فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ جَوَازِ غَسْلِ الْمُحْرِمِ بَدَنَهُ وَرَأْسَهُ

باب جَوَازِ غَسْلِ الْمُحْرِمِ بَدَنَهُ وَرَأْسَهُ
[ سـ :2178 ... بـ :1205]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَهَذَا حَدِيثُهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ وَقَالَ الْمِسْوَرُ لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ وَحَدَّثَنَاه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ فَأَمَرَّ أَبُو أَيُّوبَ بِيَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ جَمِيعًا عَلَى جَمِيعِ رَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ فَقَالَ الْمِسْوَرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ لَا أُمَارِيكَ أَبَدًا

( بَابُ جَوَازِ غَسْلِ الْمُحْرِمِ بَدَنَهُ وَرَأْسَهُ ) ذُكِرَ فِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ حُنَيْنٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ اخْتَلَفَا ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لِلْمُحْرِمِ غَسْلُ رَأْسِهِ ، وَخَالَفَهُ الْمِسْوَرُ ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ ، وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ ، قَالَ : فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ : كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ، ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ : اصْبُبْ . فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهَ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ .

قَوْلُهُ : ( بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ تَثْنِيَةُ ( قَرْنٍ ) وَهُمَا الْخَشَبَتَانِ الْقَائِمَتَانِ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ وَشِبْهُهُمَا مِنَ الْبِنَاءِ ، وَتُمَدُّ بَيْنَهُمَا خَشَبَةٌ يُجَرُّ عَلَيْهَا الْحَبْلُ الْمُسْتَقَى بِهِ ، وَتُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْبَكَرَةُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا : جَوَازُ اغْتِسَالِ الْمُحْرِمِ وَغَسْلِهِ رَأْسَهُ ، وَإِمْرَارِ الْيَدِ عَلَى شَعْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَنْتِفُ شَعْرًا . وَمِنْهَا : قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَأَنَّ قَبُولَهُ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ . وَمِنْهَا : الرُّجُوعُ إِلَى النَّصِّ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَتَرْكُ الِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ عِنْدَ وُجُودِ النَّصِّ . وَمِنْهَا : السَّلَامُ عَلَى الْمُتَطَهِّرِ فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ ، بِخِلَافِ الْجَالِسِ عَلَى الْحَدَثِ . وَمِنْهَا : جَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ فِي الطَّهَارَةِ ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهَا إِلَّا لِحَاجَةٍ ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ ، بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا غَسْلُهُ تَبَرُّدًا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ : جَوَازُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ ، وَيَجُوزُ عِنْدَنَا غَسْلُ رَأْسِهِ بِالسِّدْرِ وَالْخَطْمِيِّ ، بِحَيْثُ لَا يَنْتِفُ شَعْرًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَنْتِفْ شَعْرًا ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ : هُوَ حَرَامٌ مُوجِبٌ لِلْفِدْيَةِ .