فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ

باب جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ
[ سـ :2265 ... بـ :1240]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ الْحِلُّ كُلُّهُ

قَوْلُهُ : ( كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ ) الضَّمِيرُ فِي ( كَانُوا ) يَعُودُ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ .

قَوْلُهُ : ( وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرً ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ( صَفَرِ ) مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ الرَّاءِ ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ مَصْرُوفٌ بِلَا خِلَافٍ ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ بِالْأَلِفِ ، وَسَوَاءٌ كُتِبَ بِالْأَلِفِ أَمْ بِحَذْفِهَا لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ هُنَا مَنْصُوبًا ؛ لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنِ النَّسِيءِ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيُحِلُّونَهُ وَيُنْسِئُونَ الْمُحَرَّمَ ، أَيْ يُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَى مَا بَعْدِ صَفَرٍ لِئَلَّا يَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مُحَرَّمَةٍ تُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ أُمُورَهُمْ مِنَ الْغَارَةِ وَغَيْرِهَا ، فَأَضَلَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى : إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ الْآيَةَ .

قَوْلُهُ : ( وَيَقُولُونَ : إِذَا بَرَأَ الدَّبَرُ ) يَعْنُونَ دَبَرَ ظُهُورِ الْإِبِلِ بَعْدَ انْصِرَافِهَا مِنَ الْحَجِّ ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تُدْبَرُ بِالسَّيْرِ عَلَيْهَا لِلْحَجِّ .

قَوْلُهُ : ( وَعَفَا الْأَثَرُ ) أَيْ دَرَسَ وَأُمْحِيَ ، وَالْمُرَادُ أَثَرُ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا فِي سَيْرِهَا عَفَا أَثَرُهَا لِطُولِ مُرُورِ الْأَيَّامِ . هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَادُ أَثَرُ الدَّبَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تُقْرَأُ كُلُّهَا سَاكِنَةَ الْآخِرِ ، وَيُوقَفُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمُ السَّجْعُ .




[ سـ :2266 ... بـ :1240]
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَقَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَصَلَّى الصُّبْحَ وَقَالَ لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَحَدَّثَنَاه إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْمُبَارَكِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَمَّا رَوْحٌ وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ فَقَالَا كَمَا قَالَ نَصْرٌ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَمَّا أَبُو شِهَابٍ فَفِي رِوَايَتِهِ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُهِلُّ بِالْحَجِّ وَفِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا فَصَلَّى الصُّبْحَ بِالْبَطْحَاءِ خَلَا الْجَهْضَمِيَّ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْمُبَارَكِيُّ ) هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْمُبَارَكِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْمُبَارَكِ وَهِيَ بُلَيْدَةٌ بِقُرْبِ وَاسِطَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ ، وَهِيَ عَلَى طَرَفِ دِجْلَةَ .




[ سـ :2268 ... بـ :1240]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ بِذِي طَوًى وَقَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُحَوِّلُوا إِحْرَامَهُمْ بِعُمْرَةٍ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ

قَوْلُهُ : ( صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ بِذِي طَوًى ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ حَكَاهُنَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ الْفَتْحُ ، لَمْ يَذْكُرِ الْأَصْمَعِيُّ وَآخَرُونَ غَيْرَهُ ، وَهُوَ مَقْصُورٌ مُنَوَّنٌ ، وَهُوَ وَادٍ مَعْرُوفٌ بِقُرْبِ مَكَّةَ . قَالَ الْقَاضِي : وَوَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فِي الْبُخَارِيِّ بِالْمَدِّ ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ثَابِتٌ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ دُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا لَا لَيْلًا ، وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَعَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ . وَالثَّانِي دُخُولُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا سَوَاءً لَا فَضِيلَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْعَبْدَرِيِّ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ وَالثَّوْرِيُّ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : يُسْتَحَبُّ دُخُولُهَا لَيْلًا وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ النَّهَارِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .