فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ غَزْوَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ

باب غَزْوَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ
[ سـ :3478 ... بـ :1809]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا فَكَانَ مَعَهَا فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا الْخِنْجَرُ قَالَتْ اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنْ الطُّلَقَاءِ انْهَزَمُوا بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ أُمِّ سُلَيْمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ

قَوْلُهُ : ( أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ( يَوْمَ حُنَيْنٍ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالنُّونَيْنِ ، وَفِي بَعْضِهَا : ( يَوْمَ خَيْبَرَ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ ، وَالْخِنْجَرُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِهَا ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي الشَّرْحِ إِلَّا الْفَتْحَ ، وَذَكَرَهُمَا مَعًا فِي الْمَشَارِقِ ، وَرَجَّحَ الْفَتْحَ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَ الْكَسْرِ ، فَهُمَا لُغَتَانِ ، وَهِيَ سِكِّينٌ كَبِيرَةٌ ذَاتُ حَدَّيْنِ ، وَفِي هَذَا : الْغَزْوُ بِالنِّسَاءِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ .

قَوْلُهَا : ( بَقَرْتُ بَطْنَهُ ) أَيْ شَقَقْتُهُ .

قَوْلُهَا : ( اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ ، وَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، سُمُّوا بِذَلِكَ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَطْلَقَهُمْ ، وَكَانَ فِي إِسْلَامِهِمْ ضَعْفٌ ، فَاعْتَقَدَتْ أُمُّ سَلِيمٍ أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ ، وَأَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا الْقَتْلَ بِانْهِزَامِهِمْ وَغَيْرِهِ . وَقَوْلُهَا : ( مَنْ بَعْدَنَا ) أَيْ : مَنْ سِوَانَا .




[ سـ :3479 ... بـ :1810]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى

قَوْلُهُ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ ، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى ) فِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِنَّ فِي السَّقْيِ وَالْمُدَاوَاةِ وَنَحْوِهِمَا ، وَهَذِهِ الْمُدَاوَاةُ لِمَحَارِمِهِنَّ وَأَزْوَاجِهِنَّ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا لِغَيْرِهِمْ لَا يَكُونُ فِيهِ مَسُّ بَشَرَةٍ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ .




[ سـ :3480 ... بـ :1811]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ نَاسٌ مِنْ النَّاسِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ قَالَ وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ وَكَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنْ النَّبْلِ فَيَقُولُ انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ قَالَ وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَا تُشْرِفْ لَا يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا ثُمَّ تَجِيئَانِ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا مِنْ النُّعَاسِ

قَوْلُهُ : ( أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِ الْقَافِ مَنْسُوبٌ إِلَى مِنْقَرِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ مُقَاعِسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ .

قَوْلُهُ : ( مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ ) أَيْ : مُتَرِّسٌ عَنْهُ لِيَقِيَهُ سِلَاحَ الْكُفَّارِ .

قَوْلُهُ : ( كَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ ) أَيْ شَدِيدَ الرَّمْيِ .

قَوْلُهُ : ( الْجَعْبَةُ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ .

قَوْلُهُ : ( أَرَى خَدَمَ سُوقِهَا ) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ، الْوَاحِدَةُ خِدْمَةٌ ، وَهِيَ الْخَلْخَالُ ، وَأَمَّا السُّوقُ : فَجَمْعُ سَاقٍ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لِلْخَدَمِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَهْيٌ ; لِأَنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ قَبْلَ أَمْرِ النِّسَاءِ بِالْحِجَابِ ، وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا أَنَّهُ تَعَمَّدَ النَّظَرَ إِلَى نَفْسِ السَّاقِ ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَتْ تِلْكَ النَّظْرَةُ فَجْأَةً بِغَيْرِ قَصْدٍ وَلَمْ يَسْتَدِمْهَا .

قَوْلُهُ : ( نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ ) هَذَا مِنْ مَنَاقِبِ أَبِي طَلْحَةَ الْفَاخِرَةِ .

قَوْلُهُ : ( عَلَى مُتُونِهِمَا ) أَيْ : عَلَى ظُهُورِهِمَا .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَاطُ النِّسَاءِ فِي الْغَزْوِ بِرِجَالِهِنَّ فِي حَالِ الْقِتَالِ لِسَقْيِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ .