فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ فَضْلِ إِعَانَةِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَرْكُوبٍ وَغَيْرِهِ ، وَخِلَافَتِهِ

باب فَضْلِ إِعَانَةِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَرْكُوبٍ وَغَيْرِهِ وَخِلَافَتِهِ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ
[ سـ :3620 ... بـ :1893]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي فَقَالَ مَا عِنْدِي فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ح وَحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ

قَوْلُهُ : ( أُبْدِعَ بِي ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ( بُدِّعَ بِي ) بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُورِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ ، قَالَ : وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ ، وَمَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَآخَرُونَ بِالْأَلِفِ ، وَمَعْنَاهُ : هَلَكَتْ دَابَّتِي ، وَهِيَ مَرْكُوبِي .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) فِيهِ : فَضِيلَةُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ ، وَالْمُسَاعَدَةِ لِفَاعِلِهِ ، وَفِيهِ : فَضِيلَةُ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَوَظَائِفِ الْعِبَادَاتِ ، لَا سِيَّمَا لِمَنْ يَعْمَلُ بِهَا مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ وَغَيْرِهِمْ ، وَالْمُرَادُ بِمِثْلِ أَجْرِ فَاعِلِهِ . أَنَّ لَهُ ثَوَابًا بِذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَا أَنَّ لِفَاعِلِهِ ثَوَابًا ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً .




[ سـ :3621 ... بـ :1894]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ قَالَ ائْتِ فُلَانًا فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ أَعْطِنِي الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ قَالَ يَا فُلَانَةُ أَعْطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزْتُ بِهِ وَلَا تَحْبِسِي عَنْهُ شَيْئًا فَوَاللَّهِ لَا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدَ الْغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ بِهِ ، قَالَ : ائْتِ فُلَانًا فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ . . . إِلَى آخِرِهِ ) فِيهِ : فَضِيلَةُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْخَيْرِ . وَفِيهِ : أَنَّ مَا نَوَى الْإِنْسَانُ صَرْفَهُ فِي جِهَةِ بِرٍّ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْجِهَةُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَذْلُهُ فِي جِهَةٍ أُخْرَى مِنَ الْبِرِّ ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ بِالنَّذْرِ .




[ سـ :3622 ... بـ :1895]
وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الطَّاهِرِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا ) أَيْ : حَصَلَ لَهُ أَجْرٌ بِسَبَبِ الْغَزْوِ ، وَهَذَا الْأَجْرُ يَحْصُلُ بِكُلِّ جِهَادٍ ، وَسَوَاءٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ ، وَلِكُلِّ خَالِفٍ لَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ مِنْ قَضَاءِ حَاجَةٍ لَهُمْ ، وَإِنْفَاقٍ عَلَيْهِمْ ، أَوْ مُسَاعَدَتِهِمْ فِي أَمْرِهِمْ ، وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ الثَّوَابِ بِقِلَّةِ ذَلِكَ وَكَثْرَتِهِ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : الْحَثُّ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى مَنْ فَعَلَ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ ، أَوْ قَامَ بِأَمْرٍ مِنْ مُهِمَّاتِهِمْ .




[ سـ :3624 ... بـ :1896]
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي لَحْيَانَ مِنْ هُذَيْلٍ فَقَالَ لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَحَدَّثَنِيهِ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ بَعْثًا بِمَعْنَاهُ وَحَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي لِحْيَانَ مِنْ هُذَيْلٍ فَقَالَ : لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا ) أَمَّا ( بَنُو لِحْيَانَ ) فَبِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا ، وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ بَنِي لِحْيَانَ كَانُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كُفَّارًا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بَعْثًا يَغْزُونَهُمْ ، وَقَالَ لِذَلِكَ الْبَعْثِ : لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ نِصْفُ عَدَدِهَا ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا . وَأَمَّا كَوْنُ الْأَجْرِ بَيْنَهُمَا ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا خَلَفَ الْمُقِيمُ الْغَازِيَ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ كَمَا شَرَحْنَاهُ قَرِيبًا ، وَكَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَاقِي الْأَحَادِيثِ .

قَوْلُهُ : فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ : ( أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ ) هُوَ بِالرَّاءِ ، وَاسْمُهُ : سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْنَصْرِيُّ - بِالنُّونِ - الْمَدَنِيُّ ، مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِي ، وَيُقَالُ : مَوْلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ ، وَيُقَالُ : مَوْلَى دَوْسٍ ، وَيُقَالُ لَهُ : سَالِمُ سَبَلَاتٍ ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ ، وَهُوَ سَالِمُ الْبُرْدِ بِالرَّاءِ وَآخِرُهُ دَالٌ ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى النَّصْرِيِّينَ بِالنُّونِ ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادٍ ، وَهُوَ سَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرَبَيْنِ ، وَهُوَ سَالَمٌ مَوْلَى دَوْسٍ ، وَهُوَ سَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيُّ . وَلِسَالِمٍ هَذَا نَظَائِرُ فِي هَذَا ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ أَسْمَاءٌ أَوْ صِفَاتٌ وَتَعْرِيفَاتٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ إِنْسَانٍ بِوَاحِدٍ مِنْهَا ، وَصَنَّفَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ فِي هَذَا كِتَابًا حَسَنًا وَصَنَّفَ فِيهِ غَيْرُهُ .