فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ دَفْعِ الضَّعَفَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى

باب اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ دَفْعِ الضَّعَفَةِ مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى فِي أَوَاخِرِ اللَّيْلِ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ وَاسْتِحْبَابِ الْمُكْثِ لِغَيْرِهِمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِمُزْدَلِفَةَ
[ سـ :2358 ... بـ :1290]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ تَدْفَعُ قَبْلَهُ وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وَكَانَتْ امْرَأَةً ثَبِطَةً يَقُولُ الْقَاسِمُ وَالثَّبِطَةُ الثَّقِيلَةُ قَالَ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ وَحَبَسَنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا فَدَفَعْنَا بِدَفْعِهِ وَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ فَأَكُونَ أَدْفَعُ بِإِذْنِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ

قَوْلُهُ : ( قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ زَحْمَتِهِمْ .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً ) هِيَ بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِهَا ، وَفَسَّرَهُ فِي الْكِتَابِ بِأَنَّهَا الثَّقِيلَةُ أَيْ ثَقِيلَةُ الْحَرَكَةِ بَطِيئَةُ مِنَ التَّثْبِيطِ وَهُوَ التَّعْوِيقُ .




[ سـ :2359 ... بـ :1290]
وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى جَمِيعًا عَنْ الثَّقَفِيِّ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ سَوْدَةُ امْرَأَةً ضَخْمَةً ثَبِطَةً فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَلَيْتَنِي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تُفِيضُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ سَوْدَةَ اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ فَأَذِنَ لَهَا ) فِيهِ : دَلِيلٌ لِجَوَازِ الدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ : يَجُوزُ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ ، وَيَجُوزُ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَبِيتِ الْحَاجِّ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ ، مَنْ تَرَكَهُ لَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ ، وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ .

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : هُوَ سُنَّةٌ إِنْ تَرَكَهُ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ وَلَا غَيْرَهُ ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يَصِحُّ حَجُّهُ ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنِ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَبِهِ قَالَ إِمَامَانِ كَبِيرَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُمَا : أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ ، وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ الْمَبِيتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا وَاجِبٍ وَلَا سُنَّةٍ ، وَلَا فَضِيلَةَ فِيهِ ، بَلْ هُوَ مَنْزِلٌ كَسَائِرِ الْمَنَازِلِ ، إِنْ شَاءَ تَرَكَهُ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَتْرُكْهُ ، وَلَا فَضِيلَةَ فِيهِ ، وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْمَبِيتِ الْوَاجِبِ ، فَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ سَاعَةٌ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ ، وَفِي قَوْلٍ لَهُ : سَاعَةٌ مِنَ النِّصْفِ الثَّانِي أَوْ مَا بَعْدَهُ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ . وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ لَهُ : أَنَّهُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ ، وَعَنْ مَالِكٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا : كُلُّ اللَّيْلِ ، وَالثَّانِي : مُعْظَمُهُ ، وَالثَّالِثُ : أَقَلُّ زَمَانٍ .




[ سـ :2361 ... بـ :1291]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ قَالَتْ لِي أَسْمَاءُ وَهِيَ عِنْدَ دَارِ الْمُزْدَلِفَةِ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ لَا فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ ارْحَلْ بِي فَارْتَحَلْنَا حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَةَ ثُمَّ صَلَّتْ فِي مَنْزِلِهَا فَقُلْتُ لَهَا أَيْ هَنْتَاهْ لَقَدْ غَلَّسْنَا قَالَتْ كَلَّا أَيْ بُنَيَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ وَحَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِي رِوَايَتِهِ قَالَتْ لَا أَيْ بُنَيَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِظُعُنِهِ

قَوْلُهُ : ( يَا هَنْتَاهْ ) أَيْ يَا هَذِهِ ، هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَمَفْتُوحَةٌ وَإِسْكَانُهَا أَشْهَرُ ، ثُمَّ تَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقَ ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ : وَتُسَكَّنُ الْهَاءُ الَّتِي فِي آخِرِهَا وَتُضَمُّ ، وَفِي التَّثْنِيَةِ ( يَا هَنَتَانِ ) وَفِي الْجَمْعِ ( يَا هَنَاتُ ) وَ ( هَنَوَاتُ ) وُفِيَ الْمُذَكَّرِ ( هَنُ وَهَنَانِ وَهَنُونِ ) .

قَوْلُهُ : ( لَقَدْ غَلَّسْنَا قَالَتْ : كَلَّا ) أَيْ لَقَدْ تَقَدَّمْنَا عَلَى الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ قَالَتْ : لَا .

قَوْلُهَا : ( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ ) هُوَ بِضَمِّ الظَّاءِ وَالْعَيْنِ وَبِإِسْكَانِ الْعَيْنِ أَيْضًا ، وَهُنَّ النِّسَاءُ ، الْوَاحِدَةُ : ظَعِينَةٌ ، كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٍ ، وَأَصْلُ الظَّعِينَةِ : الْهَوْدَجُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْبَعِيرِ ، فَسُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ بِهِ مَجَازًا ، وَاشْتُهِرَ هَذَا الْمَجَازُ حَتَّى غَلَبَ ، وَخَفِيَتِ الْحَقِيقَةُ ، وَظَعِينَةُ الرَّجُلِ : امْرَأَتُهُ .




[ سـ :2364 ... بـ :1293]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّقَلِ أَوْ قَالَ فِي الضَّعَفَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ

قَوْلُهُ : ( بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّقَلِ ) هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَالْقَافِ وَهُوَ الْمَتَاعُ وَنَحْوُهُ .




[ سـ :2368 ... بـ :1295]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوْا الْجَمْرَةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ فَيَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِلَيْلٍ فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ ثُمَّ يَدْفَعُونَ ) قَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهِ ، وَأَنَّ مَذْهَبَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ اسْمٌ لِقُزَحَ خَاصَّةً ، وَهُوَ جَبَلٌ بِالْمُزْدَلِفَةِ ، وَمَذْهَبُ الْمُفَسِّرِينَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ جَمِيعُ الْمُزْدَلِفَةِ ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ لِكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ .

وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فَتْحُ الْمِيمِ مِنَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَقِيلَ : بِكَسْرِهَا وَفِيهِ : اسْتِحْبَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ .

وَقَوْلُهُ : ( مَا بَدَا لَهُمْ ) هُوَ بِلَا هَمْزٍ ، أَيْ مَا أَرَادُوا .