فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ إِحْرَامِ النُّفَسَاءِ وَاسْتِحْبَابِ اغْتِسَالِهَا لِلْإِحْرَامِ ، وَكَذَا الْحَائِضُ

باب إِحْرَامِ النُّفَسَاءِ وَاسْتِحْبَابِ اغْتِسَالِهَا لِلْإِحْرَامِ وَكَذَا الْحَائِضُ
[ سـ :2193 ... بـ :1209]
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدَةَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ

فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ ) ، قَوْلُهَا : ( نُفِسَتْ ) أَيْ وَلَدَتْ وَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرَ ، وَفِي النُّونِ لُغَتَانِ : الْمَشْهُورَةُ : ضَمُّهَا . وَالثَّانِيَةُ : فَتْحُهَا ، سُمِّيَ نِفَاسًا لِخُرُوجِ النَّفَسِ وَهُوَ الْمَوْلُودُ وَالدَّمُ أَيْضًا ، قَالَ الْقَاضِي : وَتَجْرِي اللُّغَتَانِ فِي الْحَيْضِ أَيْضًا . وَيُقَالُ : نَفِسَتْ ، أَيْ حَاضَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا ، قَالَ : ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْأَفْعَالِ ، قَالَ : وَأَنْكَرَ جَمَاعَةٌ الضَّمَّ فِي الْحَيْضِ .

وَفِيهِ : صِحَّةُ إِحْرَامِ النُّفَسَاءِ وَالْحَائِضِ ، وَاسْتِحْبَابُ اغْتِسَالِهِمَا لِلْإِحْرَامِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ ، لَكِنْ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ : هُوَ وَاجِبٌ ، وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ يَصِحُّ مِنْهُمَا جَمِيعُ أَفْعَالِ الْحَجِّ إِلَّا الطَّوَافَ وَرَكْعَتَيْهِ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي " وَفِيهِ : أَنَّ رَكْعَتَيِ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ لَيْسَتَا بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَجِّ ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ لَمْ تُصَلِّهِمَا .

وَقَوْلُهُ : ( نُفِسَتْ بِالشَّجَرَةِ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : ( بِذِي الْحُلَيْفَةِ ) ، وَفِي رِوَايَةٍ : ( بِالْبَيْدَاءِ ) هَذِهِ الْمَوَاضِعُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ ، فَالشَّجَرَةُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَأَمَّا الْبَيْدَاءُ فَهِيَ بِطَرَفِ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، قَالَ الْقَاضِي : يُحْتَمَلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِطَرَفِ الْبَيْدَاءِ لِتَبْعُدَ عَنِ النَّاسِ ، وَكَانَ مَنْزِلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَقِيقَةً ، وَهُنَاكَ بَاتَ وَأَحْرَمَ ، فَسُمِّيَ مَنْزِلُ النَّاسِ كُلِّهِمْ بِاسْمِ مَنْزِلِ إِمَامِهِمْ .