : الصَّوْمُ أَفْضَلُ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ ، وَلَا ضَرَرَ ، فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ ، فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ ، وَاحْتَجُّوا بِصَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَغَيْرِهِمَا ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِي الْحَالِ .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمُ : الْفِطْرُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا ، وَحَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ غَرِيبٌ ، وَاحْتَجُّوا بِمَا سَبَقَ لِأَهْلِ الظَّاهِرِ ، وَبِحَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ الْمَذْكُورِ فِي مُسْلِمٍ فِي آخِرِ الْبَابِ ، وَهُوَ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ ) وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْفِطْرِ ، وَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَنْ يَخَافُ ضَرَرًا أَوْ يَجِدُ مَشَقَّةً ، كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَحَادِيثِ ، وَاعْتَمَدُوا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ قَالَ : كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ ، فَمِنَّا الصَّائِمُ ، وَمِنَّا الْمُفْطِرُ ، فَلَا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ ، يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ ، وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَرْجِيحِ مَذْهَبِ الْأَكْثَرِينَ ، وَهُوَ تَفْضِيلُ الصَّوْمِ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ سَوَاءٌ ؛ لِتَعَادُلِ الْأَحَادِيثِ ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ ) يَعْنِي بِالْفَتْحِ : فَتْحَ مَكَّةَ ، وَكَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَ ( الْكَدِيدَ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ، وَهِيَ عَيْنٌ جَارِيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سَبْعُ مَرَاحِلَ أَوْ نَحْوُهَا ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ قَرِيبٌ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ ، وَهِيَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ عُسْفَانَ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : ( الْكَدِيدُ ) عَيْنٌ جَارِيَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا مِنْ مَكَّةَ ، قَالَ : وَعُسْفَانُ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ ، بِهَا مِنْبَرٌ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا مِنْ مَكَّةَ ، قَالَ : وَالْكَدِيدُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَدِيدٍ . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَهُوَ وَادٍ أَمَامَ عُسْفَانَ بِثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ ، يُضَافُ إِلَيْهِ هَذَا الْكُرَاعُ ، وَهُوَ جَبَلٌ أَسْوَدُ مُتَّصِلٌ بِهِ ، وَ ( الْكُرَاعُ ) كُلُّ أَنْفٍ سَالَ مِنْ جَبَلٍ أَوْ حَرَّةٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا كُلُّهُ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فِي غَزَاةِ الْفَتْحِ ، قَالَ : وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِتَقَارُبِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ عُسْفَانُ مُتَبَاعِدَةً شَيْئًا عَنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ ، لَكِنَّهَا كُلَّهَا مُضَافَةٌ إِلَيْهَا ، وَمِنْ عَمَلِهَا ، فَاشْتَمَلَ اسْمُ عُسْفَانَ عَلَيْهَا ، قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ عَلِمَ حَالَ النَّاسِ وَمَشَقَّتَهُمْ فِي بَعْضِهَا ، فَأَفْطَرَ وَأَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فِي بَعْضِهَا ، هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهُوَ كَمَا قَالَ ، إِلَّا فِي مَسَافَةِ عُسْفَانَ ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ ، وَكُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ ، وَكُلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ ، فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ .

قَوْلُهُ : ( فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ : أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ جَائِزَانِ . وَفِيهِ : أَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَصُومَ بَعْضَ رَمَضَانَ دُونَ بَعْضٍ ، وَلَا يَلْزَمُهُ بِصَوْمِ بَعْضِهِ إِتْمَامُهُ ، وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي فَهْمِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَتَوَهَّمَ أَنَّ الْكَدِيدَ وَكُرَاعَ الْغَمِيمِ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : ( فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ وَكُرَاعَ الْغَمِيمِ ) كَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَزَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ صَائِمًا ، فَلَمَّا بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فِي يَوْمِهِ أَفْطَرَ فِي نَهَارٍ ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا سَافَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَائِمًا لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي يَوْمِهِ .

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ فِي السَّفَرِ ، وَاسْتِدْلَالُ هَذَا الْقَائِلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعَجَائِبِ الْغَرِيبَةِ ؛ لِأَنَّ الْكَدِيدَ وَكُرَاعَ الْغَمِيمِ عَلَى سَبْعِ مَرَاحِلَ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا عَلِمُوا مِنْهُ النَّسْخَ أَوْ رُجْحَانَ الثَّانِي مَعَ جَوَازِهِمَا ، وَإِلَّا فَقَدْ طَافَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرِهِ . وَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً . وَنَظَائِرُ ذَلِكَ مِنَ الْجَائِزَاتِ الَّتِي عَمِلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ قَلِيلَةً ؛ لِبَيَانِ جَوَازِهَا ، وَحَافَظَ عَلَى الْأَفْضَلِ مِنْهَا .




[ سـ :1953 ... بـ :1113]
وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَشَرِبَهُ نَهَارًا لِيَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْطَرَ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ

قَوْلُهُ : ( قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْطَرَ ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ جَمِيعًا .




[ سـ :1955 ... بـ :1114]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ وَحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ عَنْ جَعْفَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ

قَوْلُهُ : ( فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ . أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ) هَكَذَا هُوَ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ ، أَوْ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْفِطْرِ أَمْرًا جَازِمًا لِمَصْلَحَةِ بَيَانِ جَوَازِهِ ، فَخَالَفُوا الْوَاجِبَ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَكُونُ الصَّائِمُ الْيَوْمَ فِي السَّفَرِ عَاصِيًا إِذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ ، وَيُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : ( إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ ) .




[ سـ :1956 ... بـ :1115]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا قَدْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا لَهُ قَالُوا رَجُلٌ صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا بِمِثْلِهِ وَحَدَّثَنَاه أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ وَزَادَ قَالَ شُعْبَةُ وَكَانَ يَبْلُغُنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّذِي رَخَّصَ لَكُمْ قَالَ فَلَمَّا سَأَلْتُهُ لَمْ يَحْفَظْهُ

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا لَهُ ؟ قَالُوا : رَجُلٌ صَائِمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ ) مَعْنَاهُ : إِذَا شَقَّ عَلَيْكُمْ وَخِفْتُمُ الضَّرَرَ ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي هَذَا التَّأْوِيلَ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةِ : ( لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ) وَمَعْنَى الْجَمِيعِ فِيمَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ .




[ سـ :1957 ... بـ :1116]
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسِتَّ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ فَلَمْ يَعِبْ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ التَّيْمِيِّ ح وَحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَامِرٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ هَمَّامٍ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ التَّيْمِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَامِرٍ وَهِشَامٍ لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَشُعْبَةَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ : ( فَصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : ( غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسِتَّ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) . وَفِي رِوَايَةٍ : ( لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : ( فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : ( لِسَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ ) وَالْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْمَغَازِي : لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَدَخَلَهَا لِتِسْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ . وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ :