فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ

باب تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ
[ سـ :3057 ... بـ :1578]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَبُو هَمَّامٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ وَلَعَلَّ اللَّهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ قَالَ فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ قَالَ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ وَلَعَلَّ اللَّهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ قَالَ : فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ ، قَالَ : فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا . وَيَعْنِي رَاقُوهَا .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ لَا تَكْلِيفَ فِيهَا بِتَحْرِيمٍ وَلَا غَيْرِهِ ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِلْأُصُولِيِّينَ ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا حُكْمَ وَلَا تَكْلِيفَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا .

وَالثَّانِي : أَنَّ أَصْلَهَا عَلَى التَّحْرِيمِ حَتَّى يَرِدَ الشَّرْعُ بِغَيْرِ ذَلِكَ .

وَالثَّالِثُ : عَلَى الْإِبَاحَةِ .

وَالرَّابِعُ عَلَى الْوَقْفِ .

وَهَذَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهِ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهَا ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً بِلَا خِلَافٍ إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا بَذْلُ النَّصِيحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَحَهُمْ فِي تَعْجِيلِ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَا دَامَتْ حَلَالًا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا ) فِيهِ تَحْرِيمُ بَيْعِ الْخَمْرِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، وَالْعِلَّةُ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ كَوْنُهَا نَجِسَةً أَوْ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ ، فَيَلْحَقُ بِهَا جَمِيعُ النَّجَاسَاتِ كَالسِّرْجِينِ وَذَرْقِ الْحَمَامِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ يَلْحَقُ بِهَا مَا لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالسِّبَاعِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلِاصْطِيَادِ وَالْحَشَرَاتُ وَالْحَبَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْحِنْطَةِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ ، كَالْعَبْدِ وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ ، فَإِنَّ أَكْلَهَا حَرَامٌ ، وَبَيْعَهَا جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ ) أَيْ أَدْرَكَتْهُ حَيًّا وَبَلَغَتْهُ ، وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ الْآيَةَ .

قَوْلُهُ : ( فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ تَخْلِيلِهَا ، وَوُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ بِإِرَاقَتِهَا ، وَتَحْرِيمِ إِمْسَاكِهَا ، وَلَوْ جَازَ التَّخْلِيلُ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ ، وَنَهَاهُمْ عَنْ إِضَاعَتِهَا ، كَمَا نَصَحَهُمْ وَحَثَّهُمْ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا قَبْلَ تَحْرِيمِهَا حِينَ تَوَقَّعَ نُزُولَ تَحْرِيمِهَا ، وَكَمَا نَبَّهَ أَهْلَ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ عَلَى دِبَاغِ جِلْدِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ تَخْلِيلِهَا وَأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، وَجَوَّزَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ .

وَأَمَّا إِذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا فَيَطْهُرُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ سَحْنُونٍ الْمَالِكِيِّ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَطْهُرُ .




[ سـ :3058 ... بـ :1579]
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَنَّهُ جَاءَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ وَاللَّفْظُ لَهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَإِيِّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنْ الْعِنَبِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا قَالَ لَا فَسَارَّ إِنْسَانًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَ سَارَرْتَهُ فَقَالَ أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا فَقَالَ إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا قَالَ فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَئِيِّ ) هُوَ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَنْسُوبٌ إِلَى سَبَأٍ ، وَأَمَّا ( وَعْلَةُ ) فَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي حَدِيثِ الدِّبَاغِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَهْدَى إِلَيْهِ الْخَمْرَ : ( هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا ؟ قَالَ : لَا ) لَعَلَّ السُّؤَالَ كَانَ لِيَعْرِفَ حَالَهُ ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ هَدِيَّتَهَا وَإِمْسَاكَهَا وَحَمْلَهَا عَلَى ذَلِكَ ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ عَذَرَهُ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ كَانَتْ عَلَى قُرْبِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ قَبْلَ اشْتِهَارِ ذَلِكَ ، وَفِي هَذَا أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً جَاهِلًا تَحْرِيمَهَا لَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا تَعْزِيرَ .

قَوْلُهُ : ( فَسَارَّ إِنْسَانًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِمَ سَارَرْتَهُ ؟ فَقَالَ : أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا ) الْمُسَارِرُ الَّذِي خَاطَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي أَهْدَى الرَّاوِيَةَ ، كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ دَوْسٍ . قَالَ الْقَاضِي : وَغَلِطَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فَظَنَّ أَنَّهُ رَجُلٌ آخَرُ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ سُؤَالِ الْإِنْسَانِ عَنْ بَعْضِ أَسْرَارِ الْإِنْسَانِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجِبُ كِتْمَانُهُ كَتَمَهُ وَإِلَّا فَيَذْكُرُهُ .

قَوْلُهُ : ( فَفَتَحَ الْمَزَادَ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ ( الْمَزَادَ ) بِحَذْفِ الْهَاءِ فِي آخِرِهَا ، وَفِي بَعْضِهَا : ( الْمَزَادَةَ ) بِالْهَاءِ ، وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ : أَهْدَى رَاوِيَةً وَهِيَ هِيَ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : هُمَا بِمَعْنًى ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : إِنَّمَا يُقَالُ لَهَا : مَزَادَةٌ ، وَأَمَّا الرَّاوِيَةُ : فَاسْمٌ لِلْبَعِيرِ خَاصَّةً ، وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ لِأَبِي عُبَيْدٍ فَإِنَّهُ سَمَّاهَا رَاوِيَةً وَمَزَادَةً ، قَالُوا : سُمِّيَتْ رَاوِيَةً لِأَنَّهَا تَرْوِي صَاحِبَهَا وَمَنْ مَعَهُ ، وَالْمَزَادَةُ لِأَنَّهُ يَتَزَوَّدُ فِيهَا الْمَاءَ فِي السَّفَرِ وَغَيْرِهِ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ يُزَادُ فِيهَا جِلْدٌ لِيَتَّسِعَ ، وَفِي قَوْلِهِ : ( فَفَتَحَ الْمَزَادَ ) دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ أَوَانِيَ الْخَمْرِ لَا تُكْسَرُ وَلَا تُشَقُّ ، بَلْ يُرَاقُ مَا فِيهَا . وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا كَالْجُمْهُورِ ، وَالثَّانِيَةُ يُكْسَرُ الْإِنَاءُ ، وَيُشَقُّ السِّقَاءُ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُمْ كَسَرُوا الدِّنَانَ فَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .




[ سـ :3060 ... بـ :1580]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتْ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ

قَوْلُهَا : ( لَمَّا أُنْزِلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْتَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : تَحْرِيمُ الْخَمْرِ هُوَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ نَزَلَتْ قَبْلَ آيَةِ الرِّبَا بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ، فَإِنَّ آيَةَ الرِّبَا آخِرُ مَا نَزَلَ ، أَوْ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّهْيُ عَنِ التِّجَارَةِ مُتَأَخِّرًا عَنْ تَحْرِيمِهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِتَحْرِيمِ التِّجَارَةِ حِينَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ ، ثُمَّ أُخْبِرَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الرِّبَا تَوْكِيدًا وَمُبَالَغَةً فِي إِشَاعَتِهِ ، وَلَعَلَّهُ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ تَحْرِيمُ التِّجَارَةِ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .