فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ، وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ، ثُمَّ نُسِخَ ،


[ سـ :2595 ... بـ :1406]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّمَتُّعِ مِنْ النِّسَاءِ قَالَ فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ حَتَّى وَجَدْنَا جَارِيَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ فَخَطَبْنَاهَا إِلَى نَفْسِهَا وَعَرَضْنَا عَلَيْهَا بُرْدَيْنَا فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ فَتَرَانِي أَجْمَلَ مِنْ صَاحِبِي وَتَرَى بُرْدَ صَاحِبِي أَحْسَنَ مِنْ بُرْدِي فَآمَرَتْ نَفْسَهَا سَاعَةً ثُمَّ اخْتَارَتْنِي عَلَى صَاحِبِي فَكُنَّ مَعَنَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِهِنَّ

قَوْلُهُ : ( فَآمَرَتْ نَفْسَهَا سَاعَةً ) هُوَ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ ، أَيْ : شَاوَرَتْ نَفْسَهَا وَأَفْكَرَتْ فِي ذَلِكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ .




[ سـ :2599 ... بـ :1406]
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَامَ بِمَكَّةَ فَقَالَ إِنَّ نَاسًا أَعْمَى اللَّهُ قُلُوبَهُمْ كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ فَنَادَاهُ فَقَالَ إِنَّكَ لَجِلْفٌ جَافٍ فَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَتْ الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ عَلَى عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَجَرِّبْ بِنَفْسِكَ فَوَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ سَيْفِ اللَّهِ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَجُلٍ جَاءَهُ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَاهُ فِي الْمُتْعَةِ فَأَمَرَهُ بِهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ مَهْلًا قَالَ مَا هِيَ وَاللَّهِ لَقَدْ فُعِلَتْ فِي عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ قَالَ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنْ اضْطُرَّ إِلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ ثُمَّ أَحْكَمَ اللَّهُ الدِّينَ وَنَهَى عَنْهَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ قَدْ كُنْتُ اسْتَمْتَعْتُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ بِبُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ ثُمَّ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُتْعَةِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَسَمِعْتُ رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا جَالِسٌ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ نَاسًا أَعْمَى اللَّهُ قُلُوبَهُمْ كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ ) يَعْنِي : يُعَرِّضُ بِابْنِ عَبَّاسٍ .

قَوْلُهُ : ( إِنَّكَ لَجِلْفٌ جَافٍ ) الْجِلْفُ بِكَسْرِ الْجِيمِ : قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرِهِ : الْجِلْفُ هُوَ الْجَافِي ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ : إِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا تَوْكِيدًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ ، وَالْجَافِي هُوَ : الْغَلِيظُ الطَّبْعِ الْقَلِيلُ الْفَهْمِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ لِبُعْدِهِ عَنْ أَهْلِ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ : ( فَوَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَبْلَغَهُ النَّاسِخَ لَهَا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَكٌّ فِي تَحْرِيمِهَا ، فَقَالَ : إِنْ فَعَلْتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَوَطِئْتَ فِيهَا كُنْتَ زَانِيًا وَرَجَمْتُكَ بِالْأَحْجَارِ الَّتِي يُرْجَمُ بِهَا الزَّانِي .

قَوْلُهُ ( فَأَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ سَيْفِ اللَّهِ ) ( سَيْفُ اللَّهِ ) هُوَ : خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ ، سَمَّاهُ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ ؛ لِأَنَّهُ يَنْكَأُ فِي أَعْدَاءِ اللَّهِ .




[ سـ :2603 ... بـ :1407]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ وَحَدَّثَنَاه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ لِفُلَانٍ إِنَّكَ رَجُلٌ تَائِهٌ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ

قَوْلُهُ : ( نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ ) ، قَوْلُهُ : ( الْإِنْسِيَّةِ ) ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانُ النُّون ، وَالثَّانِي فَتْحُهُمَا جَمِيعًا ، وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِتَرْجِيحِ الْفَتْحِ ، وَأَنَّهُ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ .

وَفِي هَذَا تَحْرِيمُ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً ، إِلَّا طَائِفَةً يَسِيرَةً مِنَ السَّلَفِ ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَبَعْضِ السَّلَفِ إِبَاحَتُهُ ، وَرُوِيَ عَنْهُمْ تَحْرِيمُهُ ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُ وَتَحْرِيمُهُ .

قَوْلُهُ : ( إِنَّكَ رَجُلٌ تَائِهٌ ) هُوَ الْحَائِرُ الذَّاهِبُ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .