فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ نَدْبِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا لِمَنْ يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا

باب نَدْبِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا لِمَنْ يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا
[ سـ :2644 ... بـ :1424]
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا قَالَ لَا قَالَ فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَزَوِّجِ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ : ( أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا ؟ قَالَ : لَا قَالَ : فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ ( شَيْئًا ) بِالْهَمْزَةِ ، وَهُوَ وَاحِدُ الْأَشْيَاءِ . قِيلَ : الْمُرَادُ صِغَرٌ ، وَقِيلَ : زُرْقَةٌ ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ لِجَوَازِ ذِكْرِ مِثْلِ هَذَا لِلنَّصِيحَةِ ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ مَنْ يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرِ الْكُوفِيِّينَ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ قَوْمٍ كَرَاهَتَهُ ، وَهَذَا خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَمُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ لِلْحَاجَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا ، ثُمَّ إِنَّهُ إِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ لِأَنَّهُ ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ ؛ وَلِأَنَّهُلِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ أَوْ ضِدِّهِ ، وَبِالْكَفَّيْنِ عَلَى خُصُوبَةِ الْبَدَنِ أَوْ عَدَمِهَا . هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : يَنْظُرُ إِلَى مَوَاضِعِ اللَّحْمِ ، وَقَالَ دَاوُدُ : يَنْظُرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا ، وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ مُنَابِذٌ لِأُصُولِ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ ، ثُمَّ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ هَذَا النَّظَرِ رِضَاهَا ، بَلْ لَهُ ذَلِكَ فِي غَفْلَتِهَا ، وَمِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ إِعْلَامٍ ، لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ : أَكْرَهُ نَظَرَهُ فِي غَفْلَتِهَا مَخَافَةً مِنْ وُقُوعِ نَظَرِهِ عَلَى عَوْرَةٍ . وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا ، وَهَذَا ضَعِيفٌلِأَنَّ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ اسْتِئْذَانَهَا ؛ وَلِأَنَّهَا تَسْتَحْيِي غَالِبًا مِنَ الْإِذْنِ ، وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَغْرِيرًا ، فَرُبَّمَا رَآهَا فَلَمْ تُعْجِبْهُ فَيَتْرُكَهَا فَتَنْكَسِرَ وَتَتَأَذَّى ، وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ إِلَيْهَا قَبْلَ الْخِطْبَةِ حَتَّى إِنْ كَرِهَهَا تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ إِيذَاءٍ بِخِلَافِ مَا إِذَا تَرَكَهَا بَعْدَ الْخِطْبَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ أَصْحَابُنَا : وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ النَّظَرُ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ امْرَأَةً يَثِقُ بِهَا تَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتُخْبِرُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الْخِطْبَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ .




[ سـ :2645 ... بـ :1424]
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي عُيُونِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا قَالَ قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا قَالَ عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ قَالَ فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ ) ( الْعُرْضُ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ هُوَ الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ ، ( وَتَنْحِتُونَ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ تُقَشِّرُونَ وَتُقَطِّعُونَ . وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ كَرَاهَةُ إِكْثَارِ الْمَهْرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِ الزَّوْجِ .