فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِيرَاثِ الْكَلَالَةِ

باب مِيرَاثِ الْكَلَالَةِ
[ سـ :3132 ... بـ :1616]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَعُودَانِي مَاشِيَيْنِ فَأُغْمِيَ عَلَيَّ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

قَوْلُهُ : ( عَنْ جَابِرٍ : مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَعُودَانِي مَاشِيَانِ ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ ( مَاشِيَانِ ) وَفِي بَعْضِهَا ( مَاشِيَيْنِ ) وَهَذَا ظَاهِرٌ ، وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ أَيْضًا وَتَقْدِيرُهُ : وَهُمَا مَاشِيَانِ .

وَفِيهِ فَضِيلَةُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ ، وَاسْتِحْبَابُ الْمَشْيِ فِيهَا .

قَوْلُهُ : ( فَأُغْمِيَ عَلَيَّ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْتُ ) الْوَضُوءُ هُنَا بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ ، وَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَفَضْلُ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَنَحْوِهِمَا ، وَفَضْلُ مُؤَاكَلَتِهِمْ وَمُشَارَبَتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

وَفِيهِ ظُهُورُ آثَارِ بَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ ، رَدًّا عَلَى أَبِي يُوسُفَ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهِ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَبَّ مِنْ الْمَاءِ الْبَاقِي فِي الْإِنَاءِ ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ : الْبَرَكَةُ الْعُظْمَى فِيمَا لَاقَى أَعْضَاءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوُضُوءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي ؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : فَنَزَلَتْ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ : ( نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ ) . فِيهِ جَوَازُ وَصِيَّةِ الْمَرِيضِ وَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ عَقْلُهُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ فِي حَالِ إِفَاقَتِهِ وَحُضُورِ عَقْلِهِ ، وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الِاجْتِهَادَ فِي الْأَحْكَامِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ ، وَيَتَأَوَّلُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَشَبَهَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ شَيْءٌ ، فَلِهَذَا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا رَجَاءَ أَنْ يَنْزِلَ الْوَحْيُ .




