فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ حِفْظِ اللِّسَانِ لِلصَّائِمِ

باب حِفْظِ اللِّسَانِ لِلصَّائِمِ
[ سـ :2018 ... بـ :1151]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِوَايَةً قَالَ إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ

الْحَدِيثُ فِيهِ نَهْيُ الصَّائِمِ عَنِ الرَّفَثِ ، وَهُوَ السُّخْفُ وَفَاحِشُ الْكَلَامِ ، يُقَالُ : ( رَفَثَ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ ، ( يَرْفُثُ ) بِضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ، وَ ( رَفِثَ ) بِكَسْرِهَا ، ( يَرْفَثُ ) بِفَتْحِهَا رَفْثًا بِسُكُونِ الْفَاءِ فِي الْمَصْدَرِ وَرَفَثًا بِفَتْحِهَا فِي الِاسْمِ ، وَيُقَالُ : ( أَرْفَثَ ) رُبَاعِيٌّ حَكَاهُ الْقَاضِي ، وَالْجَهْلُ قَرِيبٌ مِنَ الرَّفَثِ ، وَهُوَ خِلَافُ الْحِكْمَةِ وَخِلَافُ الصَّوَابِ ، مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ ) مَعْنَاهُ شَتَمَهُ مُتَعَرِّضًا لِمُشَاتَمَتِهِ ، وَمَعْنَى قَاتَلَهُ : نَازَعَهُ وَدَافَعَهُ .

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ . إِنِّي صَائِمٌ ) هَكَذَا هُوَ مَرَّتَيْنِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ ؛ فَقِيلَ : يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ جَهْرًا يَسْمَعُهُ الشَّاتِمُ وَالْمُقَاتِلُ فَيَنْزَجِرَ غَالِبًا ، وَقِيلَ : لَا يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ ، بَلْ يُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَهُ ؛ لِيَمْنَعَهَا مِنْ مُشَاتَمَتِهِ وَمُقَاتَلَتِهِ وَمُقَابَلَتِهِ وَيَحْرِصُ صَوْمَهُ عَنِ الْمُكَدِّرَاتِ ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَانَ حَسَنًا .

وَاعْلَمْ أَنَّ نَهْيَ الصَّائِمِ عَنِ الرَّفَثِ وَالْجَهْلِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ ، بَلْ كُلِّ أَحَدٍ مِثْلُهُ فِي أَصْلِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّ الصَّائِمَ آكَدُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .