فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ

باب وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ
[ سـ :3182 ... بـ :1630]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ

( قَوْلُهُ : فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ ؟ ) أَيْ هَلْ تُكَفِّرُ صَدَقَتِي عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :3183 ... بـ :1004]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَلِيَ أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ) .

قَوْلُهُ : ( افْتُلِتَتْ ) بِالْفَاءِ وَضَمِّ التَّاءِ أَيْ : مَاتَتْ بَغْتَةً وَفَجْأَةً ، وَالْفَلْتَةُ وَالِافْتِلَاتُ مَا كَانَ بَغْتَةً ، وَقَوْلُهُ : ( نَفْسُهَا ) بِرَفْعِ السِّينِ وَنَصْبِهَا هَكَذَا ضَبَطُوهُ وَهُمَا صَحِيحَانِ الرَّفْعُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي . وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ) مَعْنَاهُ : لِمَا عَلِمَهُ مِنْ حِرْصِهَا عَلَى الْخَيْرِ ، أَوْ لِمَا عَلِمَهُ مِنْ رَغْبَتِهَا فِي الْوَصِيَّةِ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الصَّدَقَةِ عَنْ الْمَيِّتِ وَاسْتِحْبَابُهَا ، وَأَنَّ ثَوَابَهَا يَصِلُهُ وَيَنْفَعُهُ ، وَيَنْفَعُ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا ، وَهَذَا كُلُّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ ، وَسَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْحِ ، فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ .

وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ التَّصَدُّقُ عَنْ مَيِّتِهِ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ ، بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ . وَأَمَّا الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ الثَّابِتَةُ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ وَجَبَ قَضَاؤُهَا مِنْهَا ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ أَمْ لَا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، سَوَاءٌ دُيُونُ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَبَدَلِ الصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَدَيْنِ الْآدَمِيِّ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ لَمْ يَلْزَمِ الْوَارِثَ قَضَاءُ دَيْنِهِ ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ قَضَاؤُهُ .