[ سـ :3136 ... بـ :1617]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِي مِنْ الْكَلَالَةِ مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ح وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ رَافِعٍ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ شُعْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِي مِنَ الْكَلَالَةِ مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ ، وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِيَ فِيهِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعَيْهِ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ : يَا عُمَرُ أَلَا يَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ ؟ وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ) . أَمَّا آيَةُ الصَّيْفِ فَلِأَنَّهَا فِي الصَّيْفِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ إِلَى آخِرِهِ ) هَذَا مِنْ كَلَامِ عُمَرَ لَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْقَضَاءَ فِيهَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ظُهُورًا يَحْكُمُ بِهِ ، فَأَخَّرَهُ حَتَّى يُتِمَّ اجْتِهَادَهُ فِيهِ ، وَيَسْتَوْفِيَ نَظَرَهُ ، وَيَتَقَرَّرَ عِنْدَهُ حُكْمُهُ ، ثُمَّ يَقْضِيَ بِهِ ، وَيُشِيعَهُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَغْلَظَ لَهُ لِخَوْفِهِ مِنَ اتِّكَالِهِ وَاتِّكَالِ غَيْرِهِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ صَرِيحًا ، وَتَرْكِهِمُ الِاسْتِنْبَاطَ مِنَ النُّصُوصِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ فَالِاعْتِنَاءُ بِالِاسْتِنْبَاطِ مِنْ آكَدِ الْوَاجِبَاتِ الْمَطْلُوبَةِ ، بِأَنَّ النُّصُوصَ الصَّرِيحَةَ لَا تَفِي إِلَّا بِيَسِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ الْحَادِثَةِ ، فَإِذَا أُهْمِلَ الِاسْتِنْبَاطُ ، فَاتَ الْقَضَاءُ فِي مُعْظَمِ الْأَحْكَامِ النَّازِلَةِ أَوْ فِي بَعْضِهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِ الْكَلَالَةِ ، فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّكَلُّلِ ، وَهُوَ التَّطَرُّفُ ، فَابْنُ الْعَمِّ مَثَلًا يُقَالُ لَهُ : كَلَالَةٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عَمُودِ النَّسَبِ بَلْ عَلَى طَرَفِهِ ، وَقِيلَ : مِنَ الْإِحَاطَةِ ، وَمِنْهُ الْإِكْلِيلُ وَهُوَ شِبْهُ عِصَابَةٍ تُزَيَّنُ بِالْجَوْهَرِ ، فَسُمُّوا كَلَالَةً لِإِحَاطَتِهِمْ بِالْمَيِّتِ مِنْ جَوَانِبِهِ ، وَقِيلَ : مُشْتَقَّةٌ مِنْ كَلَّ الشَّيْءُ إِذَا بَعُدَ وَانْقَطَعَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : كَلَّتِ الرَّحِمُ إِذَا بَعُدَتْ ، وَطَالَ انْتِسَابُهَا ، وَمِنْهُ كَلَّ فِي مَشْيِهِ إِذَا انْقَطَعَ لِبُعْدِ مَسَافَتِهِ . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْكَلَالَةِ فِي الْآيَةِ عَلَى أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : الْمُرَادُ الْوِرَاثَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ ، وَتَكُونُ الْكَلَالَةُ مَنْصُوبَةً عَلَى تَقْدِيرِ : يُورَثُ وِرَاثَةً كَلَالَةً . وَالثَّانِي : أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ ذَكَرًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ أُنْثَى ، كَمَا يُقَالُ : رَجُلٌ عَقِيمٌ ، وَامْرَأَةٌ عَقِيمٌ ، وَتَقْدِيرُهُ : يُورَثُ كَمَا يُورَثُ فِي حَالِ كَوْنِهِ كَلَالَةً ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ . وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ ، احْتَجُّوا بِقَوْلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةٌ ، وَلَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ . وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَالِ الْمَوْرُوثِ ، قَالَ الشِّيعَةُ : الْكَلَالَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ ، فَوَرَّثُوا الْإِخْوَةَ مَعَ الْأَبِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَهِيَ رِوَايَةٌ بَاطِلَةٌ لَا تَصِحُّ عَنْهُ ، بَلِ الصَّحِيحُ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ ، قَالَ : وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ ، قَالَ : وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْوَرَثَةِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ جَدٌّ هَلِ الْوَرَثَةُ كَلَالَةٌ أَوْ لَا ؟ فَمَنْ قَالَ : لَيْسَ الْجَدُّ أَبًا جَعَلَهَا كَلَالَةً ، وَمَنْ جَعَلَهُ أَبًا لَمْ يَجْعَلْهَا كَلَالَةً ، قَالَ الْقَاضِي : وَإِذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ بِنْتٌ فَالْوَرَثَةُ كَلَالَةٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْعَصَبَاتِ يَرِثُونَ مَعَ الْبِنْتِ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا تَرِثُ الْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ شَيْئًا ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ ، وَقَالَتِ الشِّيعَةُ : الْبِنْتُ تَمْنَعُ كَوْنَ الْوَرَثَةِ كَلَالَةً لِأَنَّهُمْ لَا يُوَرِّثُونَ الْأَخَ وَالْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ شَيْئًا ، وَيُعْطُونَ الْبِنْتَ كُلَّ الْمَالِ ، وَتَعَلَّقُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ تَوْرِيثَ النِّصْفِ لِلْأُخْتِ بِالْفَرْضِ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ ، فَعَدَمُ الْوَلَدِ شَرْطٌ لِتَوْرِيثِهَا النِّصْفَ فَرْضًا ، لَا لِأَجْلِ تَوْرِيثِهَا ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ عَدَمَ الْأَبِ فِي الْآيَةِ كَمَا ذَكَرَ عَدَمَ الْوَلَدِ ، مَعَ أَنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ لَا يَرِثَانِ مَعَ الْأَبِ ; لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَاعِدَةِ أَصْلِ الْفَرَائِضِ أَنَّ مَنْ أَدْلَى بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَ وُجُودِهِ إِلَّا أَوْلَادُ الْأُمِّ فَيَرِثُونَ مَعَهَا .

وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ فِي الْآيَةِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ مَنْ كَانَ مِنْ أَبَوَيْنِ ، أَوْ مِنْ أَبٍ عِنْدَ عَدَمِ الَّذِينَ مِنْ أَبَوَيْنِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينَ فِي أَوَّلِهَا الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ مِنَ الْأُمِّ . فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ .