فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ وَالْعُمْرَةِ ، وَفِي الطَّوَافِ الْأَوَّلِ فِي

باب اسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ وَالْعُمْرَةِ وَفِي الطَّوَافِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَجِّ
[ سـ :2297 ... بـ :1261]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا وَكَانَ يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ) قَوْلُهُ : ( خَبَّ ) هُوَ الرَّمَلُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ ، فَالرَّمَلُ وَالْخَبَبُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهُوَ إِسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى ، وَلَا يَثِبُ وَثْبًا ، وَالرَّمَلُ مُسْتَحَبٌّ فِي الطَّوَفَاتِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ مِنَ السَّبْعِ ، وَلَا يُسَنُّ ذَلِكَ إِلَّا فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ ، وَفِي طَوَافٍ وَاحِدٍ فِي الْحَجِّ ، وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الطَّوَافِ ، وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا : أَنَّهُ إِنَّمَا يَشْرَعُ فِي طَوَافِ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ ، وَيُتَصَوَّرُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَكُونَ قَدْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِذَا طَافَ لِلْقُدُومِ وَفِي نِيَّتِهِ أَنَّهُ يَسْعَى بَعْدَهُ اسْتُحِبَّ الرَّمَلُ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي نِيَّتِهِ لَمْ يَرْمُلْ فِيهِ ، بَلْ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ سَوَاءٌ أَرَادَ السَّعْيَ بَعْدَهُ أَمْ لَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ أَصْحَابُنَا : فَلَوْ أَخَلَّ بِالرَّمَلِ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ مِنَ السَّبْعِ لَمْ يَأْتِ بِهِ مِنَ الْأَرْبَعِ الْأَوَاخِرِ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْأَرْبَعِ الْأَخِيرَةِ الْمَشْيُ عَلَى الْعَادَةِ فَلَا يُغَيِّرُهُ ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّمَلُ لِلزَّحْمَةِ أَشَارَ فِي هَيْئَةِ مَشْيِهِ إِلَى صِفَةِ الرَّمَلِ ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنُهُ الرَّمَلُ بِقُرْبِ الْكَعْبَةِ لِلزَّحْمَةِ وَأَمْكَنَهُ إِذَا تَبَاعَدَ عَنْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَبَاعَدَ وَيَرْمُلَ ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الرَّمَلِ هَيْئَةٌ لِلْعِبَادَةِ فِي نَفْسِهَا ، وَالْقُرْبُ مِنَ الْكَعْبَةِ هَيْئَةٌ فِي مَوْضِعِ الْعِبَادَةِ لَا فِي نَفْسِهَا ، فَكَانَ تَقْدِيمُ مَا تَعَلَّقَ بِنَفْسِهَا أَوْلَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الرَّمَلَ لَا يُشْرَعُ لِلنِّسَاءِ كَمَا لَا يُشْرَعُ لَهُنَّ شِدَّةَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَلَوْ تَرَكَ الرَّجُلُ الرَّمَلَ حَيْثُ شُرِعَ لَهُ فَهُوَ تَارِكٌ سُنَّةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ . هَذَا مَذْهَبُنَا ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَلَيْهِ دَمٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا دَمَ عَلَيْهِ ، كَمَذْهَبِنَا .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ) هَذَا مُجْمَعٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ سَعْيُهُ شَدِيدًا فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ ، وَهُوَ قَدْرٌ مَعْرُوفٌ ، وَهُوَ مِنْ قَبْلِ وُصُولِهِ إِلَى الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ إِلَى أَنْ يُحَاذِيَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ الْمُتَقَابِلَيْنِ اللَّذَيْنِ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَدَارِ الْعَبَّاسِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :2298 ... بـ :1261]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْمَعِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعَةً ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطَوَافٍ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ) . أَمَّا قَوْلُهُ : ( أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ ) فَتَصْرِيحٌ بِأَنَّ الرَّمَلَ أَوَّلُ مَا يَشْرَعُ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ أَوْ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ فِي الْحَجِّ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ ) فَمُرَادُهُ يَرْمُلُ ، وَسَمَّاهُ سَعْيًا مَجَازًا ، لِكَوْنِهِ يُشَارِكُ السَّعْيَ فِي أَصْلِ الْإِسْرَاعِ ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُمَا .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( ثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً ) فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَنَّ الرَّمَلَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنَ السَّبْعِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ ) فَالْمُرَادُ رَكْعَتَيْنِ ، وَهُمَا سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِنَا ، وَفِي قَوْلٍ : وَاجِبَتَانِ ، وَسَمَّاهُمَا سَجْدَتَيْنِ مَجَازًا كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ) ، فَفِيهِ : دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّوَافِ عَلَى السَّعْيِ ، فَلَوْ قَدَّمَ السَّعْيَ لَمْ يَصِحَّ السَّعْيُ ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَفِيهِ : خِلَافٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ السَّلَفِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :2299 ... بـ :1261]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَرْمَلَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ حِينَ يَقْدَمُ يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ

قَوْلُهُ : ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ إِلَى آخِرِهِ ) فِيهِ : اسْتِحْبَابُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ ، وَهُوَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ بِلَا خِلَافٍ ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ، وَأَنْ يَسْتَلِمَ مَعَهُ الرُّكْنَ الَّذِي هُوَ فِيهِ ، فَيَجْمَعُ فِي اسْتِلَامِهِ بَيْنَ الْحَجَرِ وَالرُّكْنِ جَمِيعًا ، وَاقْتَصَرَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ ، وَأَمَّا الِاسْتِلَامُ فَهُوَ الْمَسْحُ بِالْيَدِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ ( السِّلَامِ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ ، وَقِيلَ : مِنْ ( السَّلَامِ ) بِفَتْحِ السِّينِ الَّذِي هُوَ التَّحِيَّةُ .




[ سـ :2300 ... بـ :1262]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا

قَوْلُهُ : ( رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ) فِيهِ : بَيَانُ أَنَّ الرَّمَلَ يُشْرَعُ فِي جَمِيعِ الْمَطَافِ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ ( قَالَ : وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ) فَمَنْسُوخٌ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ فِي أَبْدَانِهِمْ ، وَإِنَّمَا رَمَلُوا إِظْهَارًا لِلْقُوَّةِ وَاحْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا جُلُوسًا فِي الْحِجْرِ ، وَكَانُوا لَا يَرَوْنَهُمْ بَيْنَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ ، وَيَرَوْنَهُمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ ؛ فَلَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهَذَا الْمُتَأَخِّرِ .




[ سـ :2301 ... بـ :1262]
وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَمَلَ مِنْ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ الْأَخْضَرِ ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ ( وَأَخْضَرُ ) بِالْخَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ .




[ سـ :2303 ... بـ :1263]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ الثَّلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ

قَوْلُهُ : فِي رِوَايَةِ أَبِي الطَّاهِرِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ : ( رَمَلَ الثَّلَاثَةَ أَطْوَافٍ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ، وَفِي نَادِرٍ مِنْهَا : ( الثَّلَاثَةَ الْأَطْوَافَ ) وَفِي أَنْدَرَ مِنْهُ : ( ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ ) فَأَمَّا ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ وَفَصَاحَتِهِ ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةَ الْأَطْوَافَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فِيهِمَا فَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ ، مَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ وَجَوَّزَهُ الْكُوفِيُّونَ ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةَ أَطْوَافٍ بِتَعْرِيفِ الْأَوَّلِ وَتَنْكِيرِ الثَّانِيِ كَمَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ ، فَمَنَعَهُ جُمْهُورُ النَّحْوِيِّينَ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ لِمَنْ جَوَّزَهُ ، وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي صِفَةِ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ دَرَجَاتٍ ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ هَكَذَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ ، وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ .




[ سـ :2304 ... بـ :1264]
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشْيَ أَرْبَعَةِ أَطْوَافٍ أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ فَقَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ قُلْتُ مَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنْ الْهُزَالِ وَكَانُوا يَحْسُدُونَهُ قَالَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثًا وَيَمْشُوا أَرْبَعًا قَالَ قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنْ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ قُلْتُ وَمَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّدٌ هَذَا مُحَمَّدٌ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنْ الْبُيُوتِ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ قَوْمَ حَسَدٍ وَلَمْ يَقُلْ يَحْسُدُونَهُ

قَوْلُهُ : ( قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ : أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشْيَ أَرْبَعَةِ أَطْوَافٍ أَسُنَّةٌ هُوَ ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ . فَقَالَ : صَدَقُوا وَكَذَبُوا ) إِلَى آخِرِهِ ، يَعْنِي صَدَقُوا فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ ، وَكَذَبُوا فِي قَوْلِهِمْ : إِنَّهُ سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ مُتَأَكِّدَةٌ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْهُ سُنَّةً مَطْلُوبَةً دَائِمًا عَلَى تَكَرُّرِ السِّنِينَ ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهِ تِلْكَ السَّنَةَ لِإِظْهَارِ الْقُوَّةِ عِنْدَ الْكُفَّارِ ، وَقَدْ زَالَ الْمَعْنَى . هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ كَوْنِ الرَّمَلِ لَيْسَ سُنَّةً مَقْصُودَةً هُوَ مَذْهَبُهُ ، وَخَالَفَهُ جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ، فَقَالُوا : هُوَ سُنَّةٌ فِي الطَّوْفَاتِ الثَّلَاثِ مِنَ السَّبْعِ ، فَإِنْ تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً ، وَفَاتَتْهُ فَضِيلَةٌ ، وَيَصِحُّ طَوَافُهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ : يُسَنُّ فِي الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ : إِذَا تَرَكَ الرَّمَلَ لَزِمَهُ دَمٌ ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ .

دَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي الطَّوْفَاتِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَمَشَى فِي الْأَرْبَعِ ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ : " لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ عَنِّي " . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( قُلْتُ لَهُ : أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ ، فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ ، قَالَ : صَدَقُوا وَكَذَبُوا ) إِلَى آخِرِهِ ، يَعْنِي صَدَقُوا فِي أَنَّهُ طَافَ رَاكِبًا ، وَكَذَبُوا فِي أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ ، بَلِ الْمَشْيَ أَفْضَلُ ، وَإِنَّمَا رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعُذْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرُّكُوبَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ جَائِزٌ ، وَأَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ مِنْهُ إِلَّا لِعُذْرٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزْلِ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ ( الْهُزْلِ ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ ، وَهَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ ، وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ عَنْ رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ ، قَالَا : وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ ( الْهُزَالِ ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَزِيَادَةِ الْأَلِفِ ، قُلْتُ : وَلِلْأَوَّلِ وَجْهٌ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الْهَاءِ ؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ هَزَلْتَهُ هَزْلًا ، كَضَرَبْتَهُ ضَرْبًا ، وَتَقْدِيرُهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ يَطُوفُونَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَزَلَهُمْ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ ) هُوَ جَمْعُ عَاتِقٍ ، وَهِيَ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ أَوِ الْمُقَارِبَةُ لِلْبُلُوغِ ، وَقِيلَ : الَّتِي تَتَزَوَّجُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ مِنَ اسْتِخْدَامِ أَبَوَيْهَا وَابْتِذَالِهَا فِي الْخُرُوجِ وَالتَّصَرُّفِ الَّتِي تَفْعَلُهُ الطِّفْلَةُ الصَّغِيرَةُ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ .



[ سـ :2306 ... بـ :1265]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَبْجَرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْتُ أُرَانِي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَصِفْهُ لِي قَالَ قُلْتُ رَأَيْتُهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ عَلَى نَاقَةٍ وَقَدْ كَثُرَ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يُدَعُّونَ عَنْهُ وَلَا يُكْرَهُونَ.

قَوْلُهُ : ( إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يُدَعُّونَ عَنْهُ وَلَا يُكْرَهُونَ ) أَمَّا ( يُدَعُّونَ ) فَبِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّ الْعَيْنِ الْمُشَدَّدَةِ ، أَيْ يُدْفَعُونَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. قَوْلُهُ : ( يُكْرَهُونَ ) ، فَفِي بَعْضِ الْأُصُولِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ( يُكْرَهُونَ ) كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِكْرَاهِ ، وَفِي بَعْضِهَا ( يُكْهَرُونَ ) بِتَقْدِيمِ الْهَاءِ مِنَ الْكَهْرِ ، وَهُوَ الِانْتِهَارُ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذَا أَصْوَبُ ، وَقَالَ : وَهُوَ رِوَايَةُ الْفَارِسِيِّ ، وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ ابْنِ مَاهَانَ وَالْعُذْرِيِّ.


[ سـ :2307 ... بـ :1266]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ وَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ

قَوْلُهُ : ( وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ ) هُوَ بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ أَيْ أَضْعَفَتْهُمْ . قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ : يُقَالُ : وَهَنَتْهُ الْحُمَّى وَغَيْرُهَا وَأَوْهَنَتْهُ لُغَتَانِ . وَأَمَّا ( يَثْرِبُ ) فَهُوَ الِاسْمُ الَّذِي كَانَ لِلْمَدِينَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَسُمِّيَتْ فِي الْإِسْلَامِ ( الْمَدِينَةُ ) ( فَطَيْبَةُ ) ( فَطَابَةُ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ . وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ >>

يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ ، حَيْثُ ذَكَرَ مُسْلِمٌ أَحَادِيثَ الْمَدِينَةِ وَتَسْمِيَتَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

قَوْلُهُ : ( وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ تَسْمِيَةِ الرَّمَلِ شَوْطًا ، وَقَدْ نَقَلَ أَصْحَابُنَا أَنَّ مُجَاهِدًا وَالشَّافِعِيَّ كَرِهَا تَسْمِيَتَهُ شَوْطًا أَوْ دَوْرًا ، بَلْ يُسَمَّى طَوْفَةً ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي تَسْمِيَتِهِ شَوْطًا ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ .

قَوْلُهُ : ( وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ ) ( الْإِبْقَاءُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالْبَاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْمَدِّ أَيِ الرِّفْقُ بِهِمْ .