فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَإِجْزَاءِ الْبَقَرَةِ وَالْبَدَنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ

باب الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَإِجْزَاءِ الْبَقَرَةِ وَالْبَدَنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ
[ سـ :2409 ... بـ :1318]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ

بَابُ جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَإِجْزَاءِ الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ

كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ

قَوْلُهُ : ( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : نَحَرنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ .

وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ .

فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلَالَةٌ لِجَوَازِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ .

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ ، سَوَاءٌ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا ، وَسَوَاءٌ كَانُوا كُلُّهُمْ مُتَقَرِّبِينَ أَوْ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ الْقُرْبَةَ ، وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ اللَّحْمَ ، وَدَلِيلُهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ، وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، وَقَالَ دَاوُدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ : يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبِ .

وَقَالَ مَالِكٌ : لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ إِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُتَقَرِّبِينَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الشَّاةَ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا .

وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْبَدَنَةَ تُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَتَقُومُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَقَامَ سَبْعِ شِيَاهٍ ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى الْمُحْرِمِ سَبْعَةُ دِمَاءٍ بِغَيْرِ جَزَاءِ الصَّيْدِ ، وَذَبَحَ عَنْهَا بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَجْزَأَهُ عَنِ الْجَمِيعِ .




[ سـ :2412 ... بـ :1318]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ أَيُشْتَرَكُ فِي الْبَدَنَةِ مَا يُشْتَرَكُ فِي الْجَزُورِ قَالَ مَا هِيَ إِلَّا مِنْ الْبُدْنِ وَحَضَرَ جَابِرٌ الْحُدَيْبِيَةَ قَالَ نَحَرْنَا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ بَدَنَةً اشْتَرَكْنَا كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ

قَوْلُهُ : ( فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ : أَيَشْتَرِكُ فِي الْبَدَنَةِ مَا يَشْتَرِكُ فِي الْجَزُورِ ؟ قَالَ : مَا هِيَ إِلَّا مِنَ الْبَدَنَةِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْجَزُورُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهِيَ الْبَعِيرُ . قَالَ الْقَاضِي : وَفَرَّقَ هُنَا بَيْنَ الْبَدَنَةِ وَالْجَزُورِلِأَنَّ ؛ لِأَنَّ الْبَدَنَةَ وَالْهَدْيَ مَا ابْتُدِيَ إِهْدَاؤُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ ، وَالْجَزُورَ مَا اشْتُرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِيُنْحَرَ مَكَانَهَا فَتَوَهَّمَ السَّائِلُ أَنَّ هَذَا أَحَقُّ فِي الِاشْتِرَاكِ ، فَقَالَ فِي جَوَابِهِ : الْجَزُورُ لَمَّا اشْتُرِيَتْ لِلنُّسُكِ صَارَ حُكْمُهَا كَالْبُدْنِ .

وَقَوْلُهُ : ( مَا يَشْتَرِكُ فِي الْجَزُورِ ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ ( مَا يَشْتَرِكُ ) وَهُوَ صَحِيحٌ وَيَكُونُ ( مَا ) بِمَعْنَى ( مَنْ ) وَقَدْ جَازَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً أَيِ اشْتِرَاكًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْجَزُورِ .




[ سـ :2413 ... بـ :1318]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَمَرَنَا إِذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ مِنَّا فِي الْهَدِيَّةِ وَذَلِكَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

قَوْلُهُ : ( فَأَمَرَنَا إِذَا حَلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ مِنَّا فِي الْهَدِيَّةِ وَذَلِكَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ ) . فِي هَذَا فَوَائِدُ مِنْهَا : وُجُوبُ الْهَدْيِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ ، وَجَوَازُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْبَدَنَةِ الْوَاجِبَةِلِأَنَّ ؛ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ وَاجِبٌ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الْوَاجِبِ خِلَافُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ قَرِيبًا . وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ ذَبْحِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فَمَذْهَبُنَا : أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ إِنَّمَا يَجِبُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ، فَبِإِحْرَامِ الْحَجِّ يَجِبُ الدَّمُ ، وَفِي وَقْتِ جَوَازِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ ، وَالثَّانِي : لَا يَجُوزُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ ، وَالثَّالِثُ : يَجُوزُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :2414 ... بـ :1318]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ نَشْتَرِكُ فِيهَا

قَوْلُهُ : ( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ) هَذَا فِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ لَفْظَ ( كَانَ ) لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَلِأَنَّ ؛ لِأَنَّ إِحْرَامَهُمْ بِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وُجِدَ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ . وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .