فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مَنْ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ

باب مَنْ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ
[ سـ :3617 ... بـ :1891]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قِيلَ : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ ) قَالَ الْقَاضِي : فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى : يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِمَنْ قَتَلَ كَافِرًا فِي الْجِهَادِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مُكَفِّرًا لِذُنُوبِهِ حَتَّى لَا يُعَاقَبَ عَلَيْهَا ، أَوْ يَكُونُ بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ ، أَوْ حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِقَابُهُ إِنْ عُوقِبَ بِغَيْرِ النَّارِ كَالْحَبْسِ فِي الْأَعْرَافِ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَوَّلًا ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ ، أَوْ يَكُونَ إِنْ عُوقِبَ بِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ عِقَابِ الْكُفَّارِ ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي إِدْرَاكِهَا ، قَالَ : وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : ( اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ) فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اجْتِمَاعٌ مَخْصُوصٌ ، قَالَ : وَهُوَ مُشْكِلُ الْمَعْنَى ، وَأَوْجَهُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ : أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَقْتٍ إِنِ اسْتَحَقَّ الْعِقَابَ ، فَيُعَيِّرُهُ بِدُخُولِهِ مَعَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْفَعْهُ إِيمَانُهُ وَقَتْلُهُ إِيَّاهُ ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ هَذَا فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ ، لَكِنْ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : ( مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ ) مُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا سَدَّدَ ـ وَمَعْنَاهُ اسْتَقَامَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى وَلَمْ يَخْلِطْ ـ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ أَصْلًا ، سَوَاءٌ قَتَلَ كَافِرًا أَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ ، قَالَ الْقَاضِي : وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : ( ثُمَّ سَدَّدَ ) عَائِدًا عَلَى الْكَافِرِ الْقَاتِلِ ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ السَّابِقِ : ( يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ ) وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ تَغَيَّرَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، وَأَنَّ صَوَابَهُ ( مُؤْمِنٌ قَتَلَهُ كَافِرٌ ثُمَّ سَدَّدَ ) وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : ( لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ) أَيْ : لَا يَدْخُلَانِهَا لِلْعِقَابِ ، وَيَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءً مِنِ اجْتِمَاعِ الْوُرُودِ ، وَتَخَاصُمِهِمْ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ ، هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي .