فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ

باب غَزْوَةِ الطَّائِفِ
[ سـ :3432 ... بـ :1778]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ الْأَعْمَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَقَالَ إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَصْحَابُهُ نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ فَغَدَوْا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا قَالَ فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَعْمَى الشَّاعِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ ) هَكَذَا فِي نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، وَهُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ الْقَاضِي : كَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْجُلُودِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْأُصُولِ عَنِ ابْنِ مَاهَانَ قَالَ : وَقَالَ الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ : صَوَابُهُ ( ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) كَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَكَذَا صَوَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ فَقَالَ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ ابْنَ عُقْبَةَ حَدَّثَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ . وَقَدْ ذَكَرَ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الْأَطْرَافِ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ ، ثُمَّ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عَمْرٍو ، وَأَضَافَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِلَى الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ جَمِيعًا ، وَأَنْكَرُوا هَذَا عَلَى خَلَفٍ ، وَذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي الْأَطْرَافِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، وَذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي كُتُبِ الْأَدَبِ عَنْ قُتَيْبَةَ ، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا فِي الْمَغَازِي عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : وَالْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَيْهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ هَكَذَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِالشَّكِّ ، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبُرْقَانِيُّ : الْأَصَحُّ ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ : وَلَيْسَ لِأَبِي الْعَبَّاسِ هَذَا فِي مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ فِي كِتَابِ السِّيَرِ عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَطْ .

قَوْلُهُ : ( حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا ، فَقَالَ : إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ أَصْحَابُهُ : نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَحْهُ ؟ فَقَالَ : اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ ، فَغَدَوْا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا ، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ الشَّفَقَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَالرِّفْقَ بِهِمْ بِالرَّحِيلِ عَنِ الطَّائِفِ لِصُعُوبَةِ أَمْرِهِ ، وَشِدَّةِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ فِيهِ ، وَتَقْوِيَتِهِمْ بِحِصْنِهِمْ ومَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَوْ رَجَا أَنَّهُ سَيَفْتَحُهُ بَعْدَ هَذَا بِلَا مَشَقَّةٍ كَمَا جَرَى ، فَلَمَّا رَأَى حِرْصَ أَصْحَابِهِ عَلَى الْمُقَامِ وَالْجِهَادِ أَقَامَ ، وَجَدَّ فِي الْقِتَالِ ، فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الْجِرَاحُ رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ قَصَدَهُ أَوَّلًا مِنَ الرِّفْقِ بِهِمْ فَفَرِحُوا بِذَلِكَ ; لِمَا رَأَوْا مِنَ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ ، وَلَعَلَّهُمْ نَظَرُوا فَعَلِمُوا أَنَّ رَأْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَرْكُ وَأَنْفَعُ وَأَحْمَدُ عَاقِبَةً ، وَأَصْوَبُ مِنْ رَأْيِهِمْ ، فَوَافَقُوا عَلَى الرَّحِيلِ ، وَفَرِحُوا فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا مِنْ سُرْعَةِ تَغَيُّرِ رَأْيِهِمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .