فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ التَّنْفِيلِ ، وَفِدَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَسَارَى

باب التَّنْفِيلِ وَفِدَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَسَارَى
[ سـ :3402 ... بـ :1755]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ سَاعَةٌ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ فَوَرَدَ الْمَاءَ فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيْهِ وَسَبَى وَأَنْظُرُ إِلَى عُنُقٍ مِنْ النَّاسِ فِيهِمْ الذَّرَارِيُّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا رَأَوْا السَّهْمَ وَقَفُوا فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ قَالَ الْقَشْعُ النِّطَعُ مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ فَقَالَ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ لِي يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ فَقُلْتُ هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ

قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ سَاعَةٌ ) هَكَذَا رَوَاهُ جُمْهُورُ رُوَاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ : ( بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ سَاعَةٌ ) وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ .

قَوْلُهُ : ( أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَرَّسْنَا ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ ) التَّعْرِيسُ : النُّزُولُ آخِرَ اللَّيْلِ . وَشَنَّ الْغَارَةَ : فَرَّقَهَا .

قَوْلُهُ : ( وَانْظُرْ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ ) أَيْ : جَمَاعَةٌ .

قَوْلُهُ : ( فِيهِمُ الذَّرَارِيُّ ) يَعْنِي : النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ .

قَوْلُهُ : ( وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ ) هُوَ بِقَافٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ ، وَفِي الْقَافِ لُغَتَانِ : فَتْحُهَا وَكَسْرُهَا ، وَهُمَا مَشْهُورَتَانِ ، وَفَسَّرَهُ فِي الْكِتَابِ بِالنِّطْعِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ .

قَوْلُهُ : ( فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابْنَتَهَا ) فِيهِ جَوَازُ التَّنْفِيلِ ، وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ : التَّنْفِيلُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ ، وَقَدْ يُجِيبُ عَنْهُ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ حَسَبَ قِيمَتَهَا لِيُعَوِّضَ أَهْلَ الْخُمُسِ عَنْ حِصَّتِهِمْ .

قَوْلُهُ : ( وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْكِنَايَةِ عَنِ الْوِقَاعِ بِمَا يُفْهِمُهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ ، فَقُلْتُ : هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ ) فِيهِ جَوَازُ الْمُفَادَاةِ ، وَجَوَازُ فِدَاءِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ الْكَافِرَاتِ .

وَفِيهِ جَوَازُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الْبَالِغِ ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ عِنْدَنَا .

وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِيهَابِ الْإِمَامِ أَهْلَ جَيْشِهِ بَعْضَ مَا غَنِمُوهُ لِيُفَادِيَ بِهِ مُسْلِمًا ، أَوْ يَصْرِفَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ يَتَأَلَّفُ بِهِ مَنْ فِي تَأَلُّفِهِ مَصْلَحَةٌ ، كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَا ، وَفِيِ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ .

وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْإِنْسَانِ لِلْآخَرِ : لِلَّهِ أَبُوكَ وَلِلَّهِ دَرُّكَ ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُ مَعْنَاهُ وَاضِحًا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ .