فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ كَرَاهَةِ الِاسْتِعَانَةِ فِي الْغَزْوِ بِكَافِرٍ

باب كَرَاهَةِ الِاسْتِعَانَةِ فِي الْغَزْوِ بِكَافِرٍ
[ سـ :3492 ... بـ :1817]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَتْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلِقْ

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحِرَّةِ الْوَبَرَةِ ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ ، قَالَ : وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِإِسْكَانِهَا ، وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ) وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( قَبْلَ إِسْلَامِهِ ) فَأَخَذَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى إِطْلَاقِهِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ : إِنْ كَانَ الْكَافِرُ حَسَنَ الرَّأْيِ فِي الْمُسْلِمِينَ ، وَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِ اسْتُعِينَ بِهِ ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ ، وَحَمَلَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ ، وَإِذَا حَضَرَ الْكَافِرُ بِالْإِذْنِ رُضِخَ لَهُ ، وَلَا يُسْهَمُ لَهُ ، هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورِ ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ : يُسْهَمُ لَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ثُمَّ مَضَى حتى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ( حَتَّى إِذَا كُنَّا ) فَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مَعَ الْمُوَدِّعِينَ ، فَرَأَتْ ذَلِكَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ بِقَوْلِهِا : ( كُنَّا ) كَانَ الْمُسْلِمُونَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .