فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ بَيَانِ أَنَّ السُّنَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَرْمِيَ ، ثُمَّ يَنْحَرَ


[ سـ :2385 ... بـ :1305]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ خُذْ وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالُوا أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ لِلْحَلَّاقِ هَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ هَكَذَا فَقَسَمَ شَعَرَهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ قَالَ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَلَّاقِ وَإِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّ سُلَيْمٍ وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ قَالَ فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ بِالْأَيْسَرِ فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ

قَوْلُهُ : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ : خُذْ وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ ) هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ . مِنْهَا بَيَانُ السُّنَّةِ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَعْمَالٍ : رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، ثُمَّ نَحْرُ الْهَدْيِ أَوْ ذَبْحُهُ ، ثُمَّ الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ ، ثُمَّ دُخُولُهُ إِلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ ، وَيَسْعَى بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ ، فَإِنْ كَانَ سَعَى بَعْدَهُ كُرِهَتْ إِعَادَتُهُ ، وَالسُّنَّةُ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْأَرْبَعَةِ أَنْ تَكُونَ مُرَتَّبَةً كَمَا ذَكَرْنَا لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، فَإِنْ خَالَفَ تَرْتِيبَهَا فَقَدَّمَ مُؤَخَّرًا أَوْ أَخَّرَ مُقَدَّمًا ، جَازَ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ : بَعْدَ هَذَا افْعَلْ وَلَا حَرَجَ .

وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِذَا قَدِمَ مِنًى أنْ لَا يَعْرُجَ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ الرَّمْيِ ، بَلْ يَأْتِي الْجَمْرَةَ رَاكِبًا كَمَا هُوَ فَيَرْمِيهَا ، ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَنْزِلُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ مِنًى .

وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ نَحْرِ الْهَدْيِ ، وَأَنَّهُ يَكُونُ بِمِنًى ، وَيَجُوزُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ بِقَاعِ الْحَرَمِ .

وَمِنْهَا أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ ، وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْبُدَاءَةُ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ رَأْسِ الْمَحْلُوقِ ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَبْدَأُ بِجَانِبِهِ الْأَيْسَرِ .

وَمِنْهَا طَهَارَةُ شَعْرِ الْآدَمِيِّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا ، وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ ، وَمِنْهَا : التَّبَرُّكُ بِشَعْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَازُ اقْتِنَائِهِ لِلتَّبَرُّكِ .

وَمِنْهَا مُسَاوَاةُ الْإِمَامِ وَالْكَبِيرِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ فِيمَا يُفَرِّقُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَطَاءٍ وَهَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَلَقَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ : زَعَمُوا أَنَّهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : اسْمُهُ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْكُلَيْبِيُّ بِضَمِّ الْكَافِ ، مَنْسُوبٌ إِلَى كُلَيْبِ بْنِ حَبَشِيَّةَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